اليوم الـ77 لحرب غزة.. محنة القصف وآمال الهدنة وشبح المجاعة
تتقلص آمال الحياة في غزة ويكبر شبح الموت قصفا أو جوعا وسط مفاوضات وضغوط للتوصّل إلى هدنة في الحرب المدمّرة بين إسرائيل وحركة حماس.
ففي غزة، كل شيء يتضاءل ما عدا الأمل الذي تقلص تدريجيا حتى تلاشى من قلوب سكان يدخلون اليوم الـ77 من حرب مدمرة قضت على قسم واسع منهم وشردت القسم المتبقي.
ومساء الخميس، قصف الجيش الإسرائيلي بعنف جنوب غزة، خصوصاً خان يونس ومعبر كرم أبوسالم.
فيما أطلقت الفصائل الفلسطينية وابلا من الصواريخ من القطاع، وذلك بعد يومين لم يشهدا إطلاق صواريخ في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، حيث انطلقت صافرات الإنذار محذرة السكان في مناطق عدة في الجنوب وفي تل أبيب في الوسط، وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
وفي نيويورك، أرجأ مجلس الأمن الدولي مرة أخرى التصويت على مشروع قرار يهدف إلى تسريع إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث قتل أكثر من 20 ألف شخص، وفق حكومة حماس، ونزح أكثر من 85 في المئة من السكان.
وجاء هذا التأجيل الجديد بعد أن أعلنت واشنطن أنّها مستعدّة لتأييد النسخة الأخيرة من مشروع القرار، والتي تدعو إلى اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن من دون المطالبة بوقف فوري للأعمال العدائية بين إسرائيل وحماس.
وتوعّدت إسرائيل بالقضاء على حماس ردّاً على هجوم غير مسبوق نفذته الحركة على جنوب إسرائيل، وأدى إلى سقوط نحو 1140 قتيلا معظمهم من المدنيين، حسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أحدث الأرقام الإسرائيلية الرسمية.
واحتُجز حوالي 250 شخصا رهائن ما زال 129 منهم في قطاع غزة، حسب إسرائيل.
وقال الناطق باسم حركة حماس أبوعبيدة، الخميس، في تسجيل صوتي إن الهدف المعلن لإسرائيل بالقضاء عليها "محكوم بالفشل"، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل أكثر من ألفي مقاتل في قطاع غزة منذ بداية الشهر الجاري.
واستهدفت غارة إسرائيلية، الخميس، الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبوسالم مع إسرائيل في جنوب قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، بينهم مدير المعبر باسم غبن، وفق حركة حماس، ولم تعلّق السلطات الإسرائيلية على هذا القصف.
وكانت إسرائيل وافقت منذ 15 ديسمبر/كانون الأول الجاري على عبور "مؤقت" لمساعدات في اتجاه غزة عبر هذا المعبر، بهدف إدخال كمية أكبر من المساعدات التي كانت يقتصر عبورها حتى الآن بشكل محدود جدا على معبر رفح مع مصر.
وليل الخميس، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزّة أنّ مديرها العام منير البرش أصيب بجروح وابنته قُتلت في قصف إسرائيلي على جباليا في شمال القطاع.
معلومات مقلقة
على الأرض، أعلن الجيش الإسرائيلي الذي خسر 137 عنصرا منذ بدء عملياته البرية في قطاع غزة، الخميس، أن جنودا إسرائيليين عثروا على أسلحة في مدرسة بمدينة غزة.
ويتهم الجيش الإسرائيلي حماس بانتظام باستخدام المدنيين "دروعا بشرية" وإخفاء مقاتلي الحركة أو مراكز قيادتها في المدارس أو المستشفيات، لكن حماس تنفي ذلك.
وتعرضت مدينة خان يونس، أكبر مدن جنوب قطاع غزة، لقصف عنيف الخميس.
ودوّت صافرات الإنذار في جنوب إسرائيل وفي تل أبيب (وسط) جراء إطلاق صواريخ اعترضتها الدفاعات الجوية الإسرائيلية. وأفادت الشرطة بحصول أضرار من دون تسجيل إصابات.
وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، "قصف تل أبيب برشقة صاروخية رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين".
