كلها مُرة.. سيناريوهات ومخاطر الاجتياح البري لغزة
غيوم العملية البرية لا تغيب من سماء غزة منذ اندلاع الحرب، فيما التساؤلات تهطل دون إجابات، ليبقى المشهد غارقا بسيناريوهات كلها مُرة.
فبالإضافة إلى وجود حرص إسرائيلي واضح على تحقيق عنصر المفاجأة في هذه العملية، فإنه لا يزال يتعين على القيادة الإسرائيلية الإجابة عن سؤال "ماذا في اليوم التالي؟".
في المقابل، تعلو أصوات في إسرائيل بشأن فرص انضمام حزب الله اللبناني للحرب في حال إطلاق العملية البرية، ما سيعقد المواجهات في المنطقة ويُصعب من مهمة الجيش الإسرائيلي الذي سيحارب على جبهتين.
أما السؤال الآخر المطروح بقوة، الذي رصده مراسل "العين الإخبارية" في القدس، فهو مدى تأثير العملية البرية على فرص نجاة أكثر من 200 أسير إسرائيلي، بعضهم يحمل جنسيات غربية، في قطاع غزة؟
وعن هذا السؤال، تجيب مصادر دبلوماسية "العين الإخبارية" بالقول إنه "تم سؤال إسرائيل عن خططها العسكرية بشأن إنقاذ الأسرى، ولكنها أيضا لم تملك أجوبة".
وحتى اليوم، جندت إسرائيل أكثر من 360 ألفا من جيش الاحتياط وحشدت آلاف الدبابات والآليات العسكرية على حدود غزة بالتزامن مع رفع حال التأهب على حدود لبنان.
بيْد أن تل أبيب تدرك جيدا أن التوغل البري في قطاع غزة ليس مثل إطلاق آلاف الأطنان من القنابل من السماء على أرض القطاع.
فالتقديرات الإسرائيلية هي أن "حماس" التي نجحت في مباغتة إسرائيل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بهجومها غير المسبوق على بلدات وقواعد عسكرية في غلاف قطاع غزة، لا بد أنها أعدت العدة أيضا للعملية البرية.
وهو ما تطرق له مسؤول في المكتب الإعلامي للجيش الإسرائيلي في حديثه لـ"العين الإخبارية"، قائلا إنه "سيترتب على العملية البرية عمليات قتال صعبة وشرسة في شوارع غزة وأزقتها، ما يعني وقوع قتلى من الجانبين".
وباستثناء الحديث عن الجاهزية للعملية البرية، فإن الجيش الإسرائيلي لا يتحدث علنا عن تفاصيلها ولا مجرياتها المحتملة.
وترجح التقديرات في إسرائيل أنه في حال توفرت الفرصة فإن الجيش سيقوم بتوغل بري في غزة، خلال الأيام المقبلة.
وتستبق إسرائيل هذه العملية بقصف مكثف على قطاع غزة مع التركيز على شمالي القطاع الذي تقول إن مؤسسات "حماس" وعتادها وعناصرها، يتمركزون فيه.
وثمة 4 سيناريوهات محتملة للعملية البرية الإسرائيلية، وفق مراقبين
الأول: عملية برية خاطفة ومستهدفة بمشاركة عشرات آلاف الجنود الإسرائيليين.
تهدف العملية إلى اعتقال وقتل أكبر عدد ممكن من عناصر وقادة حركة "حماس" والقضاء على سلاحها الذي تقول إسرائيل إنه يتكدس في أنفاق أسفل شمالي قطاع غزة.
وتعتقد إسرائيل أنه من خلال مثل هذه العملية فإنها ستتمكن من القضاء على حكم حركة حماس وقدراتها العسكرية بما يمنعها من العودة، سواء إلى الحكم أو إطلاق النار في غزة.
ويتوقع أن يترافق مع هذه العملية إطلاق وابل من الصواريخ من قطاع غزة على أنحاء متفرقة بإسرائيل.
واستنادا إلى معطيات حصلت عليها "العين الإخبارية"، من مسؤولين بالجيش الإسرائيلي، فإن ما يزيد على 6900 صاروخ تم إطلاقها من قطاع غزة منذ بداية الحرب قبل 13 يوما.
ولكن بحسب المعطيات ذاتها، فإن لدى "حماس" ما بين 12-15 ألف صاروخ في مخازنها، في حين أن لدى الجهاد الإسلامي ما بين 2-8 آلاف صاروخ إضافة إلى مئات الصواريخ لدى الفصائل الصغيرة.
ويحذر مسؤولون دوليون من أن مثل هذه العملية البرية ستسفر عن قتل عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين الذين سيجدون أنفسهم وسط إطلاق النار.
ويتوقع الإسرائيليون أن تبدأ تل أبيب بفقدان الدعم الدولي مع بدء انتشار صور مقتل المدنيين في هذه المعارك.
