القمة العالمية للحكومات.. هل يحل الذكاء الاصطناعي محل البشر؟
شهدت القمة العالمية للحكومات المنعقدة في دبي مناقشات ثرية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي والتحولات الرقمية القادمة.
فقد ناقشت جلسات القمة موضوعات تتصل بآفاق المستقبل الرقمي ودور الحكومات في مواكبة تطورات التكنولوجيا والاستفادة القصوى منها، فضلا عن المخاوف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
- الأمين العام لمنظمة «OECD»: الإمارات مركز اقتصادي استراتيجي في الشرق الأوسط
- القمة العالمية للحكومات.. «البنك الدولي» يعمل على ربط 130 مليون شخص في أفريقيا بالطاقة
وقد شارك في الجلسات مسؤولون ومستشارون حكوميون وخبراء اقتصاد وتقنيات أكدوا على سرعة التقنيات وتحولاتها، ما يستدعي العمل الاستباقي من قبل الحكومات والمؤسسات؛ من خلال تطوير وتبني الحلول الرقمية والذكاء الاصطناعي واستخدام البيانات الضخمة ووضع تشريعات مساندة لكل هذه المتغيرات.
جاهزية الحكومات للمستقبل الرقمي
في جلسة بعنوان "هل الحكومات جاهزة للمستقبل الرقمي؟"، تحدث شون إدواردز، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في وكالة "بلومبيرغ"، في حوار مع نيت لانكسون، محرر التكنولوجيا العالمية في الوكالة ذاتها، عن استخداماتهم للذكاء الاصطناعي في "بلومبيرغ" واستفادتهم منه في الخدمات والمنتجات التي تقدمها الوكالة لعملائها، وقال: "نستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ 15 عاماً في معالجة البيانات الضخمة، واستفدنا منه كثيرا في فرز المعلومات وتقديم الاقتراحات، وقياس الأثر على السوق، فنحن تصلنا يوميا نحو 100 ألف وثيقة، تحمل كماً كبيراً من المعلومات والأرقام عن الضرائب والأرباح ومؤشرات الشركات، ولابد من فرز دقيق لكل هذه البيانات".
وبين إدواردز أنهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي في أفضل وظائفه، مستفيدين من دقته وسرعته، كما توصلوا لآليتهم الخاصة في الاستفادة من بيانات الوكالة وأرشيفها الذي يبلغ من العمر 40 عاما وتصنيفها، ووضع نماذج تجعل المعلومات أكثر سلاسة، من خلال البيانات المهيكلة.
التشريعات والتكنولوجيا
وناقشت جلسة "سباق الحكومات.. بين مواكبة التشريعات والتطور التكنولوجي" الأطر التشريعية لهذه التحولات، وتحدث فلوريان تورسكي وزير التحول الرقمي في حكومة النمسا، ومسعود محمد شريف، الرئيس التنفيذي لاتصالات من e&، وأدار الجلسة جون فيرجسون، رئيس قسم العولمة والتجارة والتمويل، في مؤسسة "إيكونوميست إمبكت" للأبحاث الاقتصادية.
وفي الجلسة ذاتها، تحدث سعادة مسعود محمد شريف، عن عمل اتصالات من e& على مواكبة كل هذه التحولات، ودور هذه المواكبة في صنع الفارق في العوائد. وقال: “مجال الذكاء الاصطناعي مجال ناشئ وإن استخدُم في نطاقات ضيقة منذ فترة، فعلى المستوى التشغيلي رفع سقف التوقعات، ومكننا من التحول من الأساليب التقليدية إلى الأساليب التقنية الجديدة، وخلال تسع سنوات حققت قطاعاتنا الرقمية نمواً بنسبة 40 % من حيث العوائد، مع التوظيف الكامل للجيل الرابع في الاتصالات، ولو لم تكن هناك عناية كبيرة بكل هذه المصفوفات، لما كانت هذه النتائج، ونحن استفدنا من تدعيم البنية التحتية وتعزيز شبكات تخزين بياناتنا، من خلال أنظمة الحوسبة والربط، ولدينا شراكات مع العديد من موفري خدمات الحوسبة، ولنا شراكات مع شركات عالمية”.
الخوف من التكنولوجيا
واستضافت جلسة بعنوان "كيف توازن الحكومات بين الازدهار المجتمعي والخوف من التكنولوجيا؟"، جيدري بالسيتيت، مستشارة لحكومة جمهورية ليتوانيا، ومايك سيسيليا نائب الرئيس التنفيذي لشركة "أوراكل" للتقنيات، وجورج لي، رئيس مكتب الابتكار التطبيقي في مؤسسة "غولدمان ساكس" للخدمات المالية، وأدار الجلسة جون فيرجسون.
وأكدت جيدري بالسيتيت أن التقنية مكون رئيسي لأي تطور حكومي، لأننا نعيش اليوم في عالم رقمي، وتكنولوجيا المعلومات تقدم إمكانات تسمح للحكومات كمؤسسات سيادية معنية بحماية البيانات.
من جهته قال مايك سيسيليا إن الحكومات تحتاج مجموعة من النماذج للبيانات، بعضها أولي، والثاني أعمق، وثمة مخاوف دائمة تواجهها، يتعلق بعضها بأخطار الأمن السيبراني و الصراعات، وأماكن تخزين البيانات، وما يتعلق بذلك من تساؤلات سيادية، لكن الخبر الجيد أن التكنولوجيا تتطور كل يوم وأصبحت أقل حجما لاستيعاب كل هذه المعلومات.
بدوره، قال جورج لي: "علينا أن ننظر إلى كل هذه التحولات بتفاؤل لدفع البشرية قدما من خلال التكيف والتطور والانتقال إلى مراحل جديدة، مطالباً الحكومات بجعل القطاع العام يواكب كل هذه التطورات، والتي ستتضاعف، مانحة فرصاً أكبر من التحديات"، مضيفاً : " تاريخ التطور التقني يخبرنا دائماً عن هذه التخوفات في بداية كل طفرة وانتقال حقيقي، ففي البداية يغمرنا الحماس، وتظهر كذلك تحديات اجتماعية، لنتكيف مع الوقت مع تأثيراتها".
عوائد المستقبل
من جهته أكد بينغ تشاو الرئيس التنفيذي لمجموعة جي 42 في جلسة بعنوان “كيف سيشكل الذكاء الاصطناعي المشهد الاقتصادي العالمي؟”، أن العالم سيكون أكثر قوة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ستخلق فرصاً كثيرة للتعاون والعمل بين شعوب ودول العالم، في ظل المزايا التي ستوفرها التطبيقات، ومنها سوق البيانات المفتوحة التي توفر للعالم العديد من البيانات الهائلة.
وسلطت جلسة “أين سنشهد أسرع ازدهار اقتصادي في العالم؟” الضوء على الاستثمار في القارة الأفريقية التي تتوفر بها قدرات هائلة من مياه وأراض زراعية، حيث أشار المتحدثون في الجلسة إلى أن نحو 60 في المئة من الأراضي الزراعية في القارة السمراء غير مستغلة.
خدمة المجتمعات
وأكد مشاركون في جلسة "كيف تسخر الحكومات التطور التكنولوجي في خدمة المجتمعات؟" أن على الحكومات عند التفكير في تطوير استراتيجية واضحة وشاملة تمكنها من الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة، مراعاة الاعتبارات الأخلاقية مثل الشمولية وعدم التمييز، مشددين على ضرورة أن تراعي الدول عند الشروع في التحول الرقمي، السياق الثقافي والاجتماعي والفكري للمجتمع.
واستشرفت الجلسة، التي شارك فيها كل من الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في جمهورية مصر العربية، والمهندس ماجد سلطان المسمار مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمي في دولة الإمارات، ومصطفى سيسه، أستاذ العلوم في المعهد الأفريقي لعلوم الرياضيات، والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Kera Health Platforms؛ التحديات والاعتبارات التي تواجه الحكومات عند اعتماد تقنيات جديدة، حيث تمحورت النقاشات حول إيجاد رؤية تنظر بحكمة إلى سرعة التقدم التكنولوجي، وتأخذ في الاعتبار الإمكانات والمخاطر التي يمكن أن يجلبها اعتماد التكنولوجيا بسرعة للمجتمعات.
الذكاء الاصطناعي لن يحل محل البشر
أكد جوناثان روس، الرئيس التنفيذي لشركة "غروك"، أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل البشر، أو يلغي دورهم في العمل والإبداع، وإنما سيدعم منظومة العمل ويسهلها.
وقال روس خلال جلسة حوارية بعنوان "هل يمكن للذكاء الاصطناعي الاستغناء عن البشر؟" إن تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت أمراً واقعاً وليست خيالاً علمياً، ومن ثم فإن التعامل معها سيكون إما بالتجاهل وهذا سيؤدي إلى التأخر عن ملاحقة التطور، وإما بالتفاعل إيجابياً معها بما يحقق رفاهية الإنسانية”.
وأشاد باستضافة دولة الإمارات للقمة العالمية الحكومات، التي تطرح موضوع الذكاء الاصطناعي باعتباره تطوراً لابد من التوقف عنده بالدراسة، مؤكداُ أن الإمارات تعد نموذجاً تقدمياً في الأخذ بمستحدثات التكنولوجيا، بما يعزز البيئة الإيجابية للعمل، ويرسخ مكانتها الإقليمية والدولية كدولة تتبنى معايير العلم.