"شتاء مرعب" ينتظر أوروبا.. الغاز "شحيح" والأسعار غير مسبوقة
تواجه أوروبا احتمالات دخول فصل الشتاء بمستودعات غاز غير ممتلئة، بسبب الارتفاع القياسي لأسعار الغاز الطبيعي بالأسواق العالمية.
يأتي ذلك في ظل هبوط مخزونات الغاز الطبيعي في أوروبا حاليا عند أقل مستوياتها في مثل هذا التوقيت من العام منذ أكثر من 10 سنوات، مع اقتراب موسم تشغيل أنظمة التدفئة في أوروبا خلال الشهر المقبل، ما دعا وكالة الطاقة الدولية للتحذير من احتمال استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي خلال الأسابيع المقبلة.
- التصديق على ميثاق منتدى غاز شرق المتوسط.. يحقق 6 أهداف إقليمية
- "غازتك 2021".. عمالقة الطاقة يجتمعون في دبي
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء اليوم الجمعة عن ألكسي ميللر الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الطبيعي الروسية العملاقة جازبروم خلال مقابلة مع "مؤتمر الأعمال الدولي" عبر الإنترنت إن السؤال المطروح الآن يتعلق بحجم العجز الذي ستعانيه أوروبا في إمدادات الغاز.
إمدادات الغاز لأوروبا
وأشارت بلومبرج إلى أن إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب ما زالت محدودة بسبب أعمال الصيانة من منشآت الغاز الطبيعي في النرويج، وتركيز جازبروم على زيادة مخزوناتها المحلية.
في الوقت نفسه فإن شحنات الغاز الطبيعي المسال تفضل السوق الآسيوية نظرا لتوقف محطات إسالة الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بعد العاصفة المدارية نيكولاس.
وقال ميللر إن عمليات ملء مستودعات الغاز الطبيعي في أوروبا حاليا تقل بمقدار 23 مليار متر مكعب عن المعدلات الطبيعية في مثل هذا الوقت من العام.
وأضاف "نرى أن أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا تحطم كل الأرقام القياسية الممكنة، ومن المنتظر تجاوز هذه المستويات القياسية مجددا في المستقبل القريب".
اتهامات لجازبروم
يأتي ذلك فيما دعا عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي، ينتمون لمختلف الكتل السياسية، المفوضية الأوروبية إلى إجراء تحقيق حول وجود دور لشركة الغاز الطبيعي الروسية العملاقة جازبروم في الارتفاع الحالي لأسعار الغاز في السوق الأوروبية.
وقال الأعضاء إن لديهم شكوكا في وجود عمليات تلاعب في السوق مما أدى إلى وصول الأسعار لمستويات غير مسبوقة.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن بيان وقعه أكثر من 40 عضوا بالبرلمان الأوروبي إن التحركات الأخيرة من جانب شركة جازبروم الروسية، التابعة للدولة، تثير الشكوك في وجود جهد مقصود لممارسة ضغط سياسي على أوروبا.
نورد ستريم2
يأتي ذلك في الوقت الذي ترغب فيه جازبروم في الحصول على الضوء الأخضر من أجل التشغيل الفوري لخط أنابيب الغاز الجديد نورد ستريم2 المثير للجدل، والذي سينقل كميات كبيرة من الغاز من روسيا إلى ألمانيا مباشرة تحت مياه بحر البلطيق دون المرور بأراضي أي دولة أخرى.
وتحتاج الشركة الروسية، التي تمتلك الخط، إلى موافقة السلطات المعنية في ألمانيا والاتحاد الأوروبي قبل بدء تشغيل الخط الذي انتهت بالفعل من بنائه.
وكان جهاز تنظيم قطاع الطاقة في ألمانيا قال مؤخرا إن لديه فرصة حتى أوائل يناير/كانون الثاني المقبل ليتوصل إلى مشروع قرار بشأن بدء تشغيل نورد ستريم2، وهو ما يمكن أن يؤجل بدء تشغيل الخط الذي انتهت أعمال تشييده.
