الإمارات تنتصر لغزة بمجلس الأمن.. قرار تاريخي بتوسيع المساعدات
تتويجا لحراكها المتواصل لدعم غزة، اعتمد مجلس الأمن مشروع قرار إماراتيا يدعو لاتخاذ خطوات عاجلة لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع.
قرار جاء بعد مفاوضات ماراثونية أجرتها الإمارات مع الولايات المتحدة الأمريكية على مدار 5 أيام متتالية، تم خلالها إرجاء التصويت على القرار نحو 4 مرات، لضمان تمريره وعدم استخدام الفيتو الأمريكي، وهو ما نجحت فيه الإمارات بالفعل، نصرة لأهل غزة بشكل خاص والإنسانية بشكل عام.
ورغم أن مشروع القرار الإماراتي الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي اليوم الجمعة، تم تعديل صياغة بعض بنوده لضمان مروره، فإن التوصل لهذا القرار في حد ذاته يعد إنجازا دبلوماسيا وإنسانيا مهما للإمارات، في ظل ما واجهته من صعوبات وتحديات حتى نجاحها في اعتماده.
وهو ما أشار إليه الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، الذي أكد في تغريدة عبر موقع "إكس" (تويتر سابقا)، إلى أن "الإمارات حققت اختراقا تاريخيا باعتماد مجلس الامن القرار ٢٧٢٠ والذي يعزز الوضع الإنساني في غزة.. خطوة مهمة للغاية في ظروف دولية صعبة".
وأردف: "في عالم تفرض القوة شروطها تغدو السياسة فن التفاوض لتحقيق الممكن، كل التقدير للشيخ عبدالله بن زايد (آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي) وفريقنا الدبلوماسي على جلدهم ومثابرتهم".
أيضا اعتبر وفد الإمارات في الأمم المتحدة في حسابه عبر موقع "إكس"، أن القرار يعد "خطوة بالغة الأهمية، حيث سيتيح إدخال المساعدات التي تشكل شريان الحياة لأهل غزة وإيصالها لمن هم بأشد الحاجة إليها".
جهود استدعت شكرا دوليا للإمارات على مثابرتها في اقتناص نصر حيوي للقضية الفلسطينية ولأهل غزة وللإنسانية بشكل عام عبر التوصل لهذا القرار.
تفاصيل القرار
واعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2720 حول غزة وإسرائيل، الذي يدعو إلى "اتخاذ خطوات جوهرية وملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون بشدة في قطاع غزة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض"، بتأييد 13 عضوا وامتناع الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت.
القرار -الذي قدمت مشروعه دولة الإمارات العربية المتحدة، العضو العربي الوحيد بالمجلس- يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين كبير لمنسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار، والذي سيكون من ضمن مهامه رصد الشحنات التي يتم تسليمها إلى قطاع غزة والتحقق من الطبيعة الإنسانية لها، وإنشاء آلية مساعدات تحت قيادة الأمم المتحدة لتيسير وتسريع عملية تسليم المساعدات إلى قطاع غزة".
كما يطلب القرار من المنسق الجديد أن يقوم على وجه السرعة بإنشاء "آلية للأمم المتحدة من أجل التعجيل بتوفير شحنات الإغاثة الإنسانية لغزة" عن طريق هذه الدول، بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية وبغية تسريع وتيسير وتعجيل عملية توفير المساعدات مع الاستمرار في المساعدة على ضمان وصول المعونة إلى وجهتها المدنية".
بالإضافة إلى ذلك، طالب القرار أطراف النزاع بأن تتعاون مع المنسّق للوفاء بولايته "دون تأخير أو عوائق"، ما سيعزز استجابة الأمم المتحدة للأوضاع وضمان حصولها على الدعم الكامل من قبل مجلس الأمن.
وطالب المجلس في قراره طرفي النزاع باتخاذ خطوات عاجلة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية فوراً وبأمان ودون عوائق وعلى نطاق واسع، ولوقف الأعمال العدائية في قطاع غزة بشكل مستدام.
ويطالب القرار أطراف النزاع بتيسير استخدام جميع الطرق المتاحة إلى قطاع غزة وفي أرجائها.
القرار طالب كذلك أطراف النزاع بضرورة ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، في ضوء مقتل أكثر من 136 موظف من موظفي كالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وطالب أيضا بإطلاق سراح جميع الرهائن فوراً دون أي قيد أو شرط وضمان حصولهم على المساعدات الإنسانية.
كما طالب المجلس بتنفيذ القرار 2712 الذي اعتمده في منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني بالكامل، وطلب من جميع الأطراف المعنية الاستفادة الكاملة من آليات الإخطار الإنساني وتفادي التضارب العسكري - الإنساني القائم لحماية جميع المواقع الإنسانية، بما فيها مرافق الأمم المتحدة، والمساعدة في تسهيل حركة قوافل المساعدات.
