صفقة الصيد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.. الانتقادات تحاصر «ستارمر»

في مساعيه للتقرب من الكتلة بعد 5 سنوات من الانفصال والتوتر، أبرم رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، صفقة صيد أسماك جديدة مع بروكسل.
مدة هذه الصفقة مع الاتحاد الأوروبي هي 12 عامًا، وهي صفقة اعتبرها منتقدوه "استسلامًا لبروكسل"، لما تمثّله من تنازلات طويلة الأجل قد تُقيّد الحكومات البريطانية المستقبلية.
وقال تقرير لصحيفة تليغراف البريطانية إن الحكومة المقبلة رغم أنها ستكون قادرة من الناحية الفنية على إلغاء الاتفاق، إلا أن ذلك سيمنح الاتحاد الأوروبي الحق في فرض رسوم جمركية انتقامية قاسية على الصادرات البريطانية، وفق ما أُطلق عليه "بند الإصلاح" (Reform Clause). إذا منعت بريطانيا أو تصدت لوصول الصيادين الأوروبيين إلى مياهها قبل 30 يونيو/حزيران 2038.
انتقادات
أثار القرار غضبًا واسعًا في صفوف الساسة البريطانيين ومجتمعات الصيد الساحلية، التي كانت قد دعمت بريكست على أمل استعادة السيطرة الكاملة على المياه البريطانية. وقالت فيكتوريا أتكينز، وزيرة البيئة في حكومة الظل، إن الصفقة أسوأ مما كان متوقعًا وإن "العمال قرروا التضحية بصناعة الصيد البريطانية".
ومع أن الصيد يمثل جزءًا صغيرًا من الاقتصاد البريطاني، إلا أن له أهمية سياسية رمزية. وقد يشكّل مصير هذه الصناعة عاملًا حاسمًا في الدوائر الانتخابية الهامشية بين حزبي العمال والإصلاح، خصوصًا في مناطق مثل غريمسبي وكليفوربس، حيث تفوق حزب الإصلاح في الانتخابات المحلية الأخيرة.
من جهته، تعهد نايجل فاراج، زعيم الحزب، بإلغاء الاتفاق، الذي وصفه بالاستسلام لبروكسل، إذا أصبح رئيسًا للوزراء بعد انتخابات 2029، معتبرًا أن الصفقة ستقضي على قطاع الصيد البريطاني بالكامل وتمنع أي استثمارات جديدة فيه. ووصف بريطانيا بأنها أصبحت "جزيرة بلا صناعة صيد".
وقد واجهت الصفقة انتقادات حادة من الساسة في حزب المحافظين أيضًا، خاصةً وأن ستارمر رفض خيار المفاوضات السنوية مع الاتحاد الأوروبي، وبدلًا من ذلك، فضّل منح وصول مضمون للصيادين الأوروبيين لمدة 12 سنة. وكان رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون قد أبرم صفقة مع الاتحاد الأوروبي عام 2020 تقضي بالسماح بالصيد في المياه البريطانية لمدة 5 سنوات فقط، مع نية للانتقال لاحقًا إلى مفاوضات سنوية.
وبحسب ما ورد، فإن الاتفاق الجديد سيُضيف 9 مليارات جنيه للاقتصاد البريطاني بحلول 2040، من خلال تعزيز التكامل مع أسواق الغذاء والطاقة والصحة النباتية الحيوانية في الاتحاد الأوروبي.
اتفاقيات إضافية
وتضمّن الاتفاق الذي توصلت إليه اليوم لندن وبروكسل حزمة من الشراكات الجديدة مع الاتحاد الأوروبي، منها اتفاقية دفاع وأمن تسمح لبريطانيا بالمشاركة في صندوق "SAFE" الأوروبي بقيمة 150 مليار يورو، وهو مخصص لإعادة تسليح الدول الأعضاء ردًا على التهديد الروسي، خاصة في ظل خطط أمريكية لسحب قواتها من أوروبا.
كما تم الاتفاق على خطة "تنقل شبابي" بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي تتيح للشباب دون سن الثلاثين التنقل بحرية للعمل أو الدراسة، على أن تكون محدودة زمنيًا وغير مرتبطة بإعادة تفعيل حرية التنقل الكاملة. ومع ذلك، أثارت هذه الخطة انتقادات من بعض نواب حزب العمال، الذين اعتبروها مخالفة لتعهد ستارمر بخفض الهجرة الصافية بشكل كبير.
وتتضمن الصفقة أيضًا تسهيلات للمسافرين البريطانيين عبر السماح لهم باستخدام بوابات إلكترونية في المطارات الأوروبية لتقليل أوقات الانتظار، فضلًا عن تعزيز التعاون الأمني، وتبادل بيانات بصمات الأصابع، ما سيوفر للسلطات البريطانية وصولًا لبيانات بيومترية أوروبية.
لكن بحسب تقرير الصحيفة، فإن إحدى أبرز التنازلات تمثلت في موافقة بريطانيا على "الاصطفاف الديناميكي" مع قوانين الاتحاد الأوروبي في مجالات الأغذية والصحة الحيوانية والنباتية، وهي خطوة تعني أن المملكة المتحدة ستقبل تلقائيًا التحديثات المستقبلية في هذه اللوائح دون مشاركتها في صياغتها. وعلى الرغم من أن هذا الأمر سيسهّل الصادرات الغذائية البريطانية ويقلّل فحوصات الجمارك، إلا أنه يمثل عودة جزئية لسلطة بروكسل على المملكة المتحدة، الأمر الذي كانت بريكست تهدف إلى إنهائه.
aXA6IDMuMTIuMTYwLjE1MCA= جزيرة ام اند امز