حشد عسكري إسرائيلي على تخوم «غزة».. و3 علامات «فشل» تلوح بالأفق

بينما يحشد الجيش الإسرائيلي مئات الدبابات وناقلات الجنود على تخوم مدينة غزة استعدادا لغزوها بعد قرار المستوى السياسي، يشير محللون ومسؤولون عسكريون سابقون إلى 3 علامات «فشل» تلوح بالأفق.
فمن ناحية، فإن التحذيرات الإسرائيلية لم تنجح سوى بإقناع ربع سكان المدينة بالمغادرة، ومن ناحية ثانية ثمة تقديرات بمقