صدامات ثنائية ورعب خارج الاجتماع.. أجواء ساخنة في "العشرين"
تنطلق قمة العشرين، اليوم السبت، بأجندة مهمة، وتحديات ثقيلة، لكن بعض الصراعات الثنائية والمخاوف الأمنية تشعل الأجواء.
ويشارك بالقمة التي تعقد حضوريا للمرة الأولى منذ تفشي فيروس كورونا، رؤساء دول وحكومات من البلدان المدعوة، إضافة إلى ممثلي بعض الجهات الدولية والمنظمات الإقليمية، حيث يسجل الرئيس الأمريكي جو بايدن حضوره، فيما يغيب الرئيسان الصيني شي جين بينج والروسي فيلاديمير بوتين.
وينعقد اللقاء السنوي للدول العشرين الصناعية عشية مؤتمر الأمم المتحدة حول التغير المناخي "كوب 26" الذي يبدأ الأحد في جلاسكو باسكتلندا، وسيكون الموقف بشأن المناخ أمرا حاسما، باعتبار أن المجموعة مسؤولة عن 80 بالمئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حول العالم.
صراعات ثنائية
لكن القمة التي تستمر يومين ويرأسها رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، لا تخلو من مواضيع ذات طابع سياسي، من ذلك مناقشة الموقف الإنساني والجيوسياسي في أفغانستان، والتطورات الأخيرة في السودان، فيما قد تغيب مواضيع أخرى في تقليد شبه متعارف عليه في مجموعة لطالما كانت العلاقات بين قادتها دافعا وراء تقدمها واستمرارها.
تقليد يبدو أنه خسر الكثير من رصيده بالسنوات الأخيرة بسبب تزايد فجوة الاستقطاب بين قادة دول المجموعة، وسط شبه قطيعة بين واشنطن وبكين، وصعوبة التكهن بالموقف الروسي وخطواته، علاوة على تهديد أنقرة مؤخرا بطرد 10 سفراء، بينهم 4 من دول مجموعة العشرين، ووصف رئيس وزراء إيطاليا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ"الديكتاتور".
أما عدم حضور الرئيس الصيني شي جين بينج، فيرى مراقبون أنه قد يساعد في التوصل إلى اتفاق، لكنه مثير للقلق في الآن نفسه، إذ من الواضح أنه لم يعد يشعر بالارتياح بالمشاركة في تجمع يعتبره صغيرا نسبيا وغير منظم مثل مجموعة العشرين، وهو ما يطرح إشكالات أعمق من قبيل عدم النجاح في إنهاء جائحة كورونا أو معالجة أزمة المناخ أو إمدادات الطاقة.
كما سيغيب أيضا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يواجه أزمة تجدد انتشار الوباء في روسيا وسيتحدث عبر الفيديو، تماما مثل نظيره الصيني.
أما الرئيس التركي رجب أردوغان الذي عدل للتو عن طرد عشرة سفراء غربيين بينهم سفير واشنطن، فهو أحد أطراف الصراعات الثنائية التي تغلف القمة، خاصة في ظل الغضب الأوروبي العام من تصرفاته وقراره طرد ١٠ سفراء غربيين على خلفية انتقادات الغرب لسجله في حقوق الإنسان، وهو ما سيلقي بظلاله على قمة روما.
الصدام الثنائي الثاني الذي يثير قلقا هو لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأمريكي، لأول مرة منذ إعلان صفقة بيع غواصات أمريكية تعمل بالطاقة النووية لاستراليا وإلغاء الأخيرة صفقة غواصات وقعتها مع باريس قبل سنوات، ما أثار توترا غير مسبوق بين البيت الأبيض والآليزية.
أما ثالث الصدامات الثنائية، فأحد أطرافه فرنسا أيضا، وبريطانيا هذه المرة، حيث يتصاعد النزاع بين البلدين حول حقوق الصيد البحري، وتهديد البلدين بعقوبات متبادلة وإجراءات احتجاجية منها استدعاء سفراء.
وبعيدا عن الصدامات، سيحضر الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي القمة، بينما ستكون القمة الأخيرة التي تحضرها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رفقة خليفتها المحتمل الاشتراكي-الديمقراطي أولاف شولتز وزير المالية في الحكومة المنتهية ولايتها.
توتر أمني
وخارج مقر انعقاد المؤتمر، يتخوف الأمن الإيطالي من أعمال شغب وتكرار أحداث قمتي جنوى ٢٠٠١ حين أطلق شرطي النار على متظاهر، وهامبورج ٢٠١٧ حين اندلعت أحداث شغب ونهب على نطاق واسع.
وتتوقع الشرطة الإيطالية تظاهر نحو ١٠ آلاف شخص ضد القمة غدا السبت، وتقابل ذلك بنشر الآلاف من عناصر الشرطة، وتحليق مروحيات حول الموقع لمراقبة الوضع الأمني.
ويهدد نشطاء حماية المناخ، ومنكرو كورونا، ومعارضو اللقاحات باشعال ثورة ضد مجموعة العشرين في روما، وفق تقارير ألمانية.
طموحات متواضعة
مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، دعا دراجي إلى "التزام من مجموعة العشرين بضرورة الحد من ارتفاع حرارة الأرض على 1,5 درجة"، وهي النسبة التي تعتبر الهدف الأكثر طموحا لاتفاق باريس للمناخ، لكن دول مجموعة العشرين التي تمثل 80% من انبعاثات العالم، متفاوتة جدا في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية والطاقة والطموح المناخي، حيث يستهدف بعضها حيادية الكربون في 2050 والبعض الآخر في 2060.
واستشرافا لتداعيات ذلك، يرى أنطوني فروغات، الباحث في معهد "شاتام هاوس"، أنه إذا لم تلتزم مجموعة العشرين بهاتين النقطتين (1,5 درجة وحيادية الكربون في 2050)، "فليس لدينا أي أمل في بلوغ أهداف" اتفاق باريس.
أما من جهة اللقاحات، فيقول الباحث في حديث لـ"فرانس برس"، إنه من غير المنتظر صدور إعلان مدو.. المجموعة الدولية تعهدت خلال قمة في مايو/أيار (الماضي) بروما بتقديم مليارات الجرعات إلى الدول الأكثر فقرا في 2021 و2022".
وأضاف أن "التحدي الآن بات في توزيعها وتلقيح السكان المعنيين في ظل هيكليات صحية متداعية أو غير موجودة في معظم الأحيان".
ومع أن مجموعة العشرين ستجد دافعا للارتياح مع مصادقتها على الضريبة العالمية بالحد الأدنى البالغة 15% على الشركات المتعددة الجنسيات، عقب اتفاق 136 دولة من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، إلا أن المهمة الأصعب ما زالت بانتظار دولها لإدخال الاتفاق ضمن تشريعاتها الخاصة.