مساع لهدنة
دبلوماسيا، تتواصل الجهود على جبهات عدة لمحاولة التوصل إلى هدنة جديدة، بعد هدنة أولى استمرت أسبوعا وسمحت بالإفراج عن 105 رهائن من قطاع غزة و240 معتقلا فلسطينيا لدى إسرائيل.
وفي إطار مساعي التهدئة يواصل رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية في القاهرة مناقشة "هدنة مؤقتة لمدة أسبوع مقابل إطلاق سراح حماس 40 أسيرا إسرائيليا من النساء والأطفال والذكور غير العسكريين"، وفق ما صرح مصدر مقرب من حماس لفرانس برس.
وذكر مصدر في حركة "الجهاد الإسلامي" أن أمينها العام زياد النخالة أيضا سيتوجه إلى القاهرة مطلع الأسبوع المقبل.
وتجري إسرائيل حوارا مع قطر والولايات المتحدة لمحاولة التوصل إلى هدنة تسمح بالإفراج عن رهائن.
لكنّ مواقف الطرفين ما زالت متباعدة جدا على ما يبدو، فحماس تطالب بوقف كامل للقتال قبل إجراء أي مفاوضات بشأن مصير الرهائن.
بينما تبدو إسرائيل منفتحة على فكرة الهدنة لكنها تستبعد أي وقف لإطلاق النار قبل "القضاء" على الحركة التي تتولى السلطة في غزة منذ 2007 وتعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل "منظمة إرهابية".
شبح الجوع
في عمّان، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس مباحثات مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني حول المساعدات الإنسانية لغزة وعملية السلام في الشرق الأوسط قبيل انتقاله إلى قاعدة جوية للاحتفال بأعياد الميلاد مع جنود فرنسيين.
ونقل بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني عن الملك عبدالله تأكيده لماكرون خلال لقائهما في مدينة العقبة الساحلية (328 كلم جنوب عمان) على شاطئ البحر الأحمر "ضرورة أن يضغط العالم بأسره لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وحماية المدنيين".
كما شدد على ضرورة "التحرك وبشكل فوري لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف ومستدام إلى قطاع غزة، الذي يشهد وضعا إنسانيا كارثيا".
وأكد ماكرون من جهته "حرص فرنسا على زيادة المساعدات الإنسانية الموجهة لقطاع غزة، بالتنسيق مع الأردن".
وتواصل وكالات الأمم المتحدة التحذير من الأزمة الإنسانية العميقة في قطاع غزة، حيث يعاني نصف السكان من جوع شديد أو حاد، مع حرمان تسعين في المئة منهم من الطعام لمدة يوم كامل باستمرار، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وقال مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث إن حصيلة الضحايا في قطاع غزة تشكّل "علامة مأسوية ومخجلة".
وسبّبت الحرب دمارا هائلا في غزة، حيث خرجت معظم المستشفيات عن الخدمة، وفر 1,9 مليون شخص من منازلهم وقراهم ومدنهم، وفق الأمم المتحدة.
وأفاد تقرير لبرنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم، الخميس، بأنّ كل شخص يعيش في قطاع غزة سيواجه مستوياً عالياً من انعدام الأمن الغذائي الحادّ في الأسابيع الستة المقبلة.
وتوقع تقرير برنامج "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (آي بي سي) الذي يصنف مستويات الجوع من واحد إلى خمسة، أنه بحلول 7 فبراير/شباط المقبل -في "السيناريو الأكثر ترجيحا"- سيكون "سكان قطاع غزة جميعهم (نحو 2,2 مليون شخص)" عند مستوى جوع يلامس "الأزمة أو ما هو أسوأ".
- قصف إسرائيلي على جنوبي غزة ومقتل مدير «كرم أبوسالم»
- لرابع مرة.. تأجيل للتصويت في مجلس الأمن على قرار بشأن غزة
- على الجانب المصري من حدود غزة.. الإمارات «تطفئ» ظمأ الحرب
- حرب غزة والرهائن.. إسرائيل تتمسك بخياراتها و«حماس» تجدد شروطها
- مباحثات واحتفالات.. ماكرون بالأردن بين حرب غزة و«الكريسماس»
- الإمارات بالأمم المتحدة.. مطالبة بوقف حرب غزة وتأكيد على دعم فلسطين