بالدموع والزغاريد.. مصر تزف للسماء أصغر ضحايا الكنيسة
فتيات يرتدين ثيابا بيضاء وعشرات التلاميذ اصطفوا لتوديع جثمان الضحية الـ27 للتفجير الإرهابي الذي استهدف مبنى الكنيسة البطرسية.
كعروس تتهيأ لليلة العرس، بدا المشهد عصر اليوم في مراسم وداع الطفلة ماجي مؤمن، أصغر ضحايا التفجير الإرهابي، الذي استهدف الكنيسة البطرسية بالقاهرة يوم 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
ورغم الحزن الذي خيم على محيط المكان، إلا أن الأم المكلومة التي فقدت طفلتها الصغيرة، تؤمن أن ابنتها وإن كانت قد فارقت الدنيا، إلا أن الملائكة ستزفها اليوم إلى السماء، ولهذا السبب أصرت أن يتم تزيين الكنيسة وقاعة الصلاة بالورود وأن يرتدي الجميع اللون الأبيض بدلا من الأسود، وأن تقام الجنازة في قاعة ملاصقة لقاعة الكنيسة البطرسية وسط القاهرة، التي وقع فيها التفجير الإرهابي.
واستجابة لطلب الأم، ارتدى عشرات التلاميذ في المرحلة الابتدائية ثيابا بيضاء، واصطفوا على جانبي مداخل الكنيسة البطرسية، أثناء لحظات وصول وتوديع جثمان الطفلة، وهي الضحية الـ27 للتفجير الإرهابي الذي استهدف مبنى الكنيسة.
وفي أجواء خيم عليها الحزن الشديد والصمت بين أهالي وأصدقاء الطفلة "ماجي مؤمن" التي توفيت صباح الثلاثاء متأثرة بإصابتها جراء التفجير الإرهابي، رفُعت أعلام مصر ودقت أجراس الكنيسة مع أصوات لموسيقى فريق الكشافة التي اعتيد على عزفها في المناسبات الكنسية، ليدخل جثمان الشهيدة ماجي التي لم يتجاوز عمرها 10 سنوات، إلى قاعة صغيرة تبعد أمتارا قليلة عن موقع الحادث الإرهابي بالكنيسة البطرسية، لتبدأ صلاة الجنازة على جثمان الضحية، بحضور أسرتها وأصدقائها وعدد من أساقفة الكنيسة المصرية.
وطوال ساعات الانتظار، ظهر على وجوه زملاء ماجي بالصف الرابع الابتدائي، الذين أنهوا يومهم الدراسي مبكرا لحضور الجنازة، ملامح الصدمة والذهول وعدم التصديق أن اليوم الوداع الأخير لواحدة من أقرب زملائهم وأصدقائهم بالمدرسة، لينهار الأطفال الصغار عند لحظة دخول الجثمان، ويخيم الحزن الشديد على وجوه معلمات الطفلة الصغيرة بمدرسة رمسيس للبنات.
وفي وقت قليل، امتلأت الكنيسة والطرق المؤدية إليها، بالمعزين والأقارب والأصدقاء، ليحضر عدد من أساقفة الكنيسة المصرية والآباء الكهنة بالكنيسة البطرسية، وترأس صلاة الجنازة الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأسقف عام كنائس وسط القاهرة، والأنبا أرميا الأسقف العام.
وفي كلمة الأنبا رافائيل، قدم التعزية لأسرة الضحية، متمنيا الشفاء لباقي المصابين، وتقدم بالشكر للحضور من المسلمين والمسيحيين، مشيدا بموقف أسرة ماجي وقدرتهم على تخطي الآلام الجمة التي ألمت بهم، واصفا الضحية الصغيرة بالنموذج الحقيقي للبراءة والمحبة.
وأعلن نادي وادي دجلة الحداد لوفاة ماجي مؤمن، لاعبة كرة الطائرة بالنادي، وتوقفت جميع الأنشطة الرياضية اليوم الثلاثاء.
وعرف عن الطفلة ماجي روحها المرحة ونشاطها الدائم في المدرسة والكنيسة والنادي، واعتادت المشاركة في فرق التمثيل والمسرح بالمدرسة والكنيسة، كما شاركت في بطولات لكرة الطائرة؛ حيث نشأت ماجي في أسرة نبيلة الأخلاق، كما وصف أحد الموجودين والديها، وغرسا في شخصية ماجي وأختها الصغيرة النجاح والتفوق والمحبة مع الجميع.
ويقول أحد أصدقاء ماجي، لبوابة "العين" الإخبارية، رافضا ذكر اسمه: "إن ماجي كانت نشيطة ومرحة، تحب الناس جميعا، فجاءت الجموع ليوم وداعها".
وبصوت مليء بالحزن، يذكر أنهما تشاركا في أدوار تمثيلية بإحدي المسرحيات منذ 3 سنوات، ليشيد بشخصية وطباع الطفلة ماجي، قائلًا: "كانت منطلقة ومحبة للحياة".
وفي لحظة الوداع الأخير لجثمان الشهيدة الصغيرة، انهمرت الدموع والزغاريد من أهالي وأقارب ماجي، مودعين الطفلة الصغيرة إلى مثواها الأخير، لتتوجه الأسرة والأصدقاء إلى مقابر العائلة الموجودة بالقرب من القاهرة.
وعانت ماجي مؤمن من حالة صحية حرجة لإصابة بشظية بالمخ، وتهتك بالرئة، ما أدى لحدوث تورم، أفقدها الوعي لمدة أكثر من أسبوع، رقدت خلال هذه الفترة بالعناية المركزة دون أي تقدم في حالتها الصحية؛ حيث نقلت من مستشفى الدمرداش إلى مستشفى الجلاء العسكري، لتعلن الأسرة وفاتها صباح الثلاثاء.
aXA6IDUyLjE0LjI1Mi4xNiA= جزيرة ام اند امز