من كورونا للصاروخ.. هل تتعرض الصين لقصف إعلامي "مفتعل"؟
تضخيم إعلامي يبدو متعمدًا ولا يتوقف لقصف الصين بداية من أزمة كورونا مرورًا بـ"الصاروخ الشارد".
فخلال الحدثين، شن الإعلام الأمريكي حملة مكثفة ضد بكين ضمن الحرب الباردة بين البلدين اعتبرتها الصين "تسييسا" للأزمات من قبل واشنطن.
فمع بداية أزمة كورونا، اتهمت وسائل إعلام أمريكية الصين بوجود صلة بين الفيروس الذي انتشر حديثاً ومختبر ووهان الوطني للسلامة الأحيائية، الذي افتتح عام 2014، وهو جزء من معهد ووهان لعلم الفيروسات وأنه مخلق وليس طبيعيا وهو ما نفته بكين مرارا.
أكاذيب مكشوفة
وبلغ التوتر المستمر منذ فترة طويلة بين الولايات المتحدة المتراجعة والصين الصاعدة أشده، وكان كورونا إحدى أدوات هذه الحرب، حيث اتهمت واشنطن بكين بانعدام الشفافية التي تقول إنها أدت إلى تفاقم تفشي الفيروس.
فيما اتهمت بكين السياسيين الأمريكيين بـ"التفوّه بأكاذيب مكشوفة" للتغطية على فشلهم في احتواء الجائحة.
وظهر الفيروس في الصين لأول مرة في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، بمدينة ووهان (وسط)، إلا أن بكين كشفت عنه رسميًا منتصف يناير/كانون الثاني 2020.
وشهد انتشاراً في نحو 210 دول حول العالم، ما أدى إلى إصابة ما يزيد على 165 مليون شخص ووفاة أكثر من 3 ملايين حول العالم، وسط تخوفات بمزيد من الضحايا.
الإدارة الأمريكية السابقة لم تتوان في شن حرب كلامية على بكين جراء كورونا حتى وصفه الرئيس السابق دونالد ترامب بـ"الفيروس الصيني".
فيروس طبيعي
وفي 30 أبريل/نيسان 2020، أعلنت الاستخبارات الأمريكية أنّها توصلت إلى خلاصة مفادها أنّ فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" ليس من صنع الإنسان أو عدّل جينياً.
وذكر بيان لإدارة الاستخبارات الأمريكية، أن الأجهزة ستستمر في بحثها لتحديد ما إذا كان الوباء بدأ باحتكاك مع حيوانات مصابة أو أنّه نتيجة حادث مخبري في ووهان.
حرب كلامية بالأمم المتحدة
وفي 22 سبتمبر/أيلول 2020، هاجم ترامب الصين مجددا بسبب تعاملها مع فيروس كورونا المستجد والبيئة في خطاب مسجل عرض في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة أمام الاجتماع السنوي لزعماء العالم الذي انعقد عن بعد بسبب الجائحة.
وقال ترامب: "يجب أن نحاسب الأمة التي أطلقت هذه الجائحة على العالم - الصين". وتابع ترامب قائلا: "في الأيام الأولى للفيروس، أوقفت الصين رحلات السفر محليا في الوقت الذي سمحت فيه للرحلات الجوية بمغادرة الصين وإصابة العالم".
واتهم ترامب بكين ومنظمة الصحة العالمية بنشر معلومات كاذبة عن كيفية انتقال الفيروس - الذي أسماه "فيروس الصين".
كما انتقد الرئيس الأمريكي بكين بسبب سجلها البيئي، واتهمها بالإفراط في الصيد، وإلقاء المواد البلاستيكية في المحيطات، وإطلاق المزيد من الزئبق السام أكثر من أي دولة أخرى.
وقال "أولئك الذين يهاجمون السجل البيئي الاستثنائي لأمريكا بينما يتجاهلون التلوث المنتشر في الصين لا يهتمون بالبيئة. إنهم يريدون فقط معاقبة أمريكا. ولن أقبل بذلك".
رفض تسييس كورونا
من جانبه، أبلغ الرئيس الصيني شي جين بينغ الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن بلاده "ليس لديها نية لخوض حرب باردة أو ساخنة مع أي دولة" مع تصاعد التوتر بين بلاده والولايات المتحدة.
وقال شي في كلمة مصورة مسجلة مسبقا: "سنواصل تضييق الخلافات وحل النزاعات مع الآخرين من خلال الحوار والمفاوضات. لن نسعى إلى تطوير أنفسنا فقط أو الانخراط في لعبة محصلتها صفر".
ودعا الرئيس الصيني العالم تعزيز التضامن في مواجهة فيروس كورونا وإلى "اتباع إرشادات العلم وإفساح المجال كاملا لمنظمة الصحة العالمية كي تمارس دورها القيادي.. وينبغي رفض أي محاولة لتسييس القضية"، فيما يبدو بأنه رد على الاتهامات المتكررة لترامب.
ولأن الكلمات مسجلة فلم يكن متاحا أمام الرئيس الصيني الرد مباشرة على نظيره الأمريكي، لكن سفير الصين في الأمم المتحدة تشانغ جون أعلن "رفض" بلاده هذه "الاتهامات التي لا أساس لها" متهما ترامب بـ"نشر فيروس سياسي".
من ترامب إلى بايدن
ولم تختلف إدارة الرئيس جو بادين عن ترامب كثيرا، حيث شهدت أول محادثات صينية- أمريكية منذ وصوله إلى السلطة تراشقا بالألفاظ بين الوفدين.
إذ قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لنظرائه الصينيين: "سنناقش مخاوفنا العميقة إزاء أفعال الصين، بما في ذلك إجراءاتها في شينجيانغ وهونع كونغ وتايوان والهجمات الإلكترونية على الولايات المتحدة والضغوط الاقتصادية على حلفائنا".
ورد الوفد الصيني منتقدا ما وصفه بالديمقراطية الأمريكية المتعثرة وسوء معاملة الأقليات وسياسات واشنطن الخارجية والتجارية.
الصاروخ الصيني
الحرب الإعلامية بعد أن بدت تهدأ وتيرتها تجاه الصين بخصوص كورونا التي سيطرت عليه، حتى ظهر الصاروخ الصيني الشارد ليعيد بكين لفوهة القصف.
وسائل إعلام غربية وأمريكية بدت في تغطيتها المكثفة متحاملة على الصين وكأنها المسؤولة عن كافة المشاكل على كوكب الأرض وسط ربط مع أزمة كورونا التي أربكت العالم.
وخرج الصاروخ الصيني "لونغ مارتش 5" عن السيطرة بعد وصوله إلى الفضاء ولم يعد بالإمكان التحكم به، ولا بالطبع معرفة مكان سقوطه مع اقتراب دخوله الغلاف الجوي في 8 مايو/أيار الجاري.
والصاروخ الصيني، الذي يبلغ طوله نحو 30 مترا، ووزنه يصل إلى 21 طنا، كان من المقرر أن تكون مهمته نقل الكبسولة المركزية لبناء محطة الفضاء الجديدة "تيانخه" الصينية.
وفي رسالة طمأنة للعالم، قالت وزارة الخارجية الصينية إن غالبية حطامه ستحترق في الغلاف الجوي.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين للصحفيين، اليوم الجمعة، إن "احتمال التسبب بأضرار (...) على الأرض ضئيل جدا".
aXA6IDE4LjExOC4zMC4xMzcg جزيرة ام اند امز