وقال جهاز تنظيم قطاع الطاقة الألماني في بيان يوم الإثنين الماضي إن شركة "نورد ستريم2 أيه.جي" التي تمتلك الخط قدمت كل الأوراق اللازمة للحصول على شهادة تسجيل كمشغل مستقل لخط نقل الغاز وفقا لقواعد الاتحاد الأوروبي.
وبحسب الجهاز، لدى السلطات الألمانية 4 أشهر للوصول إلى مسودة قرار بشأن شهادة المصادقة وإرسال المسودة إلى المفوضية الأوروبية لمراجعتها بشكل نهائي، مضيفا أن الفترة الزمنية المقررة بدأت يوم 8 سبتمبر/أيلول الحالي.
وفي المقابل قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين في موسكو أمس الأول الأربعاء إن "أي بداية مبكرة لتشغيل نورد ستريم2 ستحقق توازنا في عوامل أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، بما في ذلك في سوق العقود الفورية. وهذا أمر واضح".
ونفى بيسكوف أن يكون في مقدور جازبروم القيام بأي شيء لوقف ارتفاع أسعار الغاز.
زيادة الإنتاج
وفي الوقت الذي وصل فيه إنتاج شركة الغاز الطبيعي الروسية العملاقة جازبروم خلال العام الحالي إلى أعلى مستوى له منذ حوالي 10 سنوات، فإنها أعلنت الاحتفاظ بأغلب هذه الزيادة في الداخل.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن بيان الشركة يوم الأربعاء الماضي، القول إن إنتاجها زاد خلال العام الحالي بنسبة 18% سنويا، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ حوالي 13 عاما في مثل هذا التوقيت من العام.
وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء إلى أن جازبروم أبقت على الجزء الأكبر من الإنتاج الإضافي في مستودعات داخل روسيا، حيث تقوم روسيا حاليا بتخزين كميات من الغاز الطبيعي تعادل ما تصدره كل يوم إلى أوروبا الغربية.
وبلغ إنتاج جازبروم منذ بداية العام الحالي 357.7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، حيث وصل متوسط الإنتاج اليومي خلال النصف الأول من الشهر الحالي إلى حوالي 1.37 مليار متر مكعب. وهذا الرقم هو الأعلى منذ 2008، بحسب وكالة إنترفاكس.
ومع ذلك ما زالت الصادرات الروسية من الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي أقل من مستوياتها قبل جائحة فيروس كورونا المستجد، وهو ما يعمق أزمة الطاقة في هذه الدول.
ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي
وحذرت وكالة الطاقة الدولية من احتمال استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي خلال الشهر المقبل، مما يزيد من الضغوط على المستهلكين في أوروبا قبل حلول فصل الشتاء.
وصرح المدير التنفيذي للوكالة فاتح بيرول، في مقابلة مع شبكة تلفزيون بلومبرج: "ربما نظل نرى ارتفاع أسعار الغاز بشكل محدود خلال الأيام والأسابيع المقبلة"، مضيفا أن "أهم عامل هنا على المدى القصير سيكون الظروف التي ستسود خلال فصل الشتاء".
وارتفعت أسعار الطاقة في أوروبا والولايات المتحدة وأسيا في ظل خروج الاقتصاديات من جائحة كورونا وتعافي الاستهلاك. وارتفعت أسعار الغاز في أوروبا 3 أضعاف خلال العام الجاري مع اتجاه الدول لتعويض احتياطياتها المستنفدة، وهو ما أدى بدوره إلى ارتفاع تكاليف الكهرباء في أنحاء القارة.
وقال بيرول: "في حال وجود شتاء قاسٍ ربما تواصل أسعار الغاز ارتفاعها في أوروبا وآسيا، ويرجع السبب في ذلك بشكل أساسي إلى الطلب القوي للغاية نتيجة التعافي الاقتصادي".
aXA6IDE4LjIxNy4xMTguNyA= جزيرة ام اند امز