شركات "تمويل القضايا مقابل حصة من التعويض" تجارة رائجة في "وول ستريت"
الشركات توفر السيولة لمدّع أو متّهم ليتسنّى له تغطية نفقات المحاكمة من أتعاب المحامين والخبراء في مقابل جزء من التعويضات.
تشهد الولايات المتحدة ازدهار شركات استثمار تقوم على تمويل إجراءات قضائية في مقابل الحصول على حصة من التعويضات المحتملة في حال الفوز بالقضايا، فالمراهنة على خاتمة محاكمة ما قد تدرّ أرباحا طائلة في بورصة "وول ستريت".
وتقضي الفكرة بتوفير السيولة لمدّع أو متّهم ليتسنّى له تغطية نفقات المحاكمة، من أتعاب المحامين والخبراء، في مقابل جزء من التعويضات في حال فوزه بالدعوى أو إبرامه اتفاقا بالتراضي.
وهذه الممارسات شائعة في أستراليا منذ نحو 20 عاما وباتت في الفترة الأخيرة رائجة في الولايات المتحدة.
وراح عدد متزايد من شركات الاستثمار الكبيرة، كصناديق التحوّط أو المعاشات التقاعدية، يوفّر موارد مالية لشركات مهمّتها اختيار محاكمات تتيح فرصا كبيرة.
ويقول رالف ساتن الخبير في القطاع الذي أطلق شركته الخاصة "فاليديتي فاينانس" في يونيو/حزيران 2018 إنه "من الصعب جدّا أن تواجه شركة صغيرة أخرى أكبر حجما بكثير".
ويسمح تمويل النزاعات القضائية "النظر في القضايا على أساس الأهلية وليس بحسب موارد أحد الطرفين"، بحسب ما يوضح ساتن الذي جمع 250 مليون دولار لإطلاق أنشطة شركته.
دعم مالي بكبسة زرّ
يمكن لمستثمرين مرخّص لهم أن يختاروا عبر منصة "ليكس شيرز" الإلكترونية التي أنشئت سنة 2014 القضية التي يرغبون في المراهنة على خاتمتها في جملة القضايا التجارية المعروضة، من انتهاك براءات أو فسخ عقود أو سرقة أسرار صناعية.
ويمكن للشركات التي تقدّمت بشكاوى أن تطلب، بكبسة زرّ على الموقع، موارد من المستثمرين، وتتولّى "ليكس شيرز" غربلة القضايا وتختار تلك التي تراها جديرة بأن تدافع عنها.
ويقول مؤسسها جاي غرينبرغ: "طوّرنا برمجية تنقل نصّ الشكاوى المرفوعة إلى القضاء وتحلّلها بناءً على 17 معيارا".
وبعد هذه المرحلة الأولية المؤتمتة، يتولّى فريق من الحقوقيين تقييم القضية ويتحقّق من جدارة جهة الدفاع ومن أن المتّهم في وسعه تكبّد التعويضات في حال اقتضى الحكم ذلك.
ومن بين القضايا الثمانين التي مولّتها "ليكس شيرز" حتّى السلعة بمبالغ تتراوح قيمتها بين 35 ألفا و4 ملايين دولار، تمّ البتّ في 24 منها وتكلّل 20 بالفوز.
وقد يخسر المستثمر كلّ الأموال التي طرحها، وتقدّر العائدات على الأموال المستثمرة بنحو 65% كلّ سنة، بحسب جرينبرج.
وكثيرون هم الذين يرغبون في خوض هذا المجال، ومع كلّ قضية جديدة تطرح على الموقع "تحشد الأموال في خلال بضع ساعات"، بحسب ما يؤكد غرينبرغ.
ملاحقات سخيفة
من الصعب تقييم نطاق هذا القطاع إذ إن الشركات المتخصصة في شؤونه تبقى عادة متكتمة على القضايا التي تموّلها.
لكن السوق كبيرة بلا شكّ في مجتمع أمريكي تكثر فيه الملاحقات القضائية.
وبحسب تقديرات مجموعة "آي إم إف بنثام"، تبلغ النفقات في مجال الخطط القانونية 357.6 مليار دولار في السنة في الولايات المتحدة، في مقابل 54.9 مليار في بريطانيا و25.72 مليار في كندا و19.7 مليار في أستراليا.
لكن انتقاء القضايا ليس بالمهمة السهلة، فـ"آي إم إف بنثام" لم تموّل إلا أربعة ملفات قضائية جديدة في النصف الثاني من عام 2018 في الولايات المتحدة، لكنها حشدت لهذا الغرض 500 مليون دولار إضافي.
غير أن هذا النوع الجديد من الاستثمارات لا يلقى استحسانا واسعا، إذ يخشى كثيرون أن يؤدي تدفّق الأموال إلى تكاثر الملاحقات السخيفة.
وتسعى غرفة التجارة الأمريكية خصوصًا إلى إلزام المشتكين الحائزين هذا النوع من الدعم المالي بالكشف عن مصادر تمويلهم.
تعد مايا شتاينز أستاذة الحقوق في جامعة هارفرد أن توفير الموارد المالية اللازمة لأصحاب الشكاوى أمر مفيد لإحقاق العدالة.
لكنها تلفت إلى أن "التشريعات الناظمة للقطاع لا تزال قليلة راهنا"، معربة عن خشيتها من "استغلال هذه الأموال بنيّة سيئة".