فرنسا تترقب.. هل تُفشل مظاهرات السبت حكومة الأحد
تترقب فرنسا ولادة متعثرة لحكومة جديدة في ظل انقسام حاد، تقاوم فيه هتافات السبت، صرخات الإليزيه للخروج من المأزق السياسي.
ويأمل رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه أن يعلن تشكيل حكومته "قبل الأحد"، في حين يتظاهر قسم من اليسار مجددا السبت للتنديد بالتوجهات السياسية للحكومة المقبلة.
وعقّدت نتيجة الانتخابات التشريعية التي جرت في يوليو/تموز تشكيل الحكومة، إذ لم تفض إلى غالبية صريحة في الجمعية الوطنية (الغرفة السفلى للبرلمان) المنقسم حاليا إلى ثلاث كتل، هي اليسار الذي تصدر نتائج الانتخابات ويمين الوسط وأقصى اليمين.
وكلّف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوائل سبتمبر/أيلول الجاري ميشال بارنييه المنتمي لحزب الجمهوريين اليميني تشكيل الحكومة الجديدة، آملا أن ينجح في إخراج فرنسا من المأزق السياسي.
وبعد مرور أكثر من أسبوعين على تكليف كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي السابق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أعلن الوفد المرافق له مساء الجمعة أن التشكيلة النهائية للحكومة أُرسلت إلى قصر الإليزيه.
لكن بعض الأسماء التي أعلنت أثارت القلق في أوساط الغالبية الرئاسية، وندد بها اليسار.
من بين الأسماء المثيرة للجدل ثلاثة وزراء منتمين لليمين، بينهم برونو روتايو زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ والمتوقع أن يتولى حقيبة الداخلية وفق مصادر يمينية ووسطية، والسيناتورة لورانس غارنييه عن حزب الليبراليين التي اختيرت لوزارة العائلة.
ويعرف روتايو المحافظ بمواقفه اليمينية المتطرفة في ملف الهجرة، وغارنييه بمواقفها المناهضة للإجهاض الاختياري.
تغييرات اللحظات الأخيرة
وأكد مصدر وزاري لفرانس برس أن "الأسماء شهدت تغييرات" في الأيام الأخيرة.
ولم يؤكد حزب "الحركة الديمقراطية" الوسطي حتى الآن مشاركته في الحكومة.
وفي مواجهة التردد وباسم "المصلحة الجماعية" دعا ماكرون حلفاءه إلى "مساعدة" رئيس الوزراء في تشكيلها.
وحض النائب السابق الوسطي جان لويس بورلانج "أصدقاءه" عبر منصة "إكس" على "تخطي تحفظاتهم"، لأن "الوضع السياسي والمالي والدولي للبلاد خطير جدا".
لكن يبدو أن أصواتا أخرى داخل المعسكر الرئاسي غير مقتنعة أيضا بهذه الحكومة.
وأعرب أحد زعماء الغالبية السابقة عن أسفه لعدم توضيح "أي غموض" بشأن السياسة التي سيتبعها ميشال بارنييه، معتبرا أن "لا شيء" واضح، "فيما يتعلق بالهجرة، والضرائب، والأخلاقيات البيولوجية"، بما يشمل الممارسات الطبية وكل ما له صلة بالممارسات البشرية والتكنولوجيا الحيوية.
وأفاد عدد من المشاركين في اجتماع زعماء أحزاب ستنضوي في الحكومة بأن بارنييه أكد أنه لن يزيد الضرائب على الطبقات الوسطى.
وأشاد رئيس الحكومة السابق ورئيس كتلة نواب معسكر ماكرون غابريال أتال بهذا القرار، بعدما هدد نواب الكتلة بعدم المشاركة في حكومة تخطط لزيادة الضرائب.
الوضع خطر
وأعلن بارنييه في بيان صادر عن مكتبه أنه يرغب في "تحسين الخدمات العامة خصوصا المدارس والصحة، وضمان الأمن، وتنظيم الهجرة وتعزيز الاندماج".
وأكد المكتب أن بارنييه يعتزم "تشجيع الشركات والمزارعين وتعزيز الجاذبية الاقتصادية لفرنسا وضبط المال العام".
وأوضح رئيس الوزراء، الأربعاء، أن الوضع المالي في البلاد "خطر جدا".
ويصل دين فرنسا إلى 110% من الناتج المحلي الإجمالي، ويقدر العجز العام بنحو 5,5% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين يحدد ميثاق الاستقرار الأوروبي سقف هذا العجز عند 3%، والدين عند 60% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو.
ويعبّر اليسار الذي تمثله أكبر كتلة في الجمعية الوطنية عن غضبه من الحكومة المقبلة التي تضم شخصيات يمينية.
وتظاهر آلاف الأشخاص، السبت، في شوارع باريس للتنديد بـ"حكومة ماكرون-بارنييه"، بدعوة من حزب الخضر واليسار الراديكالي (حزب فرنسا الأبية) وجمعيات ومنظمات طلابية وبيئية ونسوية.
وأُعلن عن نحو ستين تجمعا في كل أنحاء فرنسا، بحسب حزب "فرنسا الأبية".
وقالت رئيسة كتلة الحزب في الجمعية الوطنية ماتيلد بانو "إنها مسألة كرامة شعب بأكمله، بعد انتخابات نكرها وسرقها الرئيس".
وكتبت المنظمات في دعوتها إلى المظاهرات أن ميشال بارنييه "رئيس وزراء يميني متشدد، ومعاد للمجتمع، ومعاد للمهاجرين وله ماض معاد للمثليين"، و"لن يتمكن من الحكم إلا باتفاق دائم مع (زعيمة أقصى اليمين) مارين لوبن".