جدلية وغير رسمية.. قائمة الدول والكيانات التي لا تعترف بها فرنسا

تحافظ فرنسا على قائمة غير معلنة من الكيانات والدول التي لا تعترف بها كدول ذات سيادة، حتى الآن، رغم مساعٍ دبلوماسية بهذا الصدد.
ومع إعلان باريس نيتها الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل، تنكشف ملامح هذه القائمة المثيرة للجدل، التي تضم أراض تمتد من القوقاز إلى القرن الأفريقي، مرورًا بكوريا الشمالية.
خطوة نحو فلسطين
في هذا السياق، ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية أنه "إذا ما أوفت باريس بوعدها الدبلوماسي المعلن، فسيتم في سبتمبر/أيلول 2025، الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، لتغادر بذلك واحدة من أكثر القوائم رمزية في السياسة الخارجية الفرنسية".
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذا القرار "يأتي في ظل أزمة إنسانية متفاقمة في غزة والضفة الغربية، ناتجة عن السياسات الإسرائيلية، ما يجعل الاعتراف الفرنسي المحتمل ليس مجرد خطوة رمزية، بل هو تطور استراتيجي قد يُعيد رسم خريطة الاعترافات العالمية بفلسطين".
ومنذ إعلان الاستقلال الفلسطيني في 1988 من قِبل منظمة التحرير الفلسطينية، نالت اعتراف 148 من أصل 193 دولة عضوًا في الأمم المتحدة، إلا أن دولًا غربية كبرى، ومنها فرنسا، ظلت حتى اليوم تتهرب من منح هذا الاعتراف الكامل، مفضلة سياسة الغموض الدبلوماسي.
قائمة غير رسمية
اللافت أن فرنسا لا تملك قائمة قانونية أو رسمية تحدد بشكل قاطع الدول التي لا تعترف بها.
ووفقًا للدكتور بليغ نبلي، أستاذ القانون العام بجامعة باريس-إيست كريتاي، "لا توجد سلطة مركزية في القانون الدولي تمتلك الحق الحصري في تحديد الاعتراف بوجود دولة".
هذا يعني أن الاعتراف الدولي يتم من خلال قرارات سيادية تتخذها كل دولة على حدة، استنادًا إلى تقييمها السياسي والاستراتيجي.
وعليه، فإن ما يعرف بقائمة "الدول غير المعترف بها" ليس سوى تراكم لمواقف دبلوماسية مبنية على حسابات سياسية، وأمنية، أو حتى اقتصادية، تتفاوت من حالة إلى أخرى، ولا تُبنى دائمًا على المعايير القانونية أو الواقعية.
الأمر الواقع
وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن الكيانات التي لم تنل الاعتراف الفرنسي تتنوع بين ما هو أشبه بالمناطق الانفصالية غير المستقرة، وبين كيانات تحكم نفسها فعليًا وتملك مؤسسات دولة لكن دون اعتراف دولي واسع.
وفي هذه القائمة، هناك مناطق انفصالية بلا مؤسسات واضحة: كإقليم أزواد في مالي أو بلوشستان الممتد بين إيران وباكستان. هذه المناطق تملك حركات تطالب بالاستقلال، لكنها لا تُشكّل كيانات متماسكة أو دولًا فعلية.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هناك دولا قائمة بحكم الواقع لكنها غير معترف بها، مثل أرض الصومال (صوماليلاند)، التي تتمتع باستقرار نسبي وحكومة منتخبة منذ إعلانها الانفصال عن الصومال في 1991، ولكنها لا تحظى باعتراف دولي رسمي، بما في ذلك من فرنسا.
الصحيفة الفرنسية قالت إن هناك دولا تامة التنظيم ومعترفا بها من دول أخرى، لكن لا تتمتع باعتراف فرنسي: مثل كوريا الشمالية، والتي تمتلك حكومة مستقلة وجيشًا واقتصادًا وعلاقات دبلوماسية مع دول عدة.
معضلة
ما يجعل هذه القائمة "غير متجانسة"، بحسب المراقبين، هو غياب معيار موحّد يُستخدم لتحديد الاعتراف أو رفضه. فبينما تعترف فرنسا بـ"كوسوفو" (منذ 2008) و"جنوب السودان" (منذ 2011) على أساس ولادة جديدة في سياق سياسي معين، تتجاهل دولًا أخرى تمتلك مقومات الدولة بشكل كامل.
وفي كثير من الأحيان، يكون الاعتراف رهين تحالفات دولية. على سبيل المقال، يعود الامتناع عن الاعتراف بـ"أبخازيا" و"أوسيتيا الجنوبية"، رغم مطالبتهما بالاستقلال عن جورجيا، جزئيًا إلى عدم الرغبة في إضفاء الشرعية على تدخلات روسيا العسكرية. بالمقابل، تعترف موسكو بهما كدول، في مشهد يعكس التوترات الجيوسياسية بين الشرق والغرب.
ورأت الصحيفة الفرنسية أن اعتراف فرنسا المرتقب بدولة فلسطين يُمثّل سابقة قد تعيد النظر في معاييرها تجاه الكيانات الأخرى في القائمة غير الرسمية، أو على الأقل تفتح الباب لتساؤلات حول المعايير المعتمدة في منح الاعترافات.
وإذا ما أقدمت باريس فعلًا على هذه الخطوة، فستكون واحدة من أبرز القوى الغربية التي تقلب موقفها في هذا الملف، ما قد يحرك مواقف مشابهة من دول أوروبية أخرى.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzkg
جزيرة ام اند امز