فرنسا تدخل على خط الأزمة المغربية الإسبانية.. فهل تخمد نيرانها؟
مبادرة يقودها وزير الخارجية الفرنسي لإطلاق حوار سياسي بين المملكتين الإسبانية والمغربية يهدف إلى تجاوز الأزمة الدبلوماسية بينهما.
وفي الوقت الذي تشهد الأزمة المغربية الإسبانية تصاعداً مضطرداً، تُحاول الدبلوماسية الفرنسية لعب دور الوسيط للتخفيف من حدة هذا التوتر، والتوصل إلى حل يُنهي هذا الخلاف بين الجارتين.
وفي هذا الصدد، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، في تصريحات صحفية، أن دبلوماسية بلاده تقود جهوداً، بمبادرة شخصية منه لإيجاد حل لهذه الأزمة.
وأوضح الوزير الفرنسي أنه قد تحدث مع نظيره المغربي لإطلاق حوار سياسي بين المملكتين الإسبانية والمغربية، يهدف إلى تجاوز الأزمة الدبلوماسية بينهما.
- بعد ضغوط المغرب.. أول خطوة إسبانية ضد زعيم البوليساريو
- قضاء إسبانيا يستدعي زعيم البوليساريو.. اتهامات تعذيب واغتصاب
ولفت إلى أن هناك علاقة معقدة للغاية بين إسبانيا والمغرب في الوقت الحالي.
لكنه عبّر عن أمله أن يتم تجاوز هذه الأزمة على أفضل وجه ممكن، ليُعلق قائلاً "هناك حتى الآن علاقة إيجابية إلى حد ما بشأن الهجرة بين المغرب وإسبانيا”.
وكشف وزير الخارجية الفرنسي أنه تحدث مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، “في محاولة للمساهمة في إمكانية استئناف الحوار بين البلدين”.
وشدد على ضرورة اعتماد مقاربة مشتركة في معالجة قضايا الهجرة غير النظامية، مشيرا إلى الموقف المغربي الذي يشدد على تقاسم المسؤولية، و”ليس إلقاء اللوم على المغرب، الذي لا يرغب في أن يكون شرطي أوروبا”.
جهود مغربية
وفي وقت سابق، استعرض وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أرقاماً تعكس "جهوداً جبارة" لبلاده في مجال محاربة الهجرة غير النظامية، معتبرا أن بلاده غير مجبرة على حماية حدود الغير، على خلفية الأزمة الدبلوماسية مع جارتها الشمالية إسبانيا.
واستعرض الدبلوماسي المغربي جهود بلاده في مجال محاربة الهجرة والاتجار بالبشر، مُؤكداً أن بلاده فككت 8000 خلية للاتجار بالبشر، وأحبطت 14 ألف محاولة هجرة غير شرعية، منها ثمانون محاولة تسلل إلى مدينة سبتة.
كما كشف بوريطة أن بلاده قامت بتبادل 9000 معلومة مع إسبانيا حول الهجرة غير الشرعية، مُعلقا بالقول إن "حسن الجوار ليس طريقا ذا اتجاه واحد. كما إنها ليست مسؤولية المغرب وحرية شركائه في العمل ضد مصالحه".
وأوضح بوريطة أن المغرب قدم الكثير في مجال التعاون في مجال الهجرة، لافتا إلى أن المغرب قام بذلك من منطق الشراكة الثنائية، سواء مع الجارة الشمالية إسبانيا، أو مع الاتحاد الأوروبي ككل.
ولفت إلى أن الشراكة لا يجب أن تكون انتقائية، بل إنها تعني أولا وقبل كل شيء فهم المصالح الاستراتيجية للشركاء، وذلك في إشارة منه إلى استضافة إسبانيا لإبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو.
وأكد بوريطة أن المغرب لا يتحرك في مجال الهجرة من أجل مقابل مالي، مشيرا إلى أن ما يحصل عليه المغرب في المتوسط من الاتحاد الأوروبي لا يتجاوز 300 مليون يورو سنويًا، أي أقل من 20% من التكلفة التي يتحملها المغرب في محاربة الهجرة.
وأوضح أن إسبانيا لم تستشر الاتحاد الأوروبي قبل اتخاذ قرارات تؤثر على مصالح المغرب، أو قبل اعتماد معايير "شنغن" لقبول "الدخول الاحتيالي لشخص تطلبه المحاكم الإسبانية"، مضيفا في هذا الصدد: "خلقت إسبانيا أزمة وتريد من الاتحاد الأوروبي أن يتصدى لها".
وبيّن الوزير أن المغرب لم يتم إبلاغه من طرف إسبانيا بوصول غالي إلى ترابها، مُتسائلا "إن كان من الطبيعي في دولة القانون تزوير جواز السفر وانتحال الهوية لإحضار شخص ما إلى الأراضي الأوروبية، وهل من الطبيعي أن لا تتم محاكمته على الرغم من وجود 4 شكاوى تتعلق بالاغتصاب والإرهاب والتعذيب".
لا نريد أزمة مع المغرب
وفي مقابل الموقف المغربي، تقود إسبانيا حملة دبلوماسية غير مسبوقة للترافع لدى دول الاتحاد الأوروبي بخصوص هذه الأزمة.
توجيهات دبلوماسية تم تعميمها في مذكرة على سفارات مدريد لدى دول الاتحاد الأوروبي، تشدد على ضرورة إقناع خارجيات هذه الدول بكون إسبانيا "لا تريد الأزمة مع المغرب، وقد نتجت عن قرار إنساني صرف".
وفي الوقت الذي يُشدد المغرب على أن السبب الرئيسي للأزمة هو استضافة إسبانيا لزعيم البوليساريو على ترابها بهوية ووثائق مزورتين، وعدم إخبار الرباط بذلك، تقول إسبانيا لدول الاتحاد الأوروبي إن "السبب هو موقف إسبانيا من نزاع الصحراء المغربية".
وشددت الوزارة في المذكرة على أنها تود وضع حل لهذا المشكل في أقرب وقت ممكن.
من جهة ثانية، قالت وزيرة الخارجية الإسبانية، في حوار نشر اليوم الأحد، إن “قنوات الاتصال مع المغرب مازالت مفتوحة” رغم التوتر القائم، وشددت على أن بلادها “لا تريد لهذا الخلاف أن يتفاقم لأنها تريد علاقات جيدة مع المغرب”.
وأضافت وزيرة الخارجية: “مدريد لا تريد إقامة علاقات عدائية مع الرباط، ولم نفعل ذلك أبدا ولن نفعل. نريد علاقة كاملة ومستقرة تقوم على الاحترام والتفاهم المتبادلين”.
واعترفت الوزيرة الإسبانية باستضافة زعيم البوليساريو على التراب الإسباني، وأن العملية تمت بنوع من "التكتم".
بداية القصة
وتعود بدايات الأزمة بين البلدين إلى استقبال مدريد على ترابها زعيم جبهة البوليساريو ابراهيم غالي، والسماح له بالدخول باستخدام وثائق هوية مزورة، دون الرجوع إلى الرباط أو إخبارها.
وفي وقت سابق، أصدر القضاء الإسباني أمرا باستدعاء غالي، وذلك بعد تحريك شكوى تقدم بها مواطن يحمل الجنسية الإسبانية، يتهمه فيها بتعريضه للتعذيب.
وإلى حدود الساعة لم يمثل غالي أمام القضاء الإسباني، على الرغم من الشكاوى العديدة التي تتهمه بالضلوع في تصفيات وجرائم اغتصاب وغيرها، كما سبق وصدرت مُذكرات بحث عنه من القضاء الإسباني.
وفي هذا الصدد، ربطت الرباط عودة سفيرتها إلى مدريد كريمة بنيعيش بـ"انتهاء الأسباب الحقيقية للأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين".
وبالتالي فإن بنيعيش “لن تعود ما دامت أسباب الأزمة قائمة” بين البلدين، حسب وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xMTUg
جزيرة ام اند امز