حصاد 2025.. حملات الحكومة الفرنسية ضد المخدرات
شهد عام 2025 في فرنسا تصعيداً واضحاً في السياسات الحكومية تجاه مكافحة المخدرات، مع تركيز على تجار القنب والمروجين للمواد المخدرة، في وقت انقسم فيه البرلمان حول قضية تقنين القنب للترفيه.
وبينما يدعو اليسار إلى تقنين القنب وتخفيف القيود، يرفض اليمين ذلك بشكل قاطع، في حين تتخذ الحكومة موقفاً وسطاً، معتبرة أن القضية بحاجة إلى نقاش وطني معمّق قبل اتخاذ أي قرار.
حملة الدولة على شبكات المخدرات: تعزيز القوة الأمنية
مع بداية عام 2025، أطلقت وزارة الداخلية الفرنسية حملة واسعة ضد تجار المخدرات، استهدفت المدن الكبرى مثل باريس، مارسيليا، وليون، وفق تقرير "لوموند" في مارس 2025.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحملة ركزت على تفكيك شبكات توزيع القنب، توقيف المروجين، ومصادرة كميات كبيرة من المخدرات، حيث تم ضبط أكثر من 3 أطنان من القنب و250 شخصاً مشتبه بهم خلال الأشهر الستة الأولى من العام.

تسونامي أبيض
وفي أغسطس 2025، حذر مكتب مكافحة المخدرات بفرنسا، من تحول البلاد إلى محور رئيسي لتجارة المخدرات في أوروبا. وأشارت التقارير، إلى عدم وجود أية منطقة خالية من هذه الآفة التي تحولت إلى اقتصاد مربح، يجني منها التجار الكبار ملايين الدولارات.
ووصف تقرير سري صادر عن مكتب مكافحة المخدرات بفرنسا OFAST نهاية يوليو الماضي، وضع المخدرات في فرنسا التي خرجت، من "المناطق البيضاء"، أي المناطق التي لا توجد فيها المخدرات بـ "تسونامي أبيض"، بحسب موقع "فرانس 24" الإخباري.
وكشف التقرير، الذي استند إلى مساهمات من العديد من الدوائر الحكومية الفرنسية، على غرار وزارة الداخلية والصحة والدفاع والاقتصاد، عن صورة قاتمة لتفشي تجارة المخدرات في فرنسا، رغم كل الخطط التي وضعتها الدولة لمكافحتها والجهود التي بذلتها قوات الأمن لتوقيف التجار الكبار، لا سيما في مدينتي باريس ومارسيليا اللتين تعتبران مركزا لهذه التجارة.
وفي تغطية أخرى، ذكرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أن الإجراءات شملت زيادة الدوريات الأمنية حول المدارس والأحياء السكنية، وتكثيف التنسيق بين الشرطة الوطنية والشرطة المحلية لضمان فعالية العمليات.
الجدل حول تقنين القنب: البرلمان في مواجهة سياسية
في المقابل، أثار ملف تقنين القنب للترفيه نقاشاً حاداً في البرلمان. فقد دعا النواب من أحزاب اليسار، بحسب تقرير "لكسبريس"، إلى تقنين القنب بشكل قانوني، معتبرين أن ذلك سيحد من نشاط العصابات ويقلل من الجريمة المرتبطة بالمخدرات، بالإضافة إلى جني عائدات مالية من الضرائب.
أما اليمين، فأكد في تصريحات نقلتها صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية يرفض أي تقنين، معتبرين أن ذلك يشجع الشباب على المخاطرة الصحية ويزيد من تفشي الإدمان، مؤكدين أن الحل يكمن في تعزيز العقوبات ضد المروجين وتوسيع برامج التوعية.
وسط هذا الانقسام، اتخذت الحكومة موقفاً حذراً، كما ذكرت صحيفة "ليبراسيون"، معتبرة أن الموضوع يحتاج إلى نقاش وطني شامل قبل اتخاذ أي قرار تشريعي.
الإجراءات القانونية والرقابية الجديدة
على صعيد آخر، أصدرت الحكومة عدة إجراءات رقابية وقانونية لتعزيز فعالية مكافحة المخدرات زيادة مدة المراقبة والملاحقة القضائية لتجار المخدرات، وتطبيق غرامات مالية كبيرة ومصادرة ممتلكات تستخدم في الترويج للمواد المخدرة، وبرامج توعية وإعادة تأهيل للشباب في المناطق الأكثر تضرراً.
وأكدت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن هذه التدابير تهدف إلى الحد من النفوذ المالي لعصابات المخدرات على الأحياء الفقيرة، وتخفيف العبء على الشرطة القضائية.
معركة فرنسا بين الأمن والسياسة
عام 2025 أظهر تحدياً مزدوجاً أمام الدولة الفرنسية: مواجهة عصابات المخدرات وحماية المجتمع، وفي الوقت نفسه إدارة نقاش سياسي واجتماعي حساس حول تقنين القنب.
رغم الحملات الأمنية، يبقى النجاح رهيناً بتوازن بين الإجراءات الوقائية، العقابية، والسياسات التربوية والاجتماعية، وهو ما يضع ملف المخدرات في صدارة التحديات الوطنية للسنوات المقبلة.