جان ماري لوبان.. رجل لامس المجد بفرنسا ولم يعشه
"جان ماري لوبان" اسم تصدر عناوين الأخبار أكثر من مرة، سواء عند اقترابه من رئاسة فرنسا قبل عقدين، أو خلافاته مع نجلته، ماري لوبان.
الحياة المثيرة للجدل لمؤسس تيار أقصى اليمين بشكله الحديث في فرنسا، وصلت نهايتها، اليوم الثلاثاء، حين لفظ أنفاسه الأخيرة عن عمر يناهز 96 عاما، بعد صراع طويل مع المرض.
وقالت عائلته في بيان وصل إلى وكالة "فرانس برس"، إنّ جان ماري لوبان توفي ظهر الثلاثاء، محاطا بعائلته.
ماري لوبان صانع مجد الجبهة الوطنية "أقصى اليمين"، وخاض معركة انتخابات الرئاسة عام 2002، وكان قريبا من المنصب، حيث وصل إلى جولة ثانية ضد الرئيس آنذاك جاك شيراك، لكن تحالف واسع من القوى السياسية أطاح بأحلام الأول.
وفي ذلك الوقت، شكّل تأهل لوبان للجولة الثانية من الرئاسيات الفرنسية 2002 مفاجأة صاعقة، لكنها تحولت إلى عادة في أقصى اليمين، إذ كررت ابنته هذا المشهد في انتخابات 2017 و2022.
من هو جان ماري لوبان؟
وُلد عراب أقصى اليمين عام 1928 في موربيهان، البلدة الساحلية صغيرة في منطقة بريتاني، شمال غربي فرنسا.
وكان لوبان الابن الوحيد لعائلة متواضعة من أب يعمل صيادا، وحصل على نموذج تعليمي خاص بريف فرنسا.
نقطة التحول في حياة لوبان، كانت اختفاء والده في صيف 1942، أي خلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، إذ دفعت الشاب إلى الأفكار اليمينية المتطرفة.
وبعد حصوله على إجازة جامعية في الفلسفة، التحق في أكتوبر/تشرين الأول 1947 بكلية الحقوق في ساحة بانتيون بالعاصمة باريس وتخرج من التعليم العالي في العلوم السياسية،
كان يتقن فن البلاغة والخطابة، لذلك انضم جان ماري لوبان إلى رابطة كوربو اليمينية، لمحاربة الشيوعية، وانتُخب رئيساً لها عام 1949.
وفي 1954، تطوع لوبان للمشاركة في القتال مع الجيش الفرنسي فيما يعرف بالهند الصينية (كمبوديا، لاوس، ميانمار، تايلند، فيتنام، وجزء من ماليزيا) آنذاك.
الصعود السياسي
وبعد عودته بعامين، اكتشفه السياسي بيار بوجادي، وضمه إلى الاتحاد الفرنسي للدفاع عن تجار وحرفيي فرنسا.
أطلق على هذا الاتحاد اسم "البوجادية" نسبة إلى مؤسسه، وتحول إلى حزب سياسي يقاوم التدقيق الضريبي ويرفض دفع الضرائب من قبل التجار ويدافع عن حقوق المهن البسيطة.
واكتسح الحزب المشهد السياسي في فرنسا وأصبح رمزاً للشعبوية في البلاد، بل امتلك 52 نائباً في الجمعية الوطنية (البرلمان) عام 1956، بمن فيهم جان ماري لوبان في أول فترة انتخابية له.
وبعد استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962، انتقل لوبان إلى معاداة الديغولية، أي معارضة فرنسا التي أسسها الزعيم شارل ديغول، إذ كان يعتقد أنها تقمع الطبقات الاجتماعية الأكثر تواضعاً في البلاد.
وفي 1972، أسس جان ماري لوبان "الجبهة الوطنية" مع فرانسوا دوبرات، وترأس الحزب بين عامي 1972 و2011.
وخلال هذه الفترة، انتخب مستشاراً لبلدية باريس عام 1983 ومستشاراً إقليمياً في إيل دو فرانس في عام 1986، وخسر الانتخابات الرئاسية في ٢٠٠٢، قبل أن يدفعه خلاف مع وريثته وابنته، ماري، إلى الخروج من الحزب، وسيطرتها عليه.