وطالبت السفيرة لانا زكي نسيبة المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، المجلس بالعمل على ضمان التنفيذ الكامل للقرار المُعتمد بشأن قطاع غزة، وبينت أن هذا القرار خطوة في طريق طويل يجب أن يقود لإنهاء الحرب في غزة وتسوية الصراع عبر حل الدولتين .
وكانت السفيرة لانا زكي نسيبة، قد حذرت في كلمتها أمام المجلس قبيل اعتماد القرار، من أن المجاعة ستسود قطاع غزة إن لم يتحرك المجلس لاتخاذ إجراءات للحيلولة دون ذلك.
وأضافت المندوبة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة: "لقد شاهد العالم المعاناة في غزة ويسعى بجد لتقديم المساعدة".
وتابعت: "سيساعد هذا القرار على تقديم المساعدات بالكم المطلوب" واصفةً القرار بأنه "يُعتبر خطوة مهمة على هذا المسار الطويل، وأنه يتعين على مجلس الأمن أن يضطلع بمسؤوليته عبر ضمان التنفيذ الكامل لهذا القرار".
شكر دولي
ورغم الامتناع الأمريكي، وجهت السفيرة ليندا توماس غرينفيلد مندوبة واشنطن لدى مجلس الأمن الشكر للإمارات على جهودها من أجل التوصل إلى مشروع قرار متفق عليه.
وقالت السفيرة الأمريكية، إن اعتماد مشروع القرار الذي تقدمت به دولة الإمارات يعزز وصول المساعدات إلى قطاع غزة.
ووجهت بريطانيا بدورها الشكر إلى جهود الإمارات، من أجل اعتماد مشروع القرار الذي يسهل وصول المساعدات إلى المدنيين في غزة.
ويعد هذا ثاني قرار يعتمده مجلس الأمن بشأن الوضع في غزة بعد القرار الذي اتخذه يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي الذي يدعو إلى «هدنات وممرات إنسانية» في قطاع غزة.
حراك متواصل
ويأتي اعتماد قرار الإمارات بعد نحو أسبوعين من فيتو أمريكي أحبط محاولة إماراتية مماثلة، الأمر الذي يبرز الإصرار الإماراتي لدعم القضية الفلسطينية والمثابرة هلى تحقيق الأهداف.
واستخدمت الولايات المتحدة في الثامن من ديسمبر/كانون الأول حق النقض ضد مشروع قرار قدمته دولة الإمارات أيضا يدعو إلى "وقف إنساني فوري لإطلاق النار في غزة"، فيما تواصل إسرائيل حملة بلا هوادة على قطاع غزة، رغم ضغوط غير مسبوقة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وما بين مشروعي القرارين، اتخذت دولة الإمارات خطوة رائدة وغير مسبوقة لدفع جهودها قدما، باتجاه إقناع المجتمع الدولي باتخاذ خطوات فعلية لوقف الحرب الدائرة منذ أكثر من شهرين، فنظمت بالتعاون مع مصر زيارة لمندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لمعبر رفح الحدودي مع قطاع غزة يوم 11 من الشهر الجاري، لإطلاعهم مباشرة على الحاجة الماسة لوقف إطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية.
وعلى الأثر، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في اليوم التالي (12 ديسمبر/كانون الأول الجاري) قرارا غير ملزم يطالب بالوقف الإنساني لإطلاق النار والإفراج الفوري عن جميع الرهائن وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بغالبية 153 صوتا من أصل الدول الأعضاء الـ193، فيما صوتت 10 دول ضده وامتنعت 23 عن التصويت.
رسائل قوية
مواقف قوية ورسائل تضامن تاريخية مع غزة تسجلها دولة الإمارات عبر حراكها المتواصل بمجلس الأمن الدولي، لدعم القضية الفلسطينية ونشر السلام.
ومنذ تجدد التصعيد بغزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقد مجلس الأمن 13 جلسة حول القضية الفلسطينية والوضع في غزة، لم يمر أي منها دون أن تسجل دولة الإمارات رسائل قوية داعمة لغزة، إضافة إلى سعيها لتحقيق التوازن بين مختلف الأطراف والعمل على دعم جهود السلام وتخفيف حدة التصعيد.
ومن بين تلك الجلسات الـ13 في مجلس الأمن، عقد 8 منها بطلب من دولة الإمارات، قدمت خلال ثلاثة منها (8 و19 و22 ديسمبر) مشروعي قرارين لوقف الحرب في غزة.
وحرصت عبر جلسات أخرى على إتاحة المجال لأعضاء المجلس، والاستماع إلى إحاطات من مسؤولين أمميين وآخرين في المجال الإنساني، كشفت حقائق الوضع الإنساني المأساوي في غزة.
حراك متواصل
إحاطات كان لها الأثر الكبير في حلحلة مواقف أعضاء مجلس الأمن الدولي، وصولا إلى اتخاذ أول قرار أممي بشأن الوضع في غزة يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
في ذلك الاجتماع، خرج مجلس الأمن الدولي عن صمته للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، بإصداره قرارا يدعو إلى "هدنات وممرات إنسانية" في قطاع غزة.
والقرار الذي صاغته مالطا وتم تبنيه بأغلبية 12 صوتا، بينها دولة الإمارات العضوة العربية الوحيدة بالمجلس، دعا إلى هدنات وممرات إنسانية واسعة النطاق وعاجلة لعدد كاف من الأيام، لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة.
ويعد قرارا الإمارات ومالطا القرارين الوحيدين الصادرين من مجلس الأمن الدولي بشأن غزة، من بين 7 مشروعات قرارات تم تقديمها.
وسبق أن شهد مجلس الأمن الدولي 5 جلسات للتصويت على 6 مشاريع قرارات في 16 و18 و25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، و15 نوفمبر/تشرين الثاني و8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، رفض 5 مشاريع منها، 2 منها بسبب استخدام واشنطن حق النقض ضدهما، فيما تمت الموافقة على مشروع قرار واحد فقط منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل اعتماد قرار الإمارات اليوم الجمعة.
رسائل مهمة
وخلال جميع تلك الجلسات سجلت الإمارات مواقف قوية داعمة للقضية الفلسطينية، كما بعثت خلال تلك الجلسات رسائل عدة للعالم خلال تلك الاجتماعات تعبر عن رؤيتها لحل الأزمة، وترسم من خلالها خارطة طريق لنشر السلام بشكل مستدام عبر حل القضية من جذورها، بالتوصل لحل سياسي يفضي إلى قيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في وئام وسلام.
وعبر جميع تلك الجلسات، قدمت دولة الإمارات مطالب عاجلة تتعلق بالأزمة الراهنة، إضافة إلى روشتة لتحقيق سلام مستدام، أبرزها مطالبتها بوقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكلٍ آمن وعاجل ومستدام ودون عوائق.
كما طالبت بحماية جميع المدنيين واحترام القانون الإنساني (وقف القتل وإطلاق سراح جميع الرهائن)، إضافة إلى رفض التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم، احتراما للقانون الدولي الإنساني.
حراك دبلوماسي إماراتي متواصل في أروقة مجلس الأمن الدولي، سعيا نحو وضع حد لحرب غزة وحماية المدنيين وإيجاد أفق للسلام، يأتي امتدادا للدعم الإماراتي التاريخي للقضية الفلسطينية عبر الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، الذي يعد أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية منذ تأسيسها عام 1971.
ملحمة إنسانية
جهود إماراتية تتواصل ضمن ملحمة سياسية وإنسانية يقودها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لدعم غزة والقضية الفلسطينية.
وتتواصل حاليا عملية «الفارس الشهم 3» التي أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، العمليات المشتركة في وزارة الدفاع ببدئها لدعم الشعب الفلسطيني في غزة، ضمن مبادرات إنسانية ودبلوماسية عديدة لدعم القطاع.
وأرسلت دولة الإمارات حتى اليوم، 120 طائرة وسفينة شحن واحدة تحمل 9116 طنا من المساعدات الإغاثية، في إطار تلك العملية.
وتواصل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي توزيع طرود المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة على أهالي قطاع غزة، ضمن العملية.
وقررت دولة الإمارات في إطار تلك العملية -أيضا- إقامة مستشفى ميداني إماراتي متكامل داخل القطاع، والذي جرى تدشينه في 2 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وباشر الفريق الطبي الإماراتي المختص في المستشفى الميداني في قطاع غزة، الذي يضم كوادر متخصصة ومؤهلة في المجالات والفروع الطبية المختلفة، تقديم خدماته العلاجية لأبناء القطاع، حيث تم استقبال 490 حالة.
حراك إماراتي متواصل لدعم غزة
كما أقامت دولة الإمارات 3 محطات لتحلية مياه البحر يوم 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري بقدرة إنتاجية 600 ألف غالون يوميا، بالإضافة إلى توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، باستضافة ألف فلسطيني من المصابين بأمراض السرطان من قطاع غزة من مختلف الفئات العمرية لتلقي العلاجات وجميع أنواع الرعاية الصحية في مستشفيات الدولة.
كما وجه باستضافة ألف طفل فلسطيني برفقة عائلاتهم من قطاع غزة لتقديم جميع أنواع الرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها في مستشفيات الدولة إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم. ووصل بالفعل 338 من الأطفال المصابين ومرضى السرطان في إطار تلك المبادرات.
وكانت دولة الإمارات قد أطلقت حملة لإغاثة الأشقاء الفلسطينيين المتأثرين من الحرب في قطاع غزة، تحت شعار «تراحم من أجل غزة» بمشاركة المؤسسات الإنسانية والخيرية ومراكز التطوع والقطاع الخاص وأطياف المجتمع كافة في الدولة، ووسائل الإعلام.
aXA6IDMuMTQ0LjQ1LjE3NSA= جزيرة ام اند امز