فرنسوا بايرو.. هل يكون عصا ماكرون السحرية لتجاوز الأزمة السياسية؟
يعلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون آمالا كبيرة على فرنسوا بايرو رابع رئيس وزراء يعينه خلال 2024 لإنهاء الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.
بايرو، السياسي المخضرم بتيار الوسط فرانسوا بايرو خاض أزمة سياسية سابقة عندما وزيرا للتعليم في التسعينيات، إذ فجرت خطته لزيادة الدعم للمدارس الخاصة احتجاجات على مستوى البلاد، لكنه سرعان ما تراجع ليبقى في منصبه لمدة 4 سنوات أخرى.
وبعد مرور ثلاثة عقود من الزمن، سيواجه بايرو وضعا مختلفا في شكل برلمان منقسم يهيمن عليه الاستقطاب، وستكون إحدى مهامه الأولى إقرار مشروع موازنة عام 2025.
ويتعين عليه أولا أن يشكل حكومة، مثل حكومة سلفه ميشيل بارنييه، تحظى بدعم الأقلية في البرلمان وتكون عرضة للهجوم من المعارضين من أقصى اليمين واليسار.
ويبدو أن سحب الثقة من بارنييه وحكومته، وهي المرة الأولى التي يصوت فيها البرلمان الفرنسي على حجب الثقة عن حكومة منذ عام 1962، كان بمثابة صدمة حتى لأولئك الذين كانوا وراء هذه الخطوة.
وفي الوقت الحالي، هناك دعم من مختلف الأحزاب لتشريع طارئ لضمان عدم توقف التمويل الحكومي، ولكن بعد ذلك سيبدأ العمل الجاد على إعداد ميزانية العام المقبل.
وقال آرنو بينيديتي، الأستاذ بجامعة السوربون، لرويترز "الصعوبات مستمرة كما كانت في عهد ميشيل بارنييه.. على الأقل، لا يبدو من المرجح طرح اقتراح بسحب الثقة في الأمد القريب".
أما أحد مساعدي ماكرون فاعتبر أن بايرو هو "المرشح الأكثر توافقية القادر على جمع الناس معا"، وقال أعضاء الحزب الاشتراكي إنه امتداد لسلفه بارنييه.
وبايرو (73 عاما) هو سياسي مخضرم، وكان حاملا لشعلة تيار الوسط حتى أعاد ماكرون تشكيل المشهد السياسي في عام 2017، عندما أطاح بالأحزاب الرئيسية التقليدية في حملة دعمها بايرو.
وتحدث بايرو في السابق بلهجة صارمة عن المخاطر التي يفرضها تراكم أعباء الديون الفرنسية.
وكرر ذلك يوم الجمعة، قائلا إن ديون البلاد "مشكلة أخلاقية" بقدر ما هي مشكلة مالية، وقال لبارنييه: "أسمع تحذيرك بشأن خطورة الموقف وأتفق معك".
ولكنه يعطي أولوية كبيرة للحفاظ على التفاهم والوفاق سواء مع النقابات، أو المشرعين، أو المجموعة الكبيرة من أصحاب المصالح في فرنسا.
لكن الحفاظ على الوفاق في الجمعية الوطنية (البرلمان) التي تهيمن عليها 3 فصائل متنافسة سيكون مستحيلا تقريبا.
وأدى رفض المشرعين لمشروع قانون ميزانية 2025 إلى سقوط بارنييه، ويقول زعماء اليسار إنهم قد يسعون للإطاحة ببايرو إذا استخدم أيضا سلطات دستورية خاصة لإقرار الميزانية دون تصويت في البرلمان.
وقال رافائيل برون أجوير من جيه.بي مورغان في مذكرة "تلبية مطالب أحزاب المعارضة قد تكون مكلفة ماليا وقد تكون درجة ضبط الأوضاع المالية محدودة العام المقبل نتيجة لذلك".
خطوط حمراء
خلال الأيام القليلة الماضية، أجرى ماكرون محادثات مع رؤساء الأحزاب بدءا من حزب الجمهوريين المنتمي ليمين الوسط وحتى الحزب الشيوعي.
ودعا ماكرون كل "القوى الجمهورية" إلى الاتحاد، لكنه اختار مقاومة دعوات الحزب الاشتراكي لتعيين رئيس وزراء من بين صفوفه، وذلك لعدم رغبته في المخاطرة بإلغاء الإصلاحات التي حررت ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وأرست نظام التقاعد على أساس مالي أكثر متانة.
ورغم ذلك، فإن إصلاح نظام التقاعد الذي أجراه الرئيس في عام 2023 سيظل في مرمى نيران معارضيه.
وقال جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني من تيار أقصى اليمين، للصحفيين بعد وقت قصير من تعيين بايرو "لا تزال خطوطنا الحمراء قائمة".
وتشمل هذه الخطوط الحمراء ربط معاشات التقاعد بالتضخم طوال عام 2025.
وأظهر استطلاع للرأي أجري مؤخرا أن 35 إلى 38 % من الناخبين يعتزمون دعم زعيمة حزب بارديلا، مارين لوبان، في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها في عام 2027 - وهو مستوى تأييد غير مسبوق لزعيمة تيار أقصى اليمين يضعها في الصدارة.
وعلاوة على ذلك، حتى لو لم يعترض الخصوم السياسيون سبيل بايرو، فإن التحديات التي تواجه حكومته المستقبلية ستكون هائلة.
فسوف يتعين على حكومته خفض عجز الميزانية إلى مستوى أقل من 6.1 % المتوقع لعام 2024 مع إبقاء النقابات العمالية الأقرب لتنظيم احتجاجات تحت السيطرة، فضلا عن زيادة الإنفاق العسكري المخصص لأوكرانيا وإيجاد سبل لدعم القطاع الصناعي المتعثر.
ووعد بارنييه بخفض العجز من خلال زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى، فضلا عن فرض قيود على الزيادة المزمعة في مخصصات المعاشات التقاعدية. لكن هذه الإجراءات نحيت جانبا عندما تمت الإطاحة بحكومته.