مشروع قانون فرنسي لحرية صياح الحيوانات في القرى
رؤساء البلديات يعلقون منشور "احذر هنا قرية فرنسية إن كنت لا تريد الإزعاج.. فأنت لست في المكان الصحيح"
بعد تصاعد حالات رفع دعاوى قضائية ضد حيوانات في الريف الفرنسي، في وقائع متكررة ضد أصوات الديوك والضفادع والحشرات، طالب برلماني فرنسي بسن قانون بحرية الصياح للحيوانات والحفاظ على خصوصية الريف الفرنسي، فيما حذر باحثون اجتماعيون من ظاهرة عدم قبول الآخر في المجتمع الفرنسي ومعاداة الحيوانات.
وذكرت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية أن "ضوضاء الريف" كان الموضوع الرئيسي لعدة شكاوى ودعاوى قضائية في فرنسا خلال الفترة الماضية، الأمر الذي دعا برلمانيا فرنسيا إلى الدفاع عن احترام خصوصية الريف الفرنسي بالقانون.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أنها صرخة جديدة قادمة من الريف، موضحة أنه "كما نعلم فإن صياح حيواناتنا وضوضاء وصخب الحياة اليومية جزء من سمات الريف".
وأوضحت الصحيفة أنه "منذ عدة أسابيع تكررت وقائع التذمر من حياة الريف بتقديم شكاوى ضد صياح الديوك، ونقيق حشرة صرصور الليل وطنين النحل، وذلك دون التحدث عن أصوات الأجراس التي تتعالى في وقت مبكر جداً كل صباح، وأصوات جامعي المحصول والجرارات وغيرها من أعمال الحصاد والأنشطة الزراعية".
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض هذه الشكاوى انتهت أمام المحاكم القضائية مثل قصة الديك "موريس" في جزيرة أوليرون، وصوت الضفادع في ضاحية "با-دو-كاليه"، موضحة أن هذه الوقائع تسببت في انقسامات داخل المجتمع الفرنسي بين سكان الريف المعتادين على هذه الروائح والأصوات، وأصحاب المنازل الذين يمتلكون منازل في الريف ويقضون فيها العطلات باحثين عن الهدوء.
ووفقاً للصحيفة فإن كل حالة من هذه الوقائع على حدة، لكنها تكشف أزمة اجتماعية برفض الفرنسيين قبول الآخر، مدللة على ذلك بواقعة الديك موريس في جزيرة "أوليرون"، حيث قدم زوجان مسنان شكوى إلى مجلس بلدية الجزيرة ضد الديك، ثم دعوى مدنية وقضائية للتخلص من "موريس".
وفي لوازير تقدم زوجان بشكوى إزعاج ضد قرع أجراس كنيسة الخامسة صباحاً، على الرغم من أن هذا الجرس يتم قرعه كل صباح منذ عام 1930، ورفض أهالي القرية وقف هذا الطقس اليومي.
وأدت هذه الوقائع إلى دعوة نائب برلماني من حزب الجمهوريين (يمين) عن مدينة لوزيري بيير موريل إلى اقتراح قانون بعد انتهاء الإجازة البرلمانية في سبتمبر/أيلول، لحرية صياح الحيوانات، بهدف الحفاظ على التراث الريف الفرنسي من الأصوات والروائح، معتبراً أن مناخ عدم قبول الآخر بات يهدد المجتمع الفرنسي.
كما طلب البرلماني من عمدة قرية "جايك" برونو ديونيس تسجيل القرية الفرنسية في التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو.
وبموجب القانون المقترح فإن الحكومة الفرنسية تحذر المتذمرين من أصوات الحيوانات في الريف من فقدان تراث الريف الفرنسي.
من جانبها، نقلت محطة "بي إف إم" التلفزيونية الفرنسية عن البرلماني الفرنسي قوله إن "مشروع القانون المقترح يفتح باب النقاش لتسليط الضوء على خصوصية الريف"، موضحاً أنه "يسعى لإيجاد حل توافقي بين الفريقين أهل الريف والمصطافين الذين يقضون عطلاتهم، بضرورة احترام الضوضاء والروائح والحياة الريفية اليومية".
وفي مواجهة هذه الحالات، علق بعد رؤساء البلديات منشورا فكاهيا تحذيريا في مداخل القرية مثل قرية "إينتشي-أرتيوسن" و"با-دو كاليه": "احذر، هنا قرية فرنسية، لدينا جرس يدق بشكل يومي، وديوك تصيح بصوت عالٍ كل صباح، وقطعان يعيشون بجوارك، بعضها يعلق أجراسا حول أعناقهم، إذا لم تستطع تحمل ذلك فأنت لست في المكان الصحيح وعليك مغادرة المكان".
من جانبه، حذر الباحث الاجتماعي ومدير المركز القومي للبحوث العلمية في فرنسا جون فيار إن "الريف الفرنسي اليوم لم يعد مقتصراً على الفلاحين والمزارعين، ويشاركهم فيه أصحاب المنازل الذين يريدون قضاء عطلاتهم في هدوء"، موضحاً أن كلا الفريقين رافض للآخر، ولم تعد ثقافة التعايش والتفاوض موجودة بين الفرنسيين".