مصرفي صيني يعيد اكتشاف لؤلؤ الشرق بـ"آلية سرية"
يان وا تات يزرع لؤلؤ أكويا صغير الحجم، والمرغوب جدا من مصممي المجوهرات، ويأمل من خلال أبحاثه في أن يثبت أن هذا النشاط قابل للاستمرار
يجلس مصرفي سابق على منصة قبالة شواطئ هونج كونج الشرقية، وبصبر شديد يكشط أصداف ألفي محارة، في مهمة شاقة يسعى خلالها لإحياء زراعة اللؤلؤ في المستعمرة البريطانية السابقة.
ويقول يان وا تات، البالغ من العمر 58 عاما: "هذا النوع كان وفيراً جداً في هونج كونج سابقاً، صيد اللؤلؤ يعود إلى أكثر من 1000 سنة، لكن لم يبق إلا القليل منه بسبب الصيد الجائر".
ويزرع يان وا تات لؤلؤ أكويا صغير الحجم، والمرغوب جداً من مصممي المجوهرات، ويأمل من خلال أبحاثه في أن يثبت أن هذا النشاط قابل للاستمرار.
وتتطلب هذه المهنة صبراً، فتحتاج الرخوية إلى سنة تقريباً لتكون لؤلؤة، وتقوم التقنية على إدخال جسم غريب إلى صدفتها، لتقليد العملية الطبيعية عندما يتوغل الرمل أو جزء من صخرة إلى داخلها لتغطيه على مر الأشهر طبقة من عرق اللؤلؤ الذي يتحول في نهاية المطاف إلى لؤلؤة.
وكانت مهارات زراعة اللؤلؤ منتشرة في كل أرجاء جنوب الصين، التي بقيت لفترة طويلة من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية، والتي يسمى الدلتا فيها "دلتا نهر اللؤلؤ".
وزراعة المحار المنتجة للؤلؤ تجربة حديثة نسبياً، ففي خمسينيات القرن الماضي خاض هذا المجال بعض المقاولين في هونج كونج، إلا أنهم وقعوا سريعاً ضحية للمنافسة اليابانية التي تهيمن على القطاع، وأغلقت آخر مزرعة لؤلؤ في هونج كونج أبوابها عام 1981.
ويحاول يان الآن أن يقلب الوضع لصالح حفنة من الصيادين الذين يسعون إلى تنويع نشاطهم بزراعة اللؤلؤ، مازجين بين مهارات تقليدية وتكنولوجيا بالغة التطور.
قبل سنوات قليلة، كان يان لا يزال يعمل في القطاع المصرفي، لكنه رغب في "القيام بشيء أكثر إثارة للاهتمام وأكثر إيجابية للمجتمع"، وباشر شهادة دكتوراه في العلوم البيولوجية في جامعة هونج كونج بهدف إحياء زراعة اللؤلؤ في المدينة.
وفي مختبره الجامعي راح يبحث عن أفضل السبل لإدخال شريحة في نواة الرخوية، التي يمكن من خلالها إفراز عرق اللؤلؤ، إلا أنه يحافظ على سرية الآلية المحددة.
ويمرر يان جهاز سكانر أمام إحدى المحار، فيصدر صوتا خفيفا قبل أن تظهر سلسلة من الأرقام عبر تطبيق على هاتفه الذكي.
وبفضل الرقم التعريفي يمكن للمشترين أن يعرفوا المصدر المحدد للؤلؤ، الأمر الذي يخفض عمليات الاحتيال على صعيد النوعية.
ويوضح لونج كام مينج، الذي يزرع لؤلؤ أكويا بمنطقة سيا كونج الريفية شرق هونج كونج: "أظن أن زراعة اللؤلؤ لها مستقبل في هونج كونج، لقد بدأت هذا النشاط لأكسب مزيداً من المال".
ويملك "مينج" نحو 30 ألف محارة، وتباع كل لؤلؤة بمئة دولار محلي (11 يورو) تقريباً، أما تلك التي لا تتمتع بنوعية تسمح باستخدامها في صنع المجوهرات فيمكن أن يعاد بيعها، فضلاً عن الأصداف، لاستخدامها في مجالات الطب الصيني ومساحيق التجميل.