النهر الصناعي والوقود.. أزمات مليشيات طرابلس تحاصر الليبيين
المليشيات افتعلت أزمات لإلصاق التهمة بالجيش الليبي، إلا أن الأجهزة المسؤولة تنفيها في كل مرة وتؤكد مسؤولية حكومة الوفاق عن الأزمة
لم يكن تحرك الجيش الوطني الليبي في 4 أبريل/نيسان الماضي لتحرير العاصمة من المليشيات والجماعات الإرهابية فقط، بل للقضاء على دواعش المال العام الذين يسيطرون على مقدرات البلاد، ويصطنعون الأزمات لإرهاق كاهل المواطنين.
وأكد الجيش الوطني الليبي -وفق ما أعلن أكثر من مرة- تمسكه بالقواعد الإنسانية والأخلاقية للاشتباكات في معركة تحرير طرابلس، مشددا على أن المعركة لن تتضمن أبدا أي نوع من الحصار على المدينة.
وعلى الرغم من التزام الجيش بتعهداته لما يربو على الـ3 أشهر إلا أن المليشيات المسلحة لم تتوانَ عن افتعال الأزمات لإثارة الرأي العام ضد معركة الكرامة.
وضمن مساعيها التخريبية المتواصلة تحاول المليشيات إلصاق التهمة بالجيش الليبي في كل مرة تفتعل فيها إحدى الأزمات، إلا أن المؤسسات المسؤولة دائما ما تخيب أمل الإرهابيين بتوضيح الحقائق، وفضح المؤامرات ليرتد السحر على صاحبه.
النهر الصناعي.. حرب العطش
تعد مشكلة انقطاع مياه الشرب عن المواطنين الليبيين إحدى أبرز الأزمات التي برعت المليشيات في افتعالها، عبر إدمانها الفشل في الترتيبات الأمنية التي كرست عقلية الجماعات المسلحة وشرعنتها عبر دمج بعضها في وزارتي الداخلية والدفاع، ما أثر سلبا على تأمين المشروعات القومية مثل النهر الصناعي، الذي تعتمد عليه البلاد بشكل أساسي في مكافحة العطش.
عندما اتهمت حكومة الوفاق غير الدستورية الجيش الليبي في 20 مايو 2019 بقطع المياه عن غرب ووسط البلاد، سارعت إدارة مشروع النهر الصناعي لنفي الفرية المليشياوية، مؤكدة أن مجموعة مسلحة بقيادة شخص يدعى خليفة أحنيش اقتحمت "موقع الشويرف".
ولم تكتف إدارة المشروع بهذا التوضيح الذي يرد الادعاء الكاذب على مطلقيه، بل أوضحت كواليس الهجوم، مشيرة إلى أن أحنيش قام بالخطوة للضغط على "الوفاق" للإفراج عن شقيقه المبروك أحنيش المعتقل على ذمة قضية جنائية.
ولأن سلوك الوفاق القائم على شرعنة المليشيات لا يزال مستمراً، كررت إحدى المجموعات المسلحة في الجنوب الليبي، الخميس، الاعتداء على مشروع النهر الصناعي، ما أدى إلى توقف ضخ المياه عن العاصمة طرابلس وكافة المدن الساحلية والوسطى.
وأكد جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي، في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أن مجموعة مسلحة من الجنوب الليبي قطعت التيار الكهربائي عن كافة آبار المياه بمنظومة الحساونة سهل الجفارة، احتجاجاً على عدم العدالة في طرح الأحمال الكهربائية بين المدن.
وأشار الجهاز إلى أن الاعتداء أدى إلى توقف ضخ المياه عبر المسارين الأوسط والشرقي، المغذيين للعاصمة طرابلس وكافة المدن الساحلية والوسطى في ليبيا.
وأجبرت المجموعة المسلحة، مساء الخميس، المشغلين لمحطات الكهرباء الرئيسة (1 و2) بالنهر الصناعي على قطع التيار الكهربائي على كافة حقول آبار المياه "الشرقي، الجنوبي، الشمالي".
وطالبت بإعادة التيار الكهربائي لمناطق ومدن الجنوب بعد انقطاعه لأكثر من يومين، ما أدى إلى توقف ضخ المياه من حقول الآبار وقطع المياه، الجمعة، عن طرابلس ومدن المنطقة الوسطى ومدينة الشويرف.
ويأتي الاعتداء بعد أقل من 24 ساعة من اتفاق بين العاملين بالكهرباء وأبناء الجنوب بوساطة من الحكماء والأعيان بالمنطقة، لإعادة التيار الكهربائي لمحطة النهر الصناعي رقم (1) المغذية لآبار حقلي الشمالي والجنوبي، وتطبيق العدالة في طرح الأحمال.
وبيّن جهاز النهر بأنه أحاط أمين عام مجلس الوزراء ووكيل وزارة الحكم المحلي للشؤون الفنية ومساعد وكيل وزارة داخلية حكومة الوفاق غير الدستورية للشؤون الأمنية في اجتماع عقد صباح الخميس، بوجود تهديد بإيقاف ضخ المياه لمطالب فئوية، وبخطورة الموقف الذي سيترب عنه انقطاع المياه، إلا أن حكومة المليشيات لم تكترث للتحذيرات.
48 ساعة في الظلام
عانى الجنوب الليبي -خاصة مدينة سبها- من انقطاع تام للتيار الكهربائي لأكثر من 48 ساعة، ما تسبب في خروج مظاهرات أضرمت فيها النيران وأغلقت الطرق الرئيسية، احتجاجا على انقطاع التيار.
ولم تتوقف الأزمة في الجنوب لتنتقل سريعا إلى الغرب الليبي، ما دفع أهالي بلدية سوق الجمعة للتظاهر وإغلاق الطرق الرئيسية.
كما طالب المجلس البلدي بسوق الجمعة المجلس الرئاسي بالتدخل لحل أزمة انقطاع الكهرباء المتكررة في البلدية، محملا الشركة العامة للكهرباء مسؤولية استمرار أزمة انقطاع التيار.
ولم يكن أمام الشركة العامة للكهرباء سوى اتهام حكومة الوفاق غير الدستورية بالمسؤولية عما يحدث، خاصة مع عدم صرفها ميزانية التحويل الخاصة بعام 2019.
وحذرت الشركة من أن الأمور ستزداد سوءا بقية شهر يوليو وحتى سبتمبر المقبل، للدرجة التي قد تصل فيها ساعات طرح الأحمال بالعاصمة إلى 18 ساعة في اليوم.
ورغم تهرب المجلس الرئاسي غير الدستوري من صرف ميزانية الشركة العامة للكهرباء فإنه دفع أكثر من 2.4 مليار دينار لمليشيات الإرهاب كميزانية للحرب، وفقا لاعتمادات السراج الرسمية.
وصرف ملايين الدنانير الليبية على صفقات السلاح والطائرات التركية المسيرة، وغيرها من أوجه الإنفاق التي ليس من بينها توفير الخدمات للمواطن الليبي.
الوقود.. أزمة مفتعلة
لا يتخيل أحد أن ليبيا الدولة التي تنتج نحو 1.113 مليون برميل نفط يومياً تعاني أزمة في الوقود، إلا أن الواقع يؤكد أن العاصمة طرابلس تشهد أزمة خانقة في المواد البترولية.
وعلى الرغم من أن المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة لتسويق البترول أكدتا، في بيان مشترك، عملهما على توفير المحروقات، إلا أن الطوابير باتت تمتد لمسافات طويلة أمام محطات التزود، فيما أغلقت بعضها لنفاد الكميات لديها وعدم وصول الإمدادات لها.
كما تعاني مدن الجنوب بصفة عامة من أزمات في الوقود، نتيجة وقف ضخ المواد البترولية وأسطوانات الغاز من مستودعات مدينتي مصراتة والزاوية، التي تسيطر عليهما المليشيات المسلحة.
وتزداد الأزمة تفاقما في الجنوب، على الرغم من أن تقارير الشركات النفطية تفيد بتسليم حصة المناطق بشكل دوري لمستودعات مدينتي مصراتة والزاوية.
واضطر الليبيون في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء إلى استخدام المولدات التي تعمل بالبنزين.
وترتفع كلفة المولد الواحد إلى ما يقارب 500 دولار بسبب الطلب المتزايد عليها، ومع اختفاء حصص الجنوب من النفط والغاز لجأ السكان إلى السوق السوداء لتوفير احتياجاتهم بأضعاف أسعارها الرسمية بشكل أرهق كاهل الليبيين.
aXA6IDE4LjIyNS45Mi42MCA= جزيرة ام اند امز