مرسيليا بانتخابات فرنسا.. هل تقبل مدينة اليسار "ودّ" ماكرون؟
منحت أصواتها لليسار بالجولة الأولى لانتخابات الرئاسة الفرنسية، لكنها اليوم تواجه مأزقا يضعها بين فكي مرشحي تيار الوسط واليمين المتطرف.
مرسيليا؛ ثاني كبرى مدن فرنسا بعد العاصمة باريس، يزورها الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، السبت، في محاولة لإقناع الناخبين الذين صوتوا لليسار بالانضمام إليه في الدورة الثانية للاقتراع ضد منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان.
ولم يكن اختيار ماكرون لمرسيليا عشوائيا، فهذه المدينة المتوسطية التي تعد معقلا لليسار، صوتت بنسبة 31 بالمائة لزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون وذلك بالجولة الأولى لانتخابات الرئاسة المقامة الأحد الماضي.
فماكرون الذي يحاول تجميع الجبهة الجمهورية وتفعيلها بقوة لإقامة سياج كبير بين اليمين المتطرّف وقصر الإليزيه، يحل اليوم في مرسيليا أملا بانتزاع أصوات ناخبي ميلانشون، وهي الخطوة التي قد تكون حاسمة بالنسبة له بالجولة الثانية المقررة في 24 أبريل/ نيسان الجاري.
تجمع انتخابي يعقده ماكرون أمام قصر "فارو" المطل على ميناء مرسيليا القديم، يحاول من خلاله للاستفادة من انتمائه السابق للحزب الاشتراكي (يسار)، ما يمنحه الأدوات اللازمة لمغازلة ناخبي مرسيليا.
ومع أنه عقب ترشحه لانتخابات الرئاسة في 2017، قدم نفسه على أنه "ليس من اليمين ولا من اليسار"، إلا أن تموقعه هذا قد لا يخدم مساعيه في مرسيليا بالذات؛ المدينة التي قد تكون عاقبته على ذلك باختيار اليسار الراديكالي.
مهمة صعبة
مهمة ماكرون في مرسيليا صعبة، لكنه في النهاية سينجح في إقناع ناخبيها بمنحه أصواتهم، لأن طرحا مغايرا قد يمنح اليمين المتطرف مفاتيح الإليزيه، وهذا أسوأ ما يمكن أن يحدث لمعقل اليسار.
ففي هذه المدينة، سيكون التصويت لماكرون انتقاميا من لوبان وليس بالضرورة اقتناعا بالرئيس المنتهية ولايته، كما يرى خبراء، وهذا ما تترجمه نتائج الجولة الأولى حيث حصل ميلونشون على 60 بالمئة من الأصوات في بعض دوائرها.
لكن بعبور ماكرون ولوبان للدور الثاني، تتغير المعادلة في مدينة تشكل مزيجا من المهاجرين والسكان الأصليين، ففي مقهى "دي لا بوست" بشارع "لا بيل دو ماي"، يدير كمال وابنه رمزي المكان، وبسؤالهما لمن صوتا، أعلن الأب أنه اختار ميلونشون، فيما قال نجله إنه فضّل جان لاسال (حزب لنقاوم).
وأضاف كمال، في تصريح لإعلام محلي: "سأصوت لماكرون حتى أقطع الطريق على مارين لوبان".
يقين لم تعكسه إجابة أحد رواد المقهى ممن قال "أنا متردد، لا أريد حقًا إيمانويل ماكرون. سأذهب وأصوت ، لكن الأمر سيكون صعبًا".
مفارقة
على بعد بضعة كيلومترات ورحلتين بالحافلة، يتغير المشهد تماما: لافتات وصور لوبان تغطي الشوارع إلى درجة أن من لا يعرف خصوصية المدينة يعتقد أنه أخطأ بالدخول إلى أحد معاقل اليمين المتطرف في باريس.
ففي الدائرة 11 بالمدينة، صوت السكان بنسبة 29.96 بالمئة لصالح لوبان، متفوقة على خصمها ماكرون بـ8 نقاط، بينما احتل ميلينشون المركز الثاني بفارق 1700 صوت عن منافسته اليمينية المتطرفة.
ورغم "الأسبقية" في هذه الدائرة، إلا أن حظوظ لوبان لا تبدو وافرة بالدور الثاني للاقتراع، وهي التي لم يفلح حتى ترشح إيريك زمور الذي ظهر في المشهد متبنيا التطرف والعنصرية والمعاداة للمسلمين، في أن ينسي الفرنسيين أنّ ذلك هو الإرث والمقاربات والقناعات التي كانت تدافع عنها ابنة جان ماري لوبان، وهذا ما يقلل حظوظها على الأقل في مدينة اليسار.
حقيقة لا تنفي أخرى وهي أن لوبان نجحت في إقناع الفرنسيين بأنها قادرة على هزيمة ماكرون، مستفيدة من عملية تجميل سياسي واستطاعت نوعا ما أن تعطي صورة أقل تطرفا للرأي العام الفرنسي مما جعل البعض يرى أنها قادرة على تولي السلطة، وهذا ما قد يلوح بمفاجآت.
aXA6IDMuMTMzLjEyOS44IA== جزيرة ام اند امز