"المهمة المستحيلة" أُنجزت.. "نورد ستريم 2" يستعد لضخ الغاز الروسي
أعلنت شركة "جازبروم" الروسية العملاقة، الجمعة، أن بناء خط أنابيب غاز "نورد ستريم 2" الذي يربط روسيا بألمانيا "أُنجز بالكامل".
جاء ذلك خلال ورشة استراتيجية تأخرت مرات عدة بسبب تهديدات بفرض عقوبات أمريكية وتوترات جيوسياسية.
وقالت الشركة، في رسالة نشرتها على قناتها على تطبيق "تليجرام"، "أثناء اجتماع تشغيلي صباحي في جازبروم، صرّح (المدير العام للمجموعة) أليكسي ميلر بأن هذا الصباح عند الساعة 08,45 بتوقيت موسكو (05,45 توقيت جرينتش)، أُنجز بناء خط أنابيب نورد ستريم 2 بالكامل".
وقالت مصادر من داخل شركة جازبروم الروسية، إنها تعتزم البدء في نقل الغاز عبر خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2، أحد أكثر أنابيب الغاز إثارة للجدل في العالم، الشهر المقبل.
وترغب شركة الغاز الروسية العملاقة في البدء في شحن الوقود خلال المرحلة الأولى من نورد ستريم 2 إلى ألمانيا في أول أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حسبما نقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن المصادر المطلعة.
ومن المقرر أن يعتمد وقت التدفق الفعلي إلى شبكة الغاز في أوروبا على قرار الجهات التنظيمية في ألمانيا.
ويمكن أن يحقق خط أنابيب الغاز الذي طال انتظاره بعض الهدوء فى أسواق الغاز الأوروبية التي تواجه أزمة في الإمداد قبل بدء فصل الشتاء، وفي ظل ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية.
كما يعد هذا التطور نصرا للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي أيدت المشروع لمدة 10 أعوام في مواجهة معارضة من حلفاء رئيسيين مثل الولايات المتحدة.
أوكرانيا تتوعد
من جانبه قال المتحدث باسم الرئاسة الأوكرانية سيرجيي نيكيفوروف إن بلاده ستحارب تشغيل خط أنابيب "نورد ستريم 2"رغم استكمال بنائه.
وقال المتحدث،"الرئيس (فولوديمير زيلنسكي) أشار دائماً إلى أن أوكرانيا ستحارب هذا المشروع السياسي الروسي حتى استكمال بنائه، وبعد ذلك وحتى بعد بدء إمدادات الغاز".
بوتين يحسم الأمر
والشهر الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن العمل في خط غاز "نورد ستريم 2" المثير للجدل والذي سيحمل غاز بلاده لألمانيا، وأوروبا، يوشك على الانتهاء.
وأضاف بوتين: يتبقى فقط 15 كيلومترا (تسعة أميال) من الأنابيب، ومن المنتظر إنجاز هذه الأعمال خلال الشهر المقبل. وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية، الشهر الماضي، مجموعة جديدة من العقوبات على روسيا.
والعقوبات الجديدة التي فرضت من واشنطن على موسكو، بعضها بسبب دعم روسيا لخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" والبعض الآخر لمعاقبة الأفراد المتورطين في تسميم المعارض أليكسي نافالني العام الماضي.
وكان من المتوقع في البداية استكمال الخط في عام 2019، ولكن المشروع واجه عمليات تأخير متكررة، بسبب تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الشركات المشاركة في إنشائه.
ولكن الأمر تغير بعدما تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن مقاليد الأمور في البيت الأبيض، حيث قرر في مايو/أيار الماضي إلغاء عقوبات كانت فرضت بالفعل، كما توصل لاتفاق مع ألمانيا يحذر من الرد حال استخدمت روسيا الطاقة كسلاح ضد جارتها أوكرانيا.
وتضع العقوبات التي تم الإعلان عنها، الشهر الماضي، مجموعة جديدة من الضوابط على واردات أنواع معينة من الأسلحة وتحظر صادرات بعض الأسلحة والتكنولوجيا المعينة المرتبطة بالصواريخ النووية إلى روسيا.
وتنطبق العقوبات الأخرى على "نورد ستريم 2"، الذي تعتبره الولايات المتحدة مناورة لجعل أوروبا تعتمد على الطاقة الروسية مع إضعاف أوكرانيا، التي تناصبها روسيا العداء لأن الحكومات الأوكرانية الأخيرة حاولت إخراج كييف من دائرة نفوذ موسكو.
معلومات عن نورد ستريم 2
"نورد ستريم 2" هو مشروع عملاق سيورد الغاز الروسي إلى ألمانيا ودول أوروبية أخرى، وسيبلغ طوله حوالي 2460 كيلومترا عند اكتماله، حيث سيتدفق الغاز في أي مكان يحتاج إليه في الاتحاد الأوروبي.
ويوفر المشروع الممول من القطاع الخاص حافزا اقتصاديا مهما من خلال جلب أكثر من 1000 شركة من 25 دولة إلى تخطيط وهندسة وبناء نظام خطوط الأنابيب.
لكن ترى الولايات المتحدة، أن مشروع "نورد ستريم 2 يزيد من اعتماد ألمانيا على روسيا"، وهو الأمر الذي لا ترغب به واشنطن، بأن يكون هنالك أهمية متزايدة لموسكو في سوق أمن الطاقة داخل التكتل الأوروبي، وبالتحديد أكبر اقتصاداتها "ألمانيا".
ولن يكون الغاز المستورد عبر نورد ستريم 2 مخصصا لألمانيا فحسب، بل للاتحاد الأوروبي. وذلك لأن الغاز المستورد إلى الاتحاد الأوروبي من أي مصدر يمكن أن يتدفق الآن في أي مكان داخل السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي بفضل شبكة الأنابيب المنتشرة.
وبينما تتخوف واشنطن من هيمنة روسية على ألمانيا، إلا أن برلين تملك سوق استيراد منوع من الغاز، ففي 2018 استوردت ألمانيا 55.3 مليار متر مكعب من الغاز من روسيا و24.7 مليار متر مكعب من النرويج و 15.8 مليار متر مكعب من هولندا.
وفيما يتعلق بإمدادات الغاز فإن روسيا وأوروبا مترابطتان على الرغم من الخلافات بينهما، إذ إن أوروبا هي السوق الرئيسي لروسيا، وروسيا هي المورد الرئيس لأوروبا، من خلال ثلث استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي قادم من موسكو.
لكن حجم واردات أوروبا من الغاز الروسي في المستقبل سيعتمد على المنافسة بين الغاز الروسي ومصادر أخرى مثل الغاز الطبيعي المسال؛ مثل قطر وأستراليا والولايات المتحدة والجزائر وغيرها من الدول المنتجة للغاز.
22 محطة أوروبية في استقبال الغاز الروسي
وبحسب بيانات شركة نورد ستريم، يوجد حاليا 22 محطة للغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي لاستقبال الغاز الطبيعي المسال من أي مكان في العالم؛ وبسعة 216 مليار متر مكعب.
ويمكن لهذه المحطات أن تستورد 50% من الطلب الحالي للاتحاد الأوروبي، ولكنها تُستخدم حاليًا بحوالي 27% فقط من السعة.
ومع توقع انخفاض إنتاج الغاز في الاتحاد الأوروبي بمقدار النصف في مواجهة نمو الطلب المستقر، سيعتمد أمن الطاقة في أوروبا في المستقبل على واردات آمنة وموثوقة وبأسعار تنافسية.