غارات ومجاعة وشروط.. ضغط ثلاثي الأبعاد على غزة باليوم الـ81 للحرب
غارات وقتلى ومواقف سياسية "على طرفي الخيط"، تصنع أجواء اليوم الـ81 من الحرب في غزة، دون أفق واضح لنهاية قريبة لمعاناة سكان غزة.
وصباح اليوم الثلاثاء، قتل 5 أشخاص وأصيب عدد آخر غير معروف، في غارات إسرائيلية على منزلين في خان يونس ورفح جنوبي قطاع غزة، ليرتفع عدد قتلى الغارات في القطاع خلال الـ48 ساعة الماضية، إلى 100.
كما استهدف قصف مدفعي إسرائيلي، وسط مدينة خان يونس بالتزامن مع غارات جوية على أهداف في المدينة.
في المقابل، أقر الجيش الإسرائيلي صباح اليوم الثلاثاء، بمقتل ضابط وجندي في معارك الليلة الماضية جنوب قطاع غزة.
وتصاعدت خلال الأيام الماضية خسائر الجيش الإسرائيلي، لترتفع حصيلة قتلاه منذ بدء الحرب على غزة إلى 491 ضابطا وجنديا.
فيما قُتل نحو 100 فلسطيني منذ الأحد، في غارات إسرائيلية واسعة النطاق على غزة، بحسب ما أعلنت حكومة حماس الإثنين.
ومع دخولها يومها الـ81، فإن الحرب المتواصلة دون هوادة لا تسمح للمدنيين المهدّدين بمجاعة، بالتقاط أنفاسهم رغم الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار.
وارتفعت حصيلة القصف الإسرائيلي على القطاع إلى 20674 قتيلاً وزهاء 55 ألف جريح، وفق ما أعلنت وزارة الصحة في غزة، التابعة لحركة حماس.
وبدأت الحرب الدامية بين إسرائيل وحماس، بعد هجوم الحركة في 7 أكتوبر/تشرين الأول داخل أراضي الدولة العبرية والذي خلف نحو 1200 قتيل، معظمهم من المدنيين، كما خُطف نحو 240 شخصا، لا يزال 129 منهم محتجزين في غزة، وفق الأرقام الإسرائيلية.
وتعهد الجيش والسياسيون الإسرائيليون بتدمير حماس واستعادة الرهائن.
نتنياهو والحرب
إلى ذلك، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، قواته في شمال غزة، وقال في اجتماع لكتلة نواب حزبه "الليكود" في الكنيست الإسرائيلي "أنا الآن عائد من غزة.. نحن لا نتوقف، نواصل القتال وسنكثفه في الأيام المقبلة وسيكون قتالا طويلا ولم يقترب من نهايته"، وفق بيان أصدره الحزب.
وأمس الإثنين، أطلق مسلحون فلسطينيون صواريخ على إسرائيل اعترضت منظومة القبة الحديدية الدفاعية غالبيتها .
ورغم الدعوات المتزايدة لوقف إطلاق النار، والخسائر البشرية الفادحة والأزمة الإنسانية التي وصفتها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بالكارثية، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يزال ثابتا على موقفه.
لكن عائلات رهائن في قطاع غزة أطلقوا صيحات استهجان ضد نتنياهو أثناء إلقائه خطاباً في الكنيست أمس الإثنين.
وردّد أقارب الرهائن الذين حملوا لافتات وصورا لأبنائهم "الآن! الآن!" ردا على قوله إن الجيش يحتاج إلى "المزيد من الوقت" لاستكمال العملية العسكرية.
"شروط مسبقة"
وفي مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الإثنين، وضع نتنياهو ثلاثة "شروط مسبقة" لا بدّ منها "لتحقيق السلام بين إسرائيل وجيرانها الفلسطينيين في غزة".
وكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في مقاله "يجب تدمير حماس، ويجب نزع سلاح غزة، ويجب استئصال التطرّف من المجتمع الفلسطيني".
ومضى قائلا "لا بدّ من إقامة منطقة أمنية مؤقتة على محيط غزة وآلية تفتيش على الحدود بين غزة ومصر تلبّي احتياجات إسرائيل الأمنية وتمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع".
وأكّد نتنياهو رفضه إسناد إدارة القطاع مستقبلاً إلى السلطة الفلسطينية التي اتّهمها بـ"تمويل الإرهاب وتمجيده" في الضفّة الغربية المحتلة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنّه "في المستقبل القريب، يجب على إسرائيل أن تحتفظ بالمسؤولية الأساسية عن الأمن في غزة"، القطاع الذي انسحبت منه بصورة أحادية الجانب في 2005 بعدما احتلّته طوال 38 عاماً.
«وضع كارثي»
وفي القطاع الذي تفرض عليه إسرائيل حصارا مطبقا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، صار وضع 1,9 مليون نازح - أي 85% من السكان - يائسا وفق وكالات الأمم المتحدة التي تقول إنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن معظم المستشفيات في القطاع باتت خارج الخدمة، ومن أن جميع السكان سيواجهون في الأسابيع الستة المقبلة درجة عالية من انعدام الأمن الغذائي مما قد يؤدي إلى مجاعة.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد قادت السبت الماضي، بعثة جديدة إلى المستشفيات في مدينة غزة، سلمت خلالها خصوصا أكثر من 19 ألف لتر من الوقود إلى مجمع الشفاء الطبي الأكبر في القطاع.
وقالت المنظمة إن مواطنين يائسين وجائعين اعترضوا إحدى شاحنات الأغذية لأخذ حمولتها.
ونقلت منظمة الصحّة العالمية شهادات "مروّعة" عن قصف مخيّم المغازي للاجئين الفلسطينيين في وسط غزة، مشيرة إلى أنّ هذه الروايات جمعتها طواقمها من "مستشفى الأقصى" الذي نُقل إليه ضحايا هذا القصف الإسرائيلي الذي أوقع عشرات القتلى والجرحى.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة تيدروس أدهانوم غبرييسوس في منشور على منصّة "إكس" إنّ "فريق منظمة الصحة العالمية سمع من الطواقم الطبية والضحايا قصصاً مروّعة عن المعاناة التي خلّفتها الانفجارات".
وعلى الرغم من مواقف طرفي النزاع المتشددة، لا يزال الوسطاء الإقليميون والدوليون يحاولون التفاوض على هدنة جديدة، بعد هدنة أولى دامت أسبوعا في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أتاحت الإفراج عن أكثر من 100 رهينة و240 معتقلا فلسطينياً بالإضافة إلى إدخال قوافل مساعدات إنسانية أكبر إلى غزة.