حرب غزة تدخل شهرها الثاني.. ودعوات هدنة لا سمع ولا طاعة لها
أحياءٌ ينبشون عن أموات، ورُكام حوّل شوارع إلى أشباح، وقتالٌ يستعر من منزل إلى منزل في شمال القطاع، وحراك ينشد هدنة لا سمع ولا طاعة لها.
هذه هي غزة تدخل شهرها الثاني مثقلة بحرب إسرائيلية تضعها على أعتاب 10 آلاف قتيل، وباحثة عن هدنة توقف نزيف الدم والهدم.
فمع تصاعد وتيرة القصف الإسرائيلي، ينشغل الفلسطينيون في البحث عمن تبقوا أحياء أو لانتشال الجثث، بين الحجارة الملطخة ببقع كبيرة من الدماء، أو حتى أشلاء الأجساد الممزقة، وصوت المنادي يعلو "هل هناك ناجون؟"،
وأينما تولي وجهك في غزة، تتوه في أحياء لم تعد نفسها، فبدلا من المنازل تشكلت حفر كبيرة من الركام تحيط بها بضعة منازل شبه مدمرة. لقد انهارت طوابق المباني وتكدست بعضها فوق بعض مثل بيت من ورق.
وبسبب الكتل الخرسانية المتناثرة يضطر الأهالي للتنقل بشكل متعرج والتمسك بأجزاء من الجدران هنا وهناك.
ووسط الخراب، يتحرك الأهالي ذهابا وإيابا وعلى أياديهم وأذرعهم أثار جروح أو دماء، وشعرهم وملابسهم مغطاة بالغبار، يواصلون عملهم الدؤوب لانتشال جيرانهم أو ما تبقى منهم.
قتال من منزل إلى منزل
ميدانيا، تتواصل المعارك البرية شمال القطاع، حيث نشر الجيش الإسرائيلي، الأحد، مشاهد لقواته وهي تخوض معارك من منزل إلى آخر، بينما تتحرك دبابات وجرافات عسكرية بهدف تشديد الطوق على مدينة غزة.
ومجددا، ألقى الجيش الإسرائيلي منشورات تطالب سكان مدينة غزة بالتوجه جنوبا بين العاشرة صباحا والثانية بعد الظهر، من كل يوم.
إنزال أردني
وفجر اليوم الإثنين، أسقطت القوات الجوية الأردنية مساعدات طبية عاجلة للمستشفى الميداني الأردني في غزة، وفقا لما نشره العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على منصة "إكس" (تويتر سابقا).
وقال الملك عبد الله "هذا واجبنا أن نساعد إخواننا وأخواتنا الذين أصيبوا في الحرب على غزة. وسنكون دائما إلى جانب إخواننا الفلسطينيين".
الهدنة الغائبة
سياسيا، مازالت إسرائيل ترفض الدعوات الدولية لهدنة إنسانية في غزة، في حين تسعى حملة دبلوماسية أمريكية في المنطقة لتقليص مخاطر الصراع.
ومن المقرر أن يجتمع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، اليوم الإثنين،، مع نظيره التركي هاكان فيدان، في أنقرة، بعد ساعات من محاولة مئات الأشخاص المتضامنين مع فلسطين، اقتحام قاعدة جوية تضم قوات أمريكية في جنوب تركيا.
والأحد، قام بلينكن بزيارة غير معلنة إلى الضفة الغربية للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي انضم إلى النداءات الدولية لوقف فوري لإطلاق النار.
لكن بعد أن كرر بلينكن مخاوف الولايات المتحدة من أن وقف إطلاق النار يمكن أن يساعد حماس، استبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذلك ما لم يتم إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس منذ هجومها في السابع من الشهر الماضي.
وقال نتنياهو "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار دون عودة الرهائن. يجب حذف هذا تماما من القاموس".
وأمس الأحد، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه حاصر مدينة غزة، وسط قصف غير مسبوق وانقطاع كامل لشبكة الإنترنت والاتصالات.
في هذه الأثناء، تحدثت وسائل إعلام أمريكية عن زيارة يقوم بها مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، إلى إسرائيل، اليوم الإثنين، لبحث الحرب والمعلومات الاستخبارية مع كبار المسؤولين.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤول أمريكي لم تذكر اسمه قوله إن بيرنز سيزور أيضا دولا أخرى في الشرق الأوسط لبحث الوضع في غزة.
وقال البنتاغون إن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، يوم الأحد، و"كرر التزامه الصارم بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وشدد على أهمية حماية المدنيين وتقديم المساعدة الإنسانية".
وذكر مكتب نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، أنها ستتصل بالزعماء الأجانب في وقت لاحق اليوم الإثنين لبحث الصراع وتعزيز جهود الإدارة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة.