"تحالف اليسار" بفرنسا.. هل يفرض "التعايش" على ماكرون؟
توصلت أحزاب اليسار الفرنسي الأربعاء، إلى اتفاق لتأسيس تحالف يخوض الانتخابات البرلمانية في يونيو/حزيران المقبل، بهدف ضمان أداء قوي.
وتم ذلك إثر محادثات استمرت طيلة الليل، انضم الحزب الاشتراكي إلى الخضر والحزب الشيوعي في تحالف تقوده حركة فرنسا الأبية اليسارية الراديكالية التي ظهرت كقوة يسارية مهيمنة في الانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان الماضي.
وقال الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحركة "فرنسا الأبية"، خلال بيان مشترك: "نريد انتخاب نواب في غالبية الدوائر الانتخابية لمنع إيمانويل ماكرون من المضي قدمًا في سياساته، وإنزال الهزيمة باليمين المتطرف".
وما زال هذا التحالف بحاجة للحصول على موافقة المجلس الوطني الاشتراكي في اجتماع مقرر غدا الخميس، لكن مقربين من قيادات الحزب الاشتراكي قالوا لـ"فرانس برس"، إن نتيجة التصويت ليست محسومة.
"بحث عن الأمل"
وقال فابيان روسيل، زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي لراديو "فرانس إنتر"، "لا يمكن لأحد من اليسار أن يفوز بمفرده"، مشيرًا إلى أن التحالف الجديد بحاجة إلى أن يبني على "الأمل الهائل بين الجمهور الفرنسي وبين العمال وبين الشباب الذين يطالبوننا بأن نتحد".
وسجل زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلانشون أداء قويًا خلال انتخابات الرئاسة الماضية، متقدمًا كثيرًا على باقي أحزاب اليسار وكان الفارق ضئيلًا بينه وبين الصعود إلى الدورة الثانية، حيث حاز ما يقرب من 22% من الأصوات.
وبعد فوز ماكرون بالرئاسة، دعا ميلانشون الناخبين على الفور إلى انتخابه "رئيسًا للوزراء" ومنح اليسار أغلبية في الجمعية الوطنية (البرلمان) لعرقلة إصلاحات تيار الوسط.
ومثل الانتخابات الرئاسية، تجري الانتخابات التشريعية في 577 دائرة انتخابية في فرنسا على جولتين في يونيو/حزيران، وهذا يعني أن التحالفات تقدم أفضل فرصة للتعويض في الجولة الثانية.
وفي حال فاز تحالف اليسار بالأغلبية، سيكون "التعايش" القسري بين ماكرون وميلانشون؛ أي مشاركة المنصبين الكبيرين في البلاد (الرئاسة ورئاسة الوزراء) هو الأول منذ عقدين، لكن المراقبين يقولون إن مثل هذا السيناريو ما زال غير مرجح.
مفاوضات تاريخية
ومنذ بداية الأسبوع الماضي، أبقت الخلافات السياسية الرئيسية الأجواء متوترة خلال المفاوضات بين الأحزاب اليسارية مع بقاء نقطة شائكة حول اقتراح حركة فرنسا الأبية من جانب واحد، "عصيان" أحكام بعض معاهدات الاتحاد الأوروبي.
لكن الحلفاء الجدد اتفقوا على "مقترحات ميلانشون" السياسية والأساسية بما في ذلك رفع الحد الأدنى للأجور وخفض سن التقاعد إلى 60 عامًا وإلغاء إصلاحات سوق العمل التي أدخلت في عهد الرئيس الاشتراكي السابق فرانسوا أولاند.
وقالت مانون أوبري، عضو البرلمان الأوروبي عن حركة فرنسا الأبية لإذاعة "أوروبا 1" إن المفاوضات كانت "تاريخية"، ووفرت لكل طرف استقلالية ضمن "إطار سياسة مشتركة".
وعبر مسؤولون في الحزب الاشتراكي مثل أولاند الذي كان في السلطة قبل خمس سنوات فقط من السقوط السريع للاشتراكيين، بوضوح عن معارضتهم للاتفاق، محذرين من أن التحالف اليساري قد يعني "اختفاء" الاشتراكيين.
لكن أوبري قالت الأربعاء إن "تحركهم المهم بإزاء إرث أولاند" هو الذي سمح تحديدًا للاشتراكيين بالتوافق مع بقية اليسار.
فرص التحالف
وبعد التغلب على خلافات اليسار الفرنسي المجزأ تقليديًا، يتطلع الشركاء الجدد إلى كيفية توزيع الدوائر الانتخابية بين هذه الأحزاب، إذ يهدف كل منها إلى الترشح على البطاقة الموحدة "القابلة للفوز" بأكبر عدد من المقاعد.
ويبدو وفق الاتفاق النهائي، أنه سيتم توزيع حوالي 100 دائرة انتخابية على حزب الخضر و70 للحزب الاشتراكي و50 للحزب الشيوعي، وفق "فرانس برس".
وفي أول استطلاع ينشر عن حظوظ التحالف اليساري، توقعت مؤسسة "هاريس إنتراكتف"، أمس، أن تحصل الكتلة 28% من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية متفوقة بأربع نقاط عن حزب الجمهورية للأمام؛ حزب ماكرون، الذي حل ثانيا بـ24% من الأصوات.
وفي المرتبة الثالثة، تأتي الجبهة الوطنية "يمين متطرف"، بزعامة مارين لوبان، بـ23%، وفق الاستطلاع الذي طالعته "العين الإخبارية"، ولم يذكر أي شيء عن نتائج الجولة الثانية الحاسمة.
ولا يزال الوقت مبكرا لحسم التنافس المتوقع بين الكتل المشاركة في الانتخابات التشريعية، حيث لم تعلن عن برامجها أو مرشحيها. كما لم تبدأ الحملات الانتخابية بعد.
aXA6IDE4LjE4OC4xMzIuNzEg جزيرة ام اند امز