قبل عرضه بساعات في مهرجان الجونة.. قصة فيلم «الرجل الذي لم يستطع أن يبقى صامتا» (خاص)
يقدم المخرج نيبوشا سلييبسيفيتش في فيلمه "الرجل الذي لم يستطع أن يبقى صامتا" تصويرًا مؤثرًا لعمل بطولي تاريخي.
يأخذ الفيلم، الذي يفتتح المهرجان، المشاهد في رحلة مشحونة بالتوتر، حيث تتمحور حول بطل يقف أمام الظلم، ليدعونا الفيلم للتساؤل عن ردود أفعالنا الشخصية تجاه مثل تلك المواقف.
في خلال 14 دقيقة فقط، استطاع سلييبسيفيتش أن يقدم تحية بليغة لبطل من التاريخ، ويجعل الحدث الذي دفعه إلى هذا الفعل متجذرًا في سياق إنساني عام.
الفيلم، وهو إنتاج مشترك بين فرنسا وكرواتيا بشكل أساسي، يعود إلى حادثة وقعت في فبراير/شباط 1993 في شتربتسي، البوسنة والهرسك.
عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان كان السينمائي الـ77، حيث يتنافس على جائزة السعفة الذهبية للأفلام القصيرة.
في أجواء شبه خانقة داخل قطار للركاب، تبدأ الكاميرا تدريجيًا في كشف أبعاد الموقف الذي نعيشه.
يجبر القطار على التوقف بواسطة مجموعة شبه عسكرية، تبحث عن خونة أو فارين. منذ البداية، تركز الكاميرا على وجه غير ملحوظ لرجل استيقظ فجأة من نومه بسبب توقف القطار.
هذا الرجل، الذي نتوقع أن يكون البطل، يلفت انتباه الكاميرا التي تنتقل ببطء من وجه إلى آخر داخل القطار، حيث يبدأ الركاب في إدراك خطورة الوضع.
التركيز على الوجوه عن قرب يخلق حالة من التوتر الواضح، ويضع الشخصيات في مواجهة مباشرة مع مشاعرهم. بينما يكشف الفيلم عن القوى المحيطة، يبدأ المشاهد في التساؤل: من سيتحرك، ومتى وكيف سيتخذون موقفًا؟.
يتبادل الشخصية الرئيسية كلمات قليلة مع راكب يجلس أمامه، والذي يعترف بعدم امتلاكه أوراقًا رسمية لعرضها على أفراد الميليشيا الذين صعدوا إلى القطار.
منذ هذه اللحظة، يبدو أن مصير الراكب قد تحدد، وكأن السيف بات على وشك السقوط. يصل أحد أفراد الميليشيا، الذي يؤدي دوره أليكسيس مانينتي باحترافية، إلى عربة القطار ويطلب من الركاب تقديم هوياتهم. حينما يكتشف الشخص الذي لا يملك أوراقًا، يأمره بالنزول.
تظل الكاميرا مشدودة على وجوه الركاب الآخرين مع تصاعد التوتر، ويتوقع المشاهد لحظة تدخل البطل. لكن، بلفتة غير متوقعة، يتطوع راكب آخر ليحل محل الرجل المهدد.
في النهاية، يكشف النص الختامي أن هذا الرجل كان شخصية حقيقية تدعى تومو بوزوف (1940-1993)، وأن الفيلم مهدى إليه.
وفي إيماءة فنية باردة ومضبوطة، ينجح سلييبسيفيتش في تحقيق هدفه، بأن يجعلنا نتساءل عن مدى استعدادنا للتحرك في وجه الظلم. بالرغم من أن البطل الفعلي يبقى تقريبًا خارج إطار الشاشة، إلا أن تضحيته تجعله أكثر بروزًا وتأثيرًا في نفوسنا.