نزوح لا يتوقف.. سكان غزة يفرون إلى ملاذ «ليس آمنا»
حاملين أمتعتهم البسيطة، وجد آلاف الفلسطينيين أنفسهم مضطرين مرة أخرى للنزوح خلال الحرب التي جعلت قطاع غزة، مكانًا ينعدم فيه الأمن، وتستحيل فيه الحياة.
فبحقائب وأكوام من البطانيات تحملها عربات، بينما وضع آخرون فرش نوم فوق إحدى السيارات، تحرك نازحون بخطى ثقيلة، من مخيم البريج للاجئين (وسط) وأحياء عدة مجاورة، بعد أن نشر الجيش الإسرائيلي في اليوم السابع والسبعين من حربه ضد حماس في قطاع غزة، منشورات تأمرهم بـ«المغادرة فورا حفاظا على سلامتهم» باتجاه دير البلح.
وجاء في الأمر «من أجل سلامتكم، عليكم الانتقال بشكل فوري إلى المآوي في دير البلح» وسط القطاع، إلا أن «الظروف صعبة للغاية على النازحين، فيما الوقت ضيق، والآمال تكاد تكون معدومة، في النجاة»، بحسب نازحين.
ظروف قهرية
ولاء المديني وهي مصرية فلسطينية صارت تستعمل كرسيا متحركا بعد إصابتها، تقول إن «الظروف صعبة للغاية. هذه ليست حياة. الحياة التي نعيشها ليست حياة. لا ماء لا أكل ولا أي شيء».
المديني التي أصيبت بساقها في حي الشجاعية في مدينة غزة، ما دفعها إلى النزوح مع عائلتها إلى البريج بعد فرارها من المدينة، تشرح ما وقع لها، قائلة: «كنا عايشين في الشجاعية، فجأة وقع قصف، استشهدت ابنتي في حضني، أخرجوني من تحت الركام أنا وابني بعد ثلاث ساعات».
وتضيف بأسى أن منزلها دمر مع «كل شيء محيط بنا (..) رسالتي للعالم أن ينظروا إلينا. يروا وضع الشعب. متنا نحن. ماذا ينظرون. تعبنا. أنا من الناس التي تعبت. أنا لا أنام. لم أنم منذ أربعين يوما» بسبب الألم من الإصابة.
لا مكان آمن
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نتيجة هجوم غير مسبوق نفذته الحركة الفلسطينية على إسرائيل من قطاع غزة وأسفر عن مقتل 1140 شخصا، معظمهم من المدنيين قضى غالبيتهم في اليوم الأول، بحسب السلطات الإسرائيلية. وردت إسرائيل على الهجوم الأسوأ في تاريخها بعملية جوية وبرية على غزة، وتعهدت القضاء على حركة حماس.
وخلفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة حتى الآن 20057 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وأكثر من 50 ألف جريح، وفق أحدث حصيلة صادرة عن السلطات في القطاع الذي تحكمه حماس.
وتحذّر وكالات الأمم المتحدة منذ أسابيع من الوضع الكارثي للمدنيين في القطاع الفقير والمكتظ، حيث دمر القصف الإسرائيلي أحياء بأكملها وشرد 1,9 مليون غزّي، أي 85% من السكان بحسب الأمم المتحدة.
وفي أحد شوارع مخيم البريج، خرج كثيرون مع حقائب وحقائب ظهر، ممتطين عربات تجرها حمير؛ أحدهم يدعى سالم يوسف الذي فر في البداية إلى مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة ظنا منه أنه سيحظى بالأمان.
لكن الجيش الإسرائيلي أطلق عملية كبرى في المجمع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، متهما حماس بتحويله إلى مركز قيادة.
وتوجه يوسف بعدها إلى مخيم النصيرات في وسط القطاع ومكث فيه شهرا ونصف الشهر، ويشير إلى أنه سيتوجه إلى رفح في أقصى جنوب القطاع حيث أقام عشرات الآلاف من النازحين مخيمات مؤقتة.
لكن رفح لم تسلم بدورها من القصف الإسرائيلي، بحسب يوسف الذي يؤكد: «يقولون لنا إنه (مكان) آمن.. لكن لا يوجد مكان آمن».
ويعرب عن أمله في «ألا يقتل (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتانياهو الأطفال الصغار ويهدم البيوت على رؤوسنا»، مؤكدا: «أنا مواطن. ما الذي سيخرجني؟ لماذا سيرحلونا منها؟». ويخلص إلى أن «كل ما يقوم به نتانياهو هو خطأ».