غزة.. فريق كرة قدم من مبتوري الأطراف
خلّفت الاعتداءات الإسرائيلية على غزة أكثر من 40 ألف فلسطيني مصاب منذ 2008، ولكن هذا لم يمنع محبي كرة القدم من ممارسة هوايتهم المفضلة.
تُعَد لعبة كرة القدم من أشهر الرياضات وأكثرها شعبية حول العالم، فمن منا لا يحب ركل الكرة والجري وراءها ومشاهدة المنافسات العالمية بين كبار الأندية؟ هذا الشغف الذي يجتاح قلوب المحبين، دفع مجموعة من ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية في غزة، إلى تشكيل أول فريق كرة قدم في فلسطين يتشكل أعضاؤه من مبتوري الأطراف.
داخل أحد الملاعب التابعة لبلدية مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، يحاول الطفل إبراهيم خطّاب (13 عاما)، الموازنة بين عكازيه لصدّ الهجمات المرتدة على مرمى فريقه، خصوصا أنه من أمهر اللاعبين في خط الدفاع كما يقول زملاؤه.
لم يقف الطرف الصناعي الذي حل مكان قدم خطاب المبتورة حائلا بينه وبين حبه لكرة القدم؛ فأصبح على الرغم من إعاقته أصغر لاعب ضمن فريق كرة القدم لمبتوري الأطراف في فلسطين، بحسب ما نقلته جريدة "الشرق الأوسط".
يقول خطّاب: «لم أكن أتخيل في يومٍ من الأيام أن يكون بمقدوري ممارسة هوايتي في لعب كرة القدم التي بدأتها في سن مبكرة جدا، لكنّها توقفت عام 2014 بعد إصابتي بصاروخٍ أُلقي من طائرات استطلاع التابعة للاحتلال».
يضم فريق مبتوري الأطراف، 13 لاعبا، يؤدون المهام المختلفة داخل الملعب، من التقدم في خط الهجوم، إلى الثبات في خط الوسط، إلى الصمود في خط الدفاع، وصولا إلى الحفاظ على المرمى من هجمات الخصم بواسطة حارسَيْ مرمى يعانيان من البتر في الأطراف العليا.
يضيف خطاب: «منذ علمت بتشكيل هذا الفريق أخبرت والدي برغبتي القوية بالمشاركة، وقدرتي على اللعب بشكلٍ جيد»، مبيّنا أن مشاركته وزملائه فيها تحدٍّ للاحتلال، ورسالة من رسائل حبّ الحياة التي يحاول الشعب الفلسطيني إيصالها للعالم الخارجي.
وتخلّف الاعتداءات الإسرائيلية على غزة الكثير من الضحايا في صفوف الشعب الفلسطيني، تقع معظمها ضمن تصنيفات الإعاقات الدائمة والجزئية، وبحسب التقارير الحقوقية، فإن أكثر من 40 ألف فلسطيني تعرضوا للإصابة بفعل الاحتلال منذ العدوان الأول على غزة عام 2008.
حسن أبو إكريم، لاعب ضمن الفريق، يقول: "بعد الإصابة التي تعرضت لها في 2007. توقفت عن ممارسة هوايتي الأولى بشكلٍ كامل، ولكن مع تشكيل الفريق الجديد، عدت للعب الكرة بعد سنوات من الغياب".
يوضح إكريم أنّه في الغالب لا تهمه نتيجة المباريات بقدر ما يهمه مستوى الأداء والمتعة في اللعب، لافتا إلى أنهم يتلقون تدريبات يوما واحدا في الأسبوع، وتكون مدة التدريب الواحد نصف ساعة تقريبا، يتبعها مباراة تنقسم لشوطين رياضيين، مدّة كل واحد منهما 10 دقائق.
عن مهمة التدريب، يقول محمد أبو شرف أحد مدربي الفريق، إن طريقة تدريب فريق مبتوري الأطراف تختلف كليا عن الطرق المعتادة؛ لتركيزها على عضلات معينة وتفاصيل أخرى، إذ إنّه يتم التعامل مع عضلة ساق واحدة، الأمر الذي يزيد من تعرضها للتعب والإجهاد بشكلٍ مضاعف.
ويؤكد أبو شرف أن المتعة التي يجدها في تدريب الفريق، تحمل طابعا خاصا على صعيده الشخصي، فهو يشعر بفخرٍ كبير، لا سيما أنه يُسهم في رسم صورة مختلفة وجديدة من صور نضال الشعب الفلسطيني وصموده في وجه الاحتلال واعتداءاته.
من جانبه يذكر مؤسس الفريق الكابتن محمود الناعوق، أنّ فكرة تكوين الفريق جالت في خاطره برفقة عدد من أصدقائه، أثناء مشاهدتهم إحدى البطولات الكروية الدولية الخاصة بمبتوري الأطراف، موضحا أنّ ذلك الأمر أوجد فيه حافزا ورغبة لتطبيق التجربة هنا في غزة، لا سيما أنها تضم عددا كبيرا من مبتوري الأطراف بفعل الاعتداءات الإسرائيلية.
وعن أهداف الفريق، يقول الناعوق، إنها تشمل عددا من الجوانب، أهمها ضرورة تطوير البنية الجسمية والعضلية لدى الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة إلى أنّها تُسهم في إيصال رسالة دلالية على مدى صمود الفلسطيني وقدرته على تخطي العقبات، وكذلك إيجاد جسم تمثيلي لفلسطين في المحافل الدولية ذات العلاقة برياضات ذوي الإعاقة.
aXA6IDMuMTM5LjcyLjE1MiA= جزيرة ام اند امز