بعد «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».. هل تخفض «موديز» تصنيف فرنسا الائتماني؟
تستعد وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية موديز، اليوم الجمعة، لإعلان تقييمها الجديد لجدارة الدين السيادي الفرنسي.
يأتي ذلك في وقتٍ تواجه فيه باريس تراكمًا في الديون وتوترًا سياسيًا غير مسبوق، ما قد يدفع نحو خفض تصنيفها للمرة الثالثة هذا العام بعد خطوتي "فيتش" و"ستاندرد آند بورز".
وتحتفظ فرنسا حاليًا بتصنيف Aa3 مع نظرة مستقرة لدى "موديز"، إلا أن تزايد المخاطر المالية وانعدام القدرة السياسية على تنفيذ إصلاحات هيكلية يجعلان خيار الخفض، أو على الأقل تعديل النظرة إلى "سلبية"، أمرًا مرجحًا، بحسب صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.
من أزمة سياسية إلى مأزق مالي
وتأتي هذه التطورات بعد قرار وكالة فيتش في 12 سبتمبر/أيلول خفض تصنيف فرنسا من AA- إلى A+، مشيرة إلى سقوط حكومة بايرو و"ضعف قدرة النظام السياسي على تطبيق خطة تصحيح مالي واسعة".
أما وكالة ستاندرد آند بورز (S&P)، فقد فاجأت الأسواق الأسبوع الماضي بإعلان مفاجئ يقضي بخفض تصنيف فرنسا إلى A+ أيضًا، مبررة ذلك بـ"الغموض الذي يكتنف المالية العامة" و"قرار الحكومة الجديدة تعليق إصلاح نظام التقاعد"، وهو أحد الشروط التي فرضها الحزب الاشتراكي لعدم إسقاط الحكومة.
ديون قياسية ونمو متراجع
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الفرنسي لعام 2026 من 1.4% إلى 0.9%، وهو ما سيؤدي إلى تراجع الإيرادات الضريبية وارتفاع عجز الموازنة، في ظل دين عام بلغ 3.4 تريليون يورو، أي 116% من الناتج المحلي الإجمالي.
ووفق تقديرات "ستاندرد أند بورز"، قد ترتفع النسبة إلى 121% بحلول عام 2028، ما يجعل الأهداف المالية التي وضعتها باريس قبل عام مع بروكسل -بخفض الدين إلى 116.5% في 2027- شبه مستحيلة التحقيق.
رغم ذلك، يؤكد وزير الاقتصاد والمالية رولان ليسكور أن الحكومة "تحترم هدف العجز المحدد بـ -5.4% في 2025"، بينما تبقى الشكوك قائمة حول موازنة 2026.
خلافات حول المصداقية والإصلاح
يرى الخبير الاقتصادي نوربرت غايار أن وكالات التصنيف "لا تتوهم بشأن قدرة فرنسا على خفض العجز بسرعة"، مشككًا في إمكانية العودة إلى حد العجز الأوروبي (3%) قبل عام 2029.
في المقابل، تدافع الحكومة عن سياساتها، قائلة إنها "لم تؤجل الإصلاحات بل ضاعفت الجهود"، معتبرة أن التزامها المالي "يجب أن يُقرأ كإشارة إيجابية للشركاء والمستثمرين".
رد فعل الأسواق والمستثمرين
رحب المستثمرون مؤقتًا باستقرار الحكومة بعد تعليق إصلاح التقاعد حتى عام 2028، وهو ما خفّف الضغط على عوائد السندات الفرنسية لعشر سنوات.
لكن هذا القرار نفسه يُعد عاملًا سلبيًا في تقييم "موديز"، التي كانت قد حذّرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي من أن "التراجع عن الإصلاحات سيكون سلبيًا على التصنيف إذا أثر سلبًا على النمو أو على المسار المالي للدولة".
وتشير التقديرات إلى أن تكلفة تأجيل الإصلاح ستبلغ نحو 100 مليون يورو في 2026، لترتفع إلى 1.4 مليار يورو في 2027.
خفض التصنيف.. تكلفة إضافية على الديون
وبدأ المستثمرون فعلًا رفع علاوة المخاطر على السندات الفرنسية، إلا أن أي خفض إضافي من موديز قد يؤدي إلى تراجع الطلب الدولي على الديون الفرنسية، خاصة من مؤسسات كبرى مثل صندوق SAFE الصيني، الذي يُعد من أبرز حاملي السندات الفرنسية.
ويحذر أحد كبار المصرفيين الفرنسيين: "إذا خفضت موديز التصنيف، فإن بعض الصناديق السيادية مثل SAFE لن تتمكن من شراء المزيد من السندات الفرنسية، ما سيؤدي إلى ارتفاع الفوائد وزيادة كلفة خدمة الدين".
وتُقدَّر فاتورة خدمة الدين الفرنسي بـ55 مليار يورو في عام 2025، وقد تتضخم أكثر في حال قررت "موديز" السير على خطى منافستيها.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTgg جزيرة ام اند امز