السيناريو الثاني: عملية برية كاملة تنتهي بإعادة احتلال قطاع غزة
ويبدو أن هذا السيناريو غير متوقع، خاصة بعد أن قالت مصادر دبلوماسية غربية لـ"العين الإخبارية"، إن إسرائيل أبلغت بأنها لا تنوي بأية حال إعادة احتلال غزة، وأن ما تهدف إليه هو إنهاء حكم حماس والقضاء على قدراتها العسكرية.
وبموجب هذا السيناريو الأقل احتمالا، فإن آلافا وربما عشرات الآلاف الجنود سيجتاحون قطاع غزة بشكل كامل لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل انسحاب إسرائيل من القطاع عام ٢٠٠٥.
وتضغط أحزاب يمينية إسرائيلية بالحكومة من أجل تطبيق هذا السيناريو، ولكنه لا يجد قبولا من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أو وزير الدفاع السابق بيني غانتس ورئيس أركان الجيش السابق غادي آيزنكوت، اللذين انضما حديثا إلى مجلس وزاري الحرب الإسرائيلي.
ووفقا لهذا السيناريو، فإن إسرائيل ستقسم قطاع غزة إلى 3 أو 4 أقسام، وتمنع التنقل بينها لغرض القيام باعتقالات واغتيالات في صفوف حركة "حماس" والقضاء على قدراتها العسكرية.
وينطوي هذا السيناريو على خسائر إسرائيلية يومية بالجنود خلال القتال الذي سيجري مع مسلحين فلسطينيين، ولكنه أيضا يعني أن تل أبيب باتت المسؤولة عن حياة 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة.
وستؤدي صور القتال في الشوارع إلى تفجير الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة وربما المدن والبلدات العربية في إسرائيل. ولكن الأخطر الذي تخشاه تل أبيب هو تفجر جبهة الشمال.
إذ قال وزير الدفاع يوآف غالانت، أمس الأربعاء، أثناء حديثه مع كبار المسؤولين الحكوميين في جلسة مغلقة، إن الاستعدادات يجب أن تتم على الجبهة الشمالية، لأن حزب الله، حسب قوله، "أقوى بعشرة أضعاف قوة حماس".
وطلب غالانت، بحسب الهيئة العامة للبث الإسرائيلي، خلال المناقشة، من كبار المسؤولين الحكوميين التحرك لاستكمال المخزون والمعدات، واستكمال الاستعدادات على الجبهة الشمالية أيضا.
ووفق الهيئة "خرج المسؤولون الذين شاركوا في الاجتماع قلقين، وقالوا إنه من الضروري التحرك بأسرع ما يمكن واستكمال النواقص والاستعدادات، حتى لا نحصل على صور كالتي شهدناها في الجنوب" أي غزة.
السيناريو الثالث: عملية تستهدف منطقة عازلة شمالي قطاع غزة
تنشط إسرائيل منذ بداية الحرب في ضرب شمالي قطاع غزة بشكل خاص، وطلبت من السكان فيه إخلاء منازلهم والتوجه جنوبا، حيث بات يتوفر بعض الماء ويتوقع أن تصله قريبا المساعدات الغذائية العربية والدولية عبر معبر رفح الحدودي الرابط بين قطاع غزة ومصر.
وثمة تقديرات بأن إسرائيل تزيد من الحديث عن عملية برية من أجل دفع الفلسطينيين في شمالي قطاع غزة للتوجه إلى الجنوب.
ووفقا للتقارير الاستخبارية الإسرائيلية فإن تسلل مسلحي حماس إلى بلدات غلاف غزة، في السبت قبل الماضي، تم من شمالي قطاع غزة، وأن الغالبية من المشاركين فيه هم من سكان تلك المنطقة المعروفة بتأييدها لحركة حماس.
وعلى ذلك، فقد تلجأ إسرائيل الى اجتياح تلك المنطقة تحديدا وإقامة منطقة عازلة فيها تقوم خلالها بإنهاء وجود حماس في المنطقة، لضمان عدم تكرار ذات العمليات.
السيناريو الرابع: استمرار تأخر العملية البرية وفقدان محتمل للدعم الدولي لها
في حال تأخرت العملية البرية أكثر من اللازم وتعقدت الظروف ما قد يسفر عن فقدان الدعم الدولي للعملية، فإن إسرائيل ستواصل قصف قطاع غزة واغتيال نشطاء الحركة حتى تتمكن من الوصول إلى أحد أو كل الأسماء الكبيرة مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف، وتعلن بعدها "النصر" في الحرب التي أسفرت حتى اليوم عن مقتل قرابة 3500 فلسطيني، وتسوية أحياء بالكامل بالأرض.
aXA6IDMuMTQ2LjE1Mi4xNDcg جزيرة ام اند امز