مصير الجمعية الوطنية بفرنسا.. ورقة ضغط أم بداية لتغيير الخريطة؟

مع تصاعد النقاش حول احتمال حلّ الجمعية الوطنية وما يحمله من تداعيات على التوازنات الداخلية، بات المشهد السياسي في فرنسا عند مفترق طرق حاسم.
فبين حكومة متمسكة بخياراتها الاقتصادية والاجتماعية، ومعارضة تعيد ترتيب أوراقها استعداداً لأي استحقاق مباغت، تتزايد التوقعات بأن البلاد مقبلة على اختبار سياسي يحدد شكل المرحلة المقبلة.
هذا الاحتمال، الذي لم يعد مجرد سيناريو نظري، بات محور جدل بين القوى الحزبية والخبراء، إذ يرى البعض فيه أداة ضغط متبادلة، بينما يعتبره آخرون مدخلاً لإعادة تشكيل الخريطة السياسية.
ومنذ تولي سيباستيان لوكورنو منصب رئاسة الوزراء، يخيم شبح حل الجمعية الوطنية على الحياة السياسية الفرنسية، فقد أشار نواب اشتراكيون إلى أنهم باتوا يعيدون ترتيب أوراقهم الانتخابية، ويعيدون طباعة ملصقات حملاتهم السابقة تحسباً لانتخابات مفاجئة.
وأعلن النائب الاشتراكي فيليب بران بوضوح: "أستعد لحلّ الجمعية الوطنية". فيما حاول رئيس الكتلة الاشتراكية بوريس فالود الظهور في أكثر من مناسبة محلية، معتبراً أن رفض الحكومة الإصغاء لمطالب النقابات والحزب، بينها فرض "ضريبة زوكمان" على الثروات الكبرى وتعليق إصلاح التقاعد، جعل سيناريو الحلّ أكثر ترجيحاً، وفقا لصحيفة "لوموند" الفرنسية.
فإلى أين تسير فرنسا؟
يقول أستاذ العلوم السياسية الفرنسي أوليفييه روكان، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن أسباب حل البرلمان التي تريدها الأحزاب السياسية ليست مفهومة تمامًا من جهة الجمهور، موضحاً أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينبغي عليه أن يوضح هذه الأسباب أكثر.
روكان أشار إلى أن الرسالة التي وجهها ماكرون بعد قراره لم تكن كافية لفهم الجمهور لكيف ولماذا تمّ اتخاذ هذا القرار؟
ويرى الخبير السياسي الفرنسي أن الاستعدادات المكثفة داخل الحزب الاشتراكي تكشف عن وعي عميق بخطورة المرحلة، موضحاً أن الحزب لا يريد أن يُفاجأ، بل يسعى لتقديم نفسه كقوة بديلة جاهزة، خاصة وأن رفض الحكومة أي تعديل في سياستها الاجتماعية والاقتصادية يدفع البلاد إلى أزمة سياسية مفتوحة.
وبحسب روكان، فإن هذا الاستنفار المبكر قد يمنح الحزب الاشتراكي زخماً إضافياً، حال إجراء انتخابات مبكرة.
استراتيجية ضغط؟
بدوره، قال الباحث السياسي الفرنسي بنجامان موريل، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة باريس الثانية (بانثيون) لـ"العين الإخبارية" إن مجرد النقاش حول "الحل" قد يكون جزءاً من استراتيجية ضغط متبادلة.
وأوضح أن الحكومة تلوّح بالحل لردع المعارضة عن التشدد، بينما المعارضة تستعد له لإظهار قدرتها على المواجهة، مؤكداً أن الحزب الاشتراكي اليوم يقف أمام اختبار صعب: إما أن يظهر كخيار سياسي قادر على جمع أصوات اليسار من جديد، وإما أن يخاطر بتشتت قاعدته لصالح قوى أخرى مثل "فرنسا الأبية".
وأشار موريل إلى أنه بات من الواضح أن الحلّ المحتمل للجمعية الوطنية لم يعد مجرد احتمال سياسي بعيد، بل واقع تتحسب له القوى الحزبية الكبرى، وعلى رأسها الحزب الاشتراكي.
ورأى أنه إذا ما تحقق، فإنه سيشكل لحظة حاسمة في إعادة تشكيل الخريطة السياسية الفرنسية، وقد يمنح الاشتراكيين فرصة للعودة إلى الواجهة، أو يكشف ضعفهم أمام منافسيهم في اليسار واليمين على حد سواء.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTYg جزيرة ام اند امز