حكومة فرنسا بأول اختبار.. خيارات ضيقة وشلل سياسي مرتقب
في أول اختبار لها أمام البرلمان الذي لا تتمتع فيه حكومتها بالأغلبية، كشفت رئيسة وزراء فرنسا عن الخطوات المستقبلية في خطاب تحديد السياسات.
وقالت رئيسة وزراء فرنسا إليزابيت بورن، اليوم الأربعاء أمام البرلمان الجديد، إنه على الحكومة والمعارضة أن "تتحدث كل منهما إلى الأخرى بصورة أفضل" لتجنب الشلل السياسي ومواجهة أزمة في تكاليف المعيشة، مضيفة: "الاضطراب وعدم الاستقرار ليسا اختيارين مطروحين".
وفي وقت تمثل فيه الطاقة أولوية في خضم الحرب في أوكرانيا، ومع تصاعد الأسعار، أعلنت بورن أيضا أن الحكومة تسعى إلى التأميم الكامل لشركة كهرباء فرنسا المثقلة بالديون.
غياب التحالفات
وخسر تحالف الوسط الذي يقوده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها في الجمعية الوطنية، بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو/حزيران رغم أن ماكرون فاز بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة في أبريل/نيسان.
وفي غياب أي تحالفات مع الأحزاب الأخرى، تواجه بورن الآن احتمال إجراء مفاوضات بشأن جميع مشروعات القوانين في البرلمان، واختارت أيضا عدم إجراء اقتراع بالثقة في حكومتها ينطوي على مخاطرة بعد إلقاء بيانها السياسي.
وخلال ولايته الأولى التي استمرت خمس سنوات، كانت لماكرون أغلبية مطلقة في البرلمان وافقت دون مناقشة غالبا على خططه.
وفي الخطاب الذي حددت فيه سياساتها، قالت بورن الموظفة المدنية السابقة والسياسية البالغ عمرها 61 عامًا، إنها ستكون مستعدة لتعديل مشروعات القوانين بناء على اقتراحات من المعارضة حتى بالنسبة للخطط الرئيسية لماكرون الخاصة بإصلاح أجور التقاعد.
وقالت: "يطلب منا الفرنسيون أن نتحدث أكثر إلى بعضنا بعضا، وأن نتحدث إلى بعضنا بعضا بشكل أفضل، وأن نبني معا"، مضيفة: "لوقت طويل للغاية، تشكلت حياتنا السياسية من كتل متعارضة".
وأشارت إلى أن اتخاذ خطوات لتحسين الوضع بالنسبة لغلاء المعيشة سيكون الأولوية القصوى، مؤكدة خططا لزيادة أجور التقاعد وزيادة تعريفات سيارات الأجرة ومد أجل العمل بالقيود المفروضة على زيادة أسعار الغاز والكهرباء.
وتتجه الحكومة لطرح هذه الإجراءات في مشروع قانون على البرلمان في وقت لاحق من الأسبوع الحالي، فيما قالت بورن إن تأميم شركة كهرباء فرنسا سيسمح بتنفيذ "مشروعات طموحة وضرورية" لمستقبل الطاقة في فرنسا.
حجب الثقة
وقال مسؤولو الحكومة إنهم يعتقدون أنهم يمكن أن يكسبوا بالكاد اقتراعا بالثقة، لكن هذا يعني الاعتماد على امتناع اليمين المتطرف عن التصويت، وهو ما سيكون أمرا غير مستساغ سياسيا.
وقال مصدر حكومي "يمكننا تخيل العناوين.. (الحكومة فازت بفضل التجمع الوطني). لا نريد أن نسقط في هذا الشرك".
وأوضحت الأحزاب اليسارية أن رفض الحكومة إجراء اقتراع بالثقة، وهو الأول منذ 30 عاما، غير ديمقراطي. وقدمت هذه الأحزاب اقتراحا بحجب الثقة عن الحكومة سيجري التصويت عليه في الأيام المقبلة.
وينطوي هذا الاقتراح على مخاطرة أقل بالنسبة لبورن. ويتطلب الاقتراع بحجب الثقة أغلبية مطلقة ليترتب عليه سقوط الحكومة، ولن يحدث ذلك بعد أن قال الجمهوريون المحافظون والتجمع الوطني اليميني المتطرف إنهما لن يؤيداه.
الخصم الرئيس
ومع ذلك، فإن اقتراح حجب الثقة يسمح لتحالف اليسار بوضع نفسه على أنه الخصم الرئيسي للحكومة. ويقول كل من المحافظين واليمين المتطرف أنهما سيلعبان دور معارضة بناءة ومسؤولة.
وقال الناطق باسم الحكومة أوليفيه فيران إن بورن "لن تسعى إلى الحصول على ثقة البرلمانيين" خلافا لغالبية من سبقوها في رئاسة الحكومة. فالتصويت الذي تنص عليه المادة 50-1 من الدستور الفرنسي ليس إلزاميا.
وأوضح فيران أن بعد تعداد الأصوات "نحن غير متأكدين من أن نيل هذه الثقة ستكون متوافرة".
يضاف إلى ذلك أن نوابا عدة عُينوا وزراء في الحكومة الإثنين، ولن يتمكن من سيحلون مكانهم من تولي منصبهم في الجمعية الوطنية قبل شهر، ما يحرم المعسكر الرئاسي من أصوات إضافية.
وستكون أمام الحكومة مهمة تمرير إصلاحاتها من دون غالبية مطلقة في الجمعية الوطنية وفي مواجهة معارضة غاضبة.
وكانت مواقف المعارضة فاترة حيال الحكومة الجديدة المؤلفة من 41 عضوا بينهم 20 امرأة. فحركة فرنسا الأبية اليسارية الراديكالية اعتبرت أنها ليست "حدثا مهما" في حين رأت مارين لوبان زعيمة التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي حقق نتائج غير مسبوقة في الانتخابات التشريعية أن إيمانويل ماكرون "يتجاهل مرة جديدة قرار صناديق الاقتراع وإرادة الفرنسيين برؤية سياسية جديدة".
إصغاء أكبر
أتت حكومة إليزابيت بورن نتيجة مداولات كثيفة وهي تضم الكثير من الحلفاء الوسطيين للمعسكر الرئاسي من دون أن تضم شخصيات من اليسار أو اليمين.
ورأت الحكومة الفرنسية أن الثقة ستبنى "بصبر نصا بعد نص" مع تعذر تشكيل حكومة ائتلافية بسبب رفض "الأحزاب الحكومية" التقليدية المشاركة فيها على ما قال ماكرون.
من جانبها، قدمت الأحزاب اليسارية الأربعة في الجمعية الوطنية الأربعاء مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة قبل عرض بورن برنامجها السياسي وفقا لمصادر برلمانية.
وذكرت الأحزاب الأربعة في نصها الذي رفعته إلى رئاسة الجمعية الوطنية ووزع على الصحافة "في حالة عدم وجود تصويت على الثقة" الذي لم تطلبه رئيسة الوزراء "ليس لدينا خيار آخر سوى تقديم مذكرة حجب الثقة هذه".
aXA6IDMuMTI4LjIwMC4xNjUg جزيرة ام اند امز