استخدام الجيش لمواجهة "السترات الصفراء" يثير الجدل في فرنسا
خبراء عسكريون قالوا إن المرة الأخيرة التي استخدمت فيها قوات الجيش خارج نطاق العمليات الإرهابية كانت عام 1948.
بعد موجة احتجاجات تعد الأعنف في فرنسا، الأسبوع الماضي، لم تجد سلطات البلاد أفضل من اتخاذ تدابير صارمة بحظر التظاهر في الشانزليزيه وعدة مدن أخرى.
ونشرت الجيش الفرنسي 6 مدرعات ونحو 7 آلاف جندي من قوات العمليات الخاصة"سانتينال" بباريس، مع السماح لهم بفتح النار على متظاهري "السترات الصفراء" الذين يحتجون للأسبوع التاسع عشر على التوالي.
المعارضة الفرنسية اعتبرت أن باريس ليست في حالة حرب أهلية للجوء إلى الجيش لحماية المؤسسات الحكومية، معربين عن قلقهم من تدهور الوضع كما اغتنموا الفرصة لتوجيه انتقادات للحكومة.
- بالصور.. الجيش الفرنسي في مواجهة "السترات الصفراء" للمرة الأولى
- باريس تترقب انتشار الجيش في سبت حظر مظاهرات "السترات الصفراء"
صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية أكدت أن المرة الأخيرة التي استخدمت فيها قوات الجيش خارج نطاق العمليات الإرهابية، كانت عندما دعا الحزب الشيوعي الفرنسي إلى الدخول في إضراب تام وإعلان التمرد عام 1948، الأمر الذي دعا وزارة الداخلية الفرنسية آنذاك إلى طلب نشر الجيش في الشوارع.
واستبدلت السلطات الفرنسية قوات الشرطة والدرك بعناصر تابعة للقوات الخاصة الفرنسية لمكافحة الإرهاب "سانتينال"، والتي تأسست عقب الهجمات الإرهابية التي شهدتها باريس يناير/كانون الأول 2015.
مهمة القوات الخاصة هي مكافحة الإرهاب، وحماية المواقع الحساسة، بهدف تفرغ الشرطة الفرنسية لمهامها الأخرى، مع إعطائهم الصلاحية بإطلاق النار حال تعرضهم للخطر.
ووفقاً للتقديرات، بلغ عدد المتظاهرين في أنحاء فرنسا نحو 40 ألفا و500 متظاهر، مقابل 21 ألفا و300 متظاهر، الأسبوع الماضي، بينهم 5 آلاف بباريس، مقابل 10 آلاف السبت الماضي، كما تم اعتقال 233 شخصا بينهم 83 في العاصمة أيضاً.
انتقادات المعارضة
من جانبه، وصف جون لوك ميلانشون زعيم حزب "فرنسا المتمردة" تصرف السلطات بأنه "غير مسؤول" و"خطأ فادح"، ويعكس فشل الرئيس الفرنسي الذي أعلن من قبل أنه يريد مصالحة مع الفرنسيين لتخفيض حدة التوتر في المجتمع.
كما نشر ميلانشون خطاباً موقعا إلى رئيس الوزراء يوضح فيه أنه لا يمكن لمتظاهر من الشعب أن يكون عدوا للشعب لمواجهته بالجيش.
بدورها، قالت مارين لوبن، زعيمة حزب "التجمع الوطني" (يمين متطرف) على حسابها الرسمي بتويتر: "لقد صدمت بالقيام بمواجهة السترات الصفراء بقوات الجيش، لأن الجيش وظيفته مواجهة الأعداء وليس الشعب الفرنسي.. ما كان علينا فعل ذلك خاصة إن كانت لدينا وسائل أخرى".
إلى ذلك، قال الحاكم العسكري لباريس برنو ليراي، في تصريحات لإذاعة "فرانس إنفو"، إنه لا يستبعد فتح رجال الجيش النار على متظاهري السترات الصفراء، موضحاً أن مهمة قوات "السانتينال" حماية المباني والمؤسسات الحكومية وسيتمركزن في مناطق محددة، ولكن سيفتحون النار في بعض الظروف إذا ما أصبحت حياتهم مهددة خلال عملية التأمين.
مخاوف داخل الجيش الفرنسي
كما انتقد قائد عسكري فرنسي قرار نزول الجيش الفرنسي إلى الشوارع، موضحاً أن هذا الإجراء يعطي حججا دعائية لـ"السترات الصفرات"، وسيتم تفسيره بأن نزوله علامة جديدة من قمع السلطة للاحتجاجات، بحسب صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية.
فيما أشارت صحيفة "لا ديبيش" الفرنسية إلى أن "قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثار اضطرابات في صفوف الجيش الفرنسي بالتعبئة لتوفير 7 آلاف جندي للمشاركة في الترتيبات الأمنية للأسبوع التاسع عشر للسترات الصفراء".
ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى داخل الجيش الفرنسي من قوات "السانينتال"، لم تسمه، قوله إن "رئيس الأركان الفرنسي فرنسوا ليكوانتر قد حذر ماكرون قبل اتخاذ تلك الخطوة".
وأوضح المصدر أنه لا حاجة لتدخل الجيش وسط مظاهرات السترات الصفراء، قائلا: "لسنا مخولين لإنفاذ القانون، كما أننا لا نمتلك أدوات رجال الأمن العاديين، بينها عصا فض الاشتباكات أو معدات فض التظاهر التي يستخدمها قوات الأمن، كما أن حياتهم معرضة للخطر".
وأضاف: "من الناحية التقنية فإننا مدربون على مكافحة العدو، ولكن لا يمكننا التعامل مع استفزازات المتظاهرين.. القوات شهدت السبت حالات من المضايقات تعذر الجنود التعامل معها".
وعلى الرغم من هذه الانتقادات، ذكرت صحيفة "لكسبريس" الفرنسية أن الأسبوع التاسع عشر لمظاهرات السترات الصفراء مر بهدوء دون حوادث سلب ونهب أو حرائق، على عكس الأسبوع الماضي الذي شهد توترات وأحداث عنف، الأمر الذي يثبت فاعلية الخطة الأمنية بحظر المظاهرات ونشر مدرعات وقوات الجيش لحماية المباني".