قمة مجموعة العشرين.. خلاف مناخي وتوافق تجاري
قمة قادة مجموعة العشرين شهدت خلافات في قضية المناخ، بينما استطاعت تحقيق توافق في القضايا التجارية
قدّم قادة مجموعة العشرين السبت تنازلات إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ملفي التجارة والمناخ البالغي الحساسية، سعياً إلى إبقاء واشنطن ضمن حظيرة المجموعة.
- مجموعة العشرين تلوح بـ " كل أدوات السياسة" لحماية النمو من "البريكسيت"
- إنفوجراف.. توقعات "موديز" للنمو في مجموعة العشرين
وحمل البيان الختامي -الذي صدر بعد قمة استمرت يومين في هامبورغ، في ظل تدابير أمنية مشددة وعلى وقع تظاهرات غالبا عنيفة- بصمات الخلافات بين الإدارة الأمريكية الجديدة وسائر أعضاء المجموعة.
ففي قضية المناخ أخذت المجموعة علماً بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للتصدي للتبدل المناخي، لكنها أكدت أن كل الدول الأخرى تعتبر أن "لا عودة" عن هذه الاتفاقية الدولية، في موقف هو بمثابة عزل لواشنطن.
وقالت المستشارة انغيلا ميركل "حيث لا مكان للتسوية، فإن البيان الختامي يُظهر الخلافات".
ولاحقا هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن بلاده لن تُصدّق على اتفاقية باريس لمكافحة التغير المناخي. وقال أردوغان في مؤتمر صحفي بعد انتهاء قمة مجموعة العشرين في هامبورغ إنه "بعد القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة فإن موقفنا يتجه نحو عدم التصديق (على اتفاقية باريس) في البرلمان".
وبرر أردوغان موقفه هذا بالقول إن فرنسا وعدت تركيا خلال توقيع اتفاقية المناخ في باريس، بتعويضات مالية محددة، وهو وعد لم يتحقق بعد.. حسب تعبيره.
في الوقت نفسه، حظيت الإدارة الأمريكية الجديدة بضوء أخضر من مجموعة العشرين لانتهاج سياسة مختلفة، وأورود البيان الختامي في هذا السياق أن المجموعة ستساعد دولاً أخرى في العالم "في الوصول إلى الطاقات الاحفورية واستخدامها"، ما يتنافى وسعي الأمم المتحدة إلى اقتصاد يكون أقل استهلاكا للكربون، على الرغم من أن المجموعة حرصت على توضيح أن هذه الطاقات الاحفورية ستستخدم في شكل "أكثر نظافة".
وحاولت الولايات المتحدة خصوصا التقرب من دول شرق أوروبا الساعية إلى التعويل في شكل أقل على روسيا على صعيد الطاقة، بهدف بيعها الغاز الصخري الأمريكي.
وأثار هذا الموضوع جدلا حادا لأن دولا عدة تخشى "انتقال العدوى" وفق ما قال دبلوماسي، لكن ذلك كان الثمن الواجب دفعه للحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة ضمن المجموعة.
وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تسوية هي "الأمثل" حول المناخ، فيما أكد نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون أنه لم يفقد الأمل بعد "بإقناع" دونالد ترامب بتغيير موقفه حيال اتفاق باريس، لكن ميركل قالت إنها لا تشاطر الرئيس الفرنسي هذا "التفاؤل".
وفي السياق نفسه، دعا ماكرون إلى قمة حول المناخ في ديسمبر/كانون الأول في فرنسا بعد عامين من توقيع اتفاق باريس.
على الصعيد التجاري، يثير الرئيس الأمريكي منذ أشهر قلق شركائه الرئيسيين بسبب توجهاته الحمائية وتهديده بفرض رسوم جمركية على الصين وأوروبا في قطاعي السيارات والفولاذ.
وفي القمة، وافقت واشنطن في نهاية المطاف على إدانة "الحمائية" في البيان الختامي في ما بات تقليدا تلتزمه المجموعة منذ أعوام.
ولكن في المقابل أقرت مجموعة العشرين، للمرة الأولى، بحق الدول التي تدفع ضريبة الإغراق في اللجوء إلى "أدوات مشروعة للدفاع (عن نفسها) في مجال التجارة".
ولم تكن الولايات المتحدة الوحيدة التي أشادت بهذا التطور. فالرئيس الفرنسي خصوصا يخوض معركة من أجل "أوروبا تحمي" ضمن النطاق الأوروبي، خصوصا على الصعيد التجاري حيال الصين.
وعلق مصدر قريب من الرئاسة الفرنسية "هذا يلخص الموقف الذي ندافع عنه، مكافحة الحمائية ومكافحة الإغراق إنه موقف يلائمنا".
من جهته، لاحظ توماس بيرنز من مركز العلاقات الدولية للأبحاث "تراجعا" لمجموعة العشرين. واعتبر أن "إشارة واضحة ضد الحمائية لمكافحة الأزمة باتت إشارة ملتبسة".
بين ترامب وبوتين
والحدث الأبرز في قمة مجموعة العشرين بقي اللقاء الأول الذي جمع ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ووصف الرئيس الأمريكي السبت هذا الاجتماع بأنه "رائع"، فيما اعتبر بوتين أن ترامب "مختلف جدا" عما نراه عبر التلفزيون، مبديا ثقته بتحسن العلاقات مع واشنطن.
وتبقى قمة هامبورغ الأكثر توترا في تاريخ المجموعة، سواء داخل قاعات الاجتماعات أو خارجها.
فقد واصل نحو عشرين ألف شخص من مناهضي مجموعة العشرين التظاهر السبت في شوارع هامبورغ، بعد مواجهات عنيفة منذ الخميس بينهم وبين الشرطة، وأفادت قوات الأمن بأن نحو 200 شرطي أصيبوا بجروح.
وكانت بعض أحياء هامبورغ شاهدة على ما وقع من صدامات عبر هياكل سيارات محترقة وحطام حواجز وعوائق.
والسبت، هنأ ترامب ميركل التي تتولى الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين بعمل "رائع" رغم التظاهرات، علما أن المستشارة الألمانية تتعرض لانتقادات حادة في بلادها لإصرارها على تنظيم هذه القمة في قلب وسط المدينة.
وكتبت صحيفة بيلد الألمانية الأوسع انتشارا السبت "في هامبورغ الدولة فشلت".