خلاف ترامب وغابارد.. الانقسام حول إيران يضرب الإدارة الأمريكية

تتزايد حدة الانقسامات داخل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القرار الذي يجب اتخاذه بشأن الحرب بين إيران وإسرائيل.
ففي الوقت الذي كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يبحث فيه سرًا الانضمام إلى حملة إسرائيل ضد إيران، جاءت رسالة جريئة مغايرة من داخل إدارته وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
في 10 يونيو/حزيران الماضي، نشرت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، مقطع فيديو غامض مدته 3 دقائق على وسائل التواصل الاجتماعي ظهرت فيه وهي تُحذّر من أن "النخبة السياسية ومُحبي الحرب" يُثيرون "بإهمال الخوف والتوترات بين القوى النووية" وأن العالم "على شفا الفناء النووي".
وأثار الفيديو، غضب ترامب الذي قال لمساعديه في البيت الأبيض إن غابارد تحدثت خارج دورها بحسب ما أكدته 3 مصادر مطلعة قالت لـ"بوليتيكو" إن الرئيس الأمريكي وبعض حلفائه اعتبروا أن غابارد كانت تحذر ترامب من إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لمهاجمة إيران حيث جاء منشورها بعد أيام قليلة من لقاء مُؤيدي إسرائيل بترامب في البيت الأبيض.
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير في الإدارة "لا أعتقد أنه يكره تولسي.. لكن من المؤكد أن الفيديو جعله لا يُعجب بها كثيرًا.. ولا يُعجبه أن يُخالف الناس منهج الإدارة".
وأضاف أن ترامب أيضًا "لا يُعجبه أن يبدو أن الناس يُصححونه" مشيرا إلى أن "كثيرين اعتبروا ذلك الفيديو محاولةً لتصحيح موقف الإدارة".
ويكشف رد فعل ترامب على الفيديو الفجوة المتزايدة بين رئيس على وشك الانضمام إلى حرب إسرائيل، ورئيسة استخباراته المُناهضة للتدخل، والتي كانت في الماضي تعارض بشدة انخراط الولايات المتحدة في صراعات خارجية جديدة.
وكانت غابارد قد أيدت ترامب خلال حملته الانتخابية التي تعهدت بإنهاء حرب أوكرانيا منذ اليوم الأول لكنها ترى أن الرئيس يُظهر الآن نبرة مختلفة.
وخرجت التوترات بين الطرفين للنور أمس الثلاثاء عندما سأل مراسل على متن طائرة الرئاسة ترامب عن إعلان غابارد أمام الكونغرس في مارس/آذار الماضي أن إيران لا تسعى إلى صنع سلاح نووي.
وبدا أن ترامب يتجاهل تقييمها حيث أجاب "لا يهمني ما قالته.. أعتقد أنهم كانوا قريبين جدًا من امتلاك سلاح نووي".
وتعد هذه الإجابة تغييرًا ملحوظًا في لهجة الرئيس الأمريكي عن الطريقة التي تحدث بها سابقًا عن النائبة الديمقراطية السابقة التي تحولت إلى مؤيدة له.
ففي الخريف الماضي، أشاد ترامب بدعم غابارد خلال حملته الانتخابية وقد ضمّها بالإضافة إلى روبرت إف. كينيدي الابن إلى إدارته لتسليط الضوء على التنوع الأيديولوجي لتحالف "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" أو (ماغا).
لكن في الأشهر الأخيرة، تزايدت أفكار ترامب حول إلغاء منصب غابارد تمامًا والذي يمثل المستشار الاستخباراتي الرئيسي للرئيس، ويشرف على مجتمع التجسس الأمريكي المترامي الأطراف.
وبالفعل دارت نقاشات في البيت الأبيض حول ضمّ صلاحياتها إلى وكالة المخابرات المركزية أو وكالة أخرى وربما يكون مقطع الفيديو الأخير قد حفز هذه النقاشات.
وتتوافق تصريحات غابارد في الفيديو مع رأي العديد من قادة حركة "ماغا" بأن التدخل الأمريكي في حرب إسرائيل وإيران قد يجر الولايات المتحدة إلى صراع إقليمي، أو عالمي.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على تفاعلات غابارد مع البيت الأبيض إن ترامب "كان عدائيًا تجاهها بشكل عام"، مضيفًا أن ترامب يعتقد أنها "لا تضيف شيئًا إلى أي محادثة".
في المقابل، أصرت غابارد في تصريحاتها للصحفيين أمس الثلاثاء على أنها والرئيس "على وفاق" بشأن إيران، ونفى شخص مقرب منها أي توترات بينها وبين ترامب وقال إن الإدارة غيّرت موعد إحاطة بالبيت الأبيض ليتناسب مع جدولها الزمني لضمان حضورها.
وأضاف أن غابارد تتفق تمامًا مع ما يحاول ترامب فعله بشأن إيران، وأنها لم تدع آراءها الشخصية تؤثر على نصائحها للرئيس ولم تحاول أبدًا إقناع ترامب بوجهة نظرها الخاصة.
من جانبه، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، ستيفن تشيونغ، إن الرئيس "يثق ثقة كاملة بفريقه الاستثنائي للأمن القومي"، وأصرّ على أن "جهود وسائل الإعلام التقليدية لزرع الانقسام الداخلي هي تشتيت لن يُجدي نفعًا".
وأكدت غابارد للصحفيين أن ما قاله ترامب عن البرنامج النووي الإيراني يتوافق مع شهادتها أمام الكونغرس في مارس/آذار الماضي حين أشارت إلى أن طهران لم تقوم بإعادة تنشيط برنامجها للأسلحة النووية لكن مخزوناتها من اليورانيوم المخصب كانت في أعلى مستوياتها.
وقالت "كان الرئيس ترامب يردد نفس ما ذكرته في تقييمي السنوي للتهديدات في مارس الماضي؛ وللأسف، لا يكترث الكثير من وسائل الإعلام بقراءة ما قلته".
لكن يبدو أن الأزمة لا تقتصر على وسائل الإعلام حيث سخر صقور إسرائيل، مثل مقدم البرامج الحوارية المحافظ مارك ليفين، من تقييم غابارد، مشيرين إلى أن الاستخبارات الأمريكية تحت قيادتها كانت مخطئة تمامًا ويتمسك بعض منتقديها بضرورة إقالتها.
وقال مستشار الأمن القومي السابق لترامب، جون بولتون، الذي كان له خلاف مع ترامب، يوم الثلاثاء: "لا ينبغي أن تكون في هذا المنصب".
وأثارت تعليقات ترامب تكهنات في الكونغرس بأنه فقد ثقته بغابارد وقال أحد كبار مساعدي الكونغرس إن المشرعين من كلا الحزبين تداولوا الفيديو على نطاق واسع فيما بينهم.
ورفض المدافعون عن غابارد التلميحات التي تُشير إلى استبعادها من اجتماع في كامب ديفيد وأكدوا أنها كانت في مهمة عسكرية.
وقالت حليفة لغابارد إنها كانت حاضرة مع الرئيس ترامب ونائبه طوال المداولات حول القضية الإسرائيلية الإيرانية، حيث كانت تعمل من البيت الأبيض بدلًا من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية منذ بدء الحرب وأجرت اتصالات مع نظرائها في المنطقة.
ولا تبدو غابارد وكأنها بلا حلفاء في الإدارة فرغم تعرضها لانتقادات شديدة من الجمهوريين المتحمسين لدخول ترامب الحرب تولى نائب الرئيس جي دي فانس الدفاع عنها لكن ما يهم، بالطبع، هو كيف ينظر إليها الرئيس نفسه.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز