مؤسس تمرد المصرية لـ"العين": لا احتجاجات كبرى.. و11 نوفمبر يوم عادي
محمد عبد العزيز أحد مؤسسي حركة تمرد وعضو مجلس حقوق الإنسان بمصر يؤكد أن البلاد لن تشهد حالة من الاحتجاجات الكبرى قريبا
بقميص أرجواني، وابتسامة دبلوماسية، وقف الشاب المصري محمد عبد العزيز، الذي أسس مع رفاقه حركة تمرد لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، قبل 3 سنوات، أمام كاميرات الإعلام هو وصديقه محمود بدر وعلى يسارهما ممثلة الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، بعدما أبلغوها بأن من يقف ضد ثورة مصر هو الخاسر.
واليوم كاشفًا عما كانت تحمله نظرته حينها من رؤى وأفكار لمستقبله السياسي من جهة، ومستقبل الجيل الذي ينتمي له بحسب وصفه، والذي خرج ضد نظامين في 2011 و2013، راسمًا بذلك رؤية أعم وأشمل لمستقبل بلاده خلال 10 سنوات، استبعد عبد العزيز في حوار مطول مع بوابة "العين" الإخبارية اندلاع ثورة ثالثة في مصر، على المدى الزمني القصير أو المتوسط، رغم قلق الشارع المصري من الأوضاع الاقتصادية.
١١ نوفمبر.. يوم هادىء ولا مكان لثورة ثالثة في مصر
محمد عبد العزيز، أو "عزيز" كما يناديه أصدقاؤه، أحد مؤسسي حركة تمرد وعضو مجلس حقوق الإنسان، قال لـ "العين": في تصوري على المدى القصير والمتوسط مصر لن تشهد حالة من الحالات الاحتجاجية الكبرى، ربما يكون هناك بؤر من الغضب متعلقة بالأسعار تحديدا، لكننا لسنا أمام حراك جماهيري شامل يشبه 25 يناير أو 30 يونيو.. نحن أمام حالة من تباعد الجمهور المصري عن استخدام أداة الاحتجاج حتى وإن كان يواجه مشكلة في الأسعار، لكنه ربما لا يعبر عن هذا في شكل احتجاج أكثر منه مقاطعة للعملية السياسية.
يتابع بثقة: أفهم أن هناك حالات من الغضب الاجتماعي والاقتصادي المتعلقة بقرارات الأسعار، كل حالات الغضب لم تتحول إلى حالة سياسية.. الجمهور المصري في هذه اللحظة لديه مشكلة اقتصادية ولكن هاجس الأمن لديه متفوق على هاجس الاقتصاد.. يشعر بخطر على وجوده الأمني المستهدف أكثر من شعوره بالقلق من الوضع الاقتصادي.
عزيز الذي يتبني فكرة الإصلاح من الداخل، لتحقيق مفاهيم مثل التحول الديمقراطي والإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، توقع في حواره مع بوابة "العين" أن يكون اليوم الجمعة (والذي دعت جماعة الإخوان الإرهابية لتظاهرات به) يومًا طبيعيا وهادئا جدا.
"يوم عادي، وبالونة تم تضخيمها في صورة أكبر من حجمها"، هكذا يرى عزيز اليوم، قبل أن يستطرد "بالطبع طول الوقت الحالات الاحتجاجية الكبرى في التاريخ تأتي في أوقات غير متوقعة، وبالتالي مع أزمة اقتصادية كبرى لا بد من إصلاح سياسي كبير".
هذا الإصلاح يراه السياسي الشاب "ضامنا للغضب السياسي والاجتماعي والاقتصادي حيث يفرغ في عملية ديمقراطية والتعبير عن الرأي.. كلما فتحت مسام العملية السياسية كلما كان الغضب الاحتجاجي يكون في اطاره الدستوري"، موضحًا أنه "قبل يناير ٢٠١١، كانت الأجواء متمثلة في إغلاق مسار انتخابات طبيعية ما أدى إلى انفجار".
المؤتمر الوطني الأول للشباب .. خطوة على الطريق
وتابع عزيز، أبرز الوجوه الشابة في المشهد السياسي "أعتقد أن هناك مشاكل، فمسام الديمقراطية ومساحة التحول فيها مشاكل في مصر لكن في رأيي مؤتمر شرم الشيخ (المؤتمر الوطني الأول للشباب المنعقد الشهر الماضي) خطوة على طريق التحول الديمقراطي.
وقال "لذا يجب ألا تتوقف الخطوة عند مؤتمر، إذا انتقلت عجلة الديمقراطية باستهداف إصلاح سياسي وتقدم في التحول الديمقراطي حتى نصل للمؤتمر الثاني بنتائج محددة وقتها سنوفر جهدا من الإصلاح السياسي".
عزيز الذي كان أحد أبرز الشباب الحضور في مؤتمر الشباب الأول الذي كان تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي قال: أهم ما تم الاستفادة به في الحياة السياسية بشكل عام من المؤتمر هو وجود حالة من الحوار بين الدولة والشباب بشكل عام، هذه الحالة كانت غائبة منذ الفترة الماضية وكان هناك أزمة ثقة كبيرة بين الشباب والدولة، كل ما نستطيع قوله إن المؤتمر استطاع تقريب مسافات كثيرة وأسهم في تقريب أو حلحلة أزمة الثقة لأنه كان في حوار ممتد بين طرفين وليس طرفا واحدا، وكان هناك استماع للآراء والأفكار في مجالات مختلفة وليس السياسة فقط، كما كان له أجندة حوار وتوصيات محددة بتواقيت زمنية.
ماذا قال عن الرئيس السيسي؟
لا ينسى عزيز قول الرئيس السيسي خلال المؤتمر الوطني الأول للشباب عندما قال: لما بشوفكم بحس بالأمل، حيث شعر أن "الرئيس بالفعل لديه إحساس بالسعادة بمد جسور التعاون أو الحوار مع الشباب، وأنه هناك على مدار العامين الماضيين هناك من أسهم سواء بحسن نية أو غير أن يكون في هوة بين مؤسسة الرئاسة وبين الدولة وبين الشباب".
وتابع عزيز قائلا: في رأيي أن مؤتمر شرم الشيخ يكسر هذه الحالة.
أمر ثانٍ علق عليه محمد عبد العزيز حين قال "لفت نظري في مؤتمر شرم الشيخ استعداد الرئيس للقاءات بشكل مستمر مع الشباب، وعندما تكلمنا في الجلسات عن أهمية وجود لجان تتابع توصيات المؤتمر على مدار العام وافقنا الرأي وأوصى بتشكيلها لتنهي عملها قبل مؤتمر ثاني في نوفمبر 2017".
لجنة الإفراج عن المحبوسين.. غير مقيدة بأعداد
عزيز الذي عُيّن مؤخرا عضوا في لجنة الإفراج عن الشباب المحبوسين التي شكلها الرئيس عبد الفتاح السيسي، قال إن "اللجنة ملتزمة بإعداد تقريرها وتقدمه للرئاسة خلال ١٥ يوما، وهي حاليًا في مرحلة دراسة قوائم الأسماء التي حصلت من جهات عدة من بينها المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) ولجنة حقوق الإنسان في البرلمان، ووزارة الداخلية التي قدمت ما لديها من معلومات من مصلحة السجون لكل الشباب المحبوسين احتياطا وقرارات العفو التي قدمت لها".
وأضاف عزيز أن هناك مساعيَ أن "يكون الطلاب المحبوسون من أوائل المجموعات التي يتم الإفراج عنها"، قائلًا: نتمنى أن تكون مجموعات من الطلاب المحبوسين على ذمة قضايا ولم يتورطوا في قضايا عنف من أوائل الذين يتم الإفراج عنهم"، موضحًا "نعمل بمعيار رئيسي وهو كل من لم يمارس عنفا بغض النظر عن الأعداد والأسماء.. فلم يقيدنا أحد بعدد معين بل على العكس نعمل على القوائم ككل.
وتابع عزيز الذي كان لا يجد حرجًا في الرد على مكالمات لأناس لا يعرفهم من قبل حصلوا على رقم هاتفه ليبلغوه بأسماء ذويهم من الطلاب المحبوسين على ذمة قضايا وغير متورطين في العنف: ملتزمون بتسليم القوائم خلال المدة المحددة لكن ربما تحت الضغط نمد بعض الأيام لكن القلب الرئيسي سيتم تسليمه خلال ١٥ يوما.
الشباب ومنصات التواصل الاجتماعي
وعبر الشاب الذي يلقى اعتراضات من شباب معارضين لعدم وقوفه ضمن قطبي الاستقطاب إما بالتأييد المطلق أو المعارضة الدائمة، عن رؤيته في أن المسيسين من الشباب ممن لم يرتكبوا أعمال عنف لا يجب أن يحبسوا، معربًا عن تفهمه عن أسباب القبض عليهم بقوله "أفهم جيدا في لحظة من اللحظات أثناء اشتعال العنف بعد 3 يوليو وجماعة الإخوان التي أشعلت البلد كان هناك اضطراب أمني شديد، وفي هذه الفترة وسعت أجهزة الأمن دائرة الاشتباه وبالتالي هم أبرياء، وفي اعتقادي هذا الملف يجب إغلاقه لأن هذه المشكلة تسببت في حالة احتقان لدى قطاعات واسعة من الشباب".
ومبديًا تفهمه للشباب المعارض قال عزيز: على مدار السنوات الماضية حقق الشباب انتصارات فقط في العمل الاحتجاجي في 25 يناير و30 يونيو لأسباب كثيرة تتعلق بالمسار الديمقراطي السليم.. لكن لم يحقق الشباب نفس الانتصارات سواء في العملية الانتخابية أو العملية الحزبية، وهذا يسبب أزمة في المناخ السياسي الطبيعي.. هذا يعني أنه عندما يكون هناك مشكلة للمسار القانوني الرسمي للعملية السياسية، يتحول الشاب للمسار الاحتجاجي، وبالتالي دائمًا أقول إن العمل الاحتجاجي هي أداة يستخدمها السياسي عندما تغلق جميع المسارات الأخرى.
ومتحدثًا عما يدور من حديث بعض الشباب المعارض على منصات التواصل الاجتماعي بقوله: إذا كان هناك تجربة حزبية حقيقية وإذا كان هناك عمليات انتخابات متوالية بها قدر من السياسة والتعددية والآراء السياسة المختلفة، ستظل هذه الحالة على السوشيال ميديا لكنها ستنكمش أمام العملية السياسية.. نعالج فراغا سياسيا قائما منذ أكثر من 40 سنة او 50 سنة وبالتالي الأمر سيستغرق وقتًا، وهذه ستنضج سياسيا مع التحول الديمقراطي.
حل مشكلات مصر.. الإصلاح التدريجي
يقول عزيز الذي قال الرئيس السيسي أثناء مؤتمر شرم الشيخي بأنه يرغب في سماعه، إنه “لا حل في رأيي في الأمد القريب أو المتوسط إلا بالإصلاح التدريجي من الداخل، لا يوجد حل غير ذلك.. مقتنع أنه ربما الأداء السياسي ليس هو الأفضل ولا يوجد حل بأدوات التغيير الشامل، لهذا أطرح هذا الخطاب إلى مجموعات شبابية وأجذبها لهذا الوسط”.
يتابع محمد عبد العزيز، وهو نائب سابق في البرلمان، قائلا: أنا مع جذب أكبر عدد من الشباب ودمجه في العملية السياسية.. وحتى من لديهم آراء نقدية ليدخلوا العملية السياسية ويصلحوا.. لدينا فرصة تاريخية في الانتخابات المحلية المقبلة.
ومخاطبًا الشباب: إذا نوى الشباب الذين لديهم آراء نقدية لأداء الحكومة، وأنا واحد منهم، الإصلاح لديهم فرصة تاريخية لتحمل هذه المسؤولية في المجالس المحلية.
عزيز الذي لم ينتمِ لحزب عبّر عن أهمية أن يكون "هناك حزب سياسي حقيقي يعبر عن الشباب"، معتبرًا "التجربة الحزبية في مصر لم تصل إلى مرحلة الاطمئنان.. إنها تجربة حزبية سليمة".
وأوضح عزيز أنه لا يستطيع حسم المدة التي يمكن أن تنضج فيها أفكار تكوين تنظيم حزبي سياسي في مصر، لكنه قال "ما زالت تجربة جيلي في يناير ويونيو، ما زال يبحث عن الحزب الذي يعبر عنه وحتى هذه اللحظة لم يولد".
وأوضح الشاب الذي شارك في ثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيو بأنه "حتى الآن لم يكتب البرنامج التنفيذي السياسي الكامل للثورتين.. وأنه في اللحظة التي سيكون فيها هذا التصور مكتمل لدى حالة عامة من الشباب ستنضج التجربة التي قال إنها "ليست بالضرورة من خلال ثورة ثالثة ولكن من خلال النقاشات".
وأضاف عزيز: أمامنا فرصة جيدة لبناء التنظيم الحزبي أو المشاركة انتخابات البرلمان التالية.. المشاركة في الانتخابات المحلية والبرلمان ستسهل جزءا من الإجابة على ماذا نريد.
سر بيان البرادعي
وأبدى محمد عبد العزيز استغرابه من بيان الدكتور محمد البرادعي الأخير قائلًا: مستغرب جدا من أنه كل هذه المعلومات من وجهة نظر البرادعي تطرح بعد 3 سنوات من الحدث رغم تقديمه لاستقالة بها عبارات إنشائية.. وحمل كمًّا من المعلومات الخاطئة لأني كنت طرفا بها".
وأضاف عزيز: لفت نظري أمور غير حقيقة معلومات مغلوطة وتوقيت مريب بالنسبة لي، متسائلًا ما علاقة بهذا البيان بما يجرى اليوم؟ ولماذا يريد البرادعي أن يبرا نفسه أمام الإخوان من 3 يوليو وكأنه كان أكثر حرصا من أي حد عليهم وهذ غير صحيح.
وأضاف الشاب الذي كان يلتقي بالبرادعي قبل ٣ سنوات مع رفاقه في حركة تمرد قبل عزل مرسي: كان موقفه مشابها ومطابقا لموقفنا وكان هناك إصرار على عزل مباشر لمرسي وانتخابات رئاسية مبكرة دون استفتاء.
ويرى عزيز أن "البرادعي يريد أن يقول لجماعة الإخوان أنا لم يكن لي ذنب ولم أكن طرفا ،هذا غير صحيح... فإذا أراد أن يدخل المشهد السياسي لا يجب أن يتم عن طريق مغازلة جماعة الإخوان".
هل سيعطي محمد عبد العزيز صوته للسيسي في الانتخابات المقبلة؟
يقول عزيز إنه لا يمكن له أن يتخذ قراره قبلها بعامين، لكنه يضيف "سأتخذ قراري وفق المتغيرات والمعطيات، وسيكون مستقلًا كما كان في ٢٠١٥".
وأضاف " بالنسبة لي أتعامل مع الرئيس السيسي أنه منتخب يعبر عن أغلبية الشعب المصري التي أعطته أصواتهم وثقتهم.. هناك تطور جديد في العملية السياسية لأنه هناك حالة حوار مستمر بين مجموعات من الشباب انا منهم وبين مؤسسة الرئاسة نتمنى أن يؤتي ثمارها في السنتين المقبلين من حكم السيسي لنقل البلد مكن مرحلة تحول ديمقراطي حقيقي.. وسأكون أمام قرار جديد في انتخابات الرئاسة لا يمكن ان أحدده الآن".
ورسم محمد عبد العزيز صورة لاختياره بقوله "سأختار من يقدم برنامجا أفضل ويكون لديه إجابات واضحة على أسئلة تخص مشكلاتها".. معتبرًا أن أزمة مصر تبدأ حلها من إعادة النظر في العملية السياسية وأنها تبدأ من أسفل لأعلى.
ويختم الشاب المصري حديثه بابتسامة أكثر حراكًا من قبل قائلا "يجب أن نهتم خلال الـ 10 سنوات المقبلة بكل الانتخابات من الأسفل.. إذا كنا نتكلم عن بناء سياسي حقيقي.. نحتاج قوى سياسية مصرية تجهز تعد نفسها لمواقع الانتخابات الكبرى من الآن ولكن على مدار 10 سنوات تشارك في انتخابات اتحادات الطلبة والنقابات والأندية ومراكز الشباب والمحليات والبرلمان... إذا بدأنا سنستطيع خلق مرشحين للرئاسة جيدين".