فرنسا وإسرائيل.. حلفاء على خيط «توازن صعب»
توازن صعب ودقيق تبحث فرنسا تحقيقه بالشرق الأوسط من خلال توجيه علاقتها بإسرائيل في خط متغير يحاول تفادي الاستياء أو خسارة النفوذ.
هذا ما خلص إليه محللان استنادا إلى ما يعتقدان أنه نهج فرنسي يقوم على الإبقاء على الغموض بشأن مدى دعم باريس لإسرائيل في مواجهة إيران، وتأكيد رغبتها في عدم الظهور كحليف ثابت لإسرائيل حفاظا على نفوذها بالشرق الأوسط.
والأحد، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن فرنسا كانت من بين حلفاء إسرائيل ممن ساعدوا في التصدي للهجوم الإيراني الذي وقع ليل السبت الأحد، وهو ما أكدته لندن وواشنطن.
وبعدها بيوم، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس "اعترضت" صواريخ ومسيرات إيرانية، مبررا هذا التدخل بوجود قاعدة جوية فرنسية في الأردن انتهكت إيران مجالها الجوي أثناء الهجوم.
وردا على سؤال الأحد حول ما إذا قام الجنود الفرنسيون بالدفاع عن إسرائيل وحول دعم محتمل من باريس لهذا البلد إذا رد على إيران، قال وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه إن فرنسا ترغب في "خفض التصعيد".
وتسعى فرنسا التي واجهت انتقادات لدعمها القوي لإسرائيل بعد اندلاع حرب غزة ودعا رئيسها ماكرون إلى تشكيل تحالف دولي ضد حماس، لأن تبدو متوازنة حفاظا على تطلعاتها لأداء دور ضامن الاستقرار في الشرق الأوسط، كما صرح محللون لوكالة فرانس برس.
وكانت باريس أول دولة غربية ترسل سفينة مستشفى لعلاج مدنيي غزة قبالة السواحل المصرية، كما قامت فرنسا بإسقاط المساعدات على غزة منذ بداية يناير/ كانون الثاني الماضي.
"توازن"
مع ذلك، فإنها لم تندد بالهجوم المنسوب إلى إسرائيل ضد القنصلية الإيرانية بسوريا في الأول من أبريل/نيسان الجاري والذي سبب الهجوم الإيراني على الأراضي الإسرائيلية الأسبوع الماضي.
وقالت أنييس لوفالوا من معهد الأبحاث والدراسات حول المتوسط والشرق الأوسط، لوكالة فرانس برس: "في الواقع موقف فرنسا هو دعم إسرائيل مع إعطاء ضمانات للدول العربية (...) حفاظا على علاقاتها بالمنطقة".
وبعد اتهام ماكرون "من قبل بعض السياسيين في فرنسا بدعم إسرائيل"، قال دونيه بوشار، المدير السابق لشمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية إن "هم الرئيس هو الحفاظ على موقف يعتبره متوازنا".
"تباين"
من جهته، اعتبر حسني عبيدي من مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف، أن إيمانويل ماكرون "ليس لديه مقاربة ثابتة في السياسة الخارجية"، واصفا موقف الرئيس الفرنسي بأنه "يتطور حسب الظروف".
وهذه المرة اتخذ الرئيس مقاربة ذات شقين.
وأكد في البداية دعمه لإسرائيل، واصطف في المعسكر الغربي وسلط الضوء على استعداد فرنسا للدفاع عن حلفائها، كما يقول حسني عبيدي.
ويتابع الخبير: "ومن ثم، أظهر ماكرون تباينا و"تراجعا ليكون لديه أيضا "هامش مناورة لاحتواء الرأي العام الداخلي والمصالح الخاصة لفرنسا".
وباتت الدبلوماسية الفرنسية في الشرق الأوسط تسبب انقسامات منذ الهجوم الدموي الذي شنته حركة حماس على إسرائيل والحرب الإسرائيلية على غزة التي سببت وضعا إنسانيا كارثيا.
فقبل أسبوعين، وجه نحو 100 برلماني يساري رسالة لماكرون للمطالبة بـ"الوقف الفوري لجميع صفقات بيع الأسلحة (...) لحكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو اليمينية المتطرفة".
وأمس الإثنين، بعث نواب فرنسيون من اليسار المتطرف رسالة إلى وزير الجيوش سيباستيان لوكورنو يطلبون فيها توضيحات بشأن "مشروعية" اعتراض باريس الصواريخ والمسيرات الإيرانية.
aXA6IDE4LjIxOC43Ni4xOTMg جزيرة ام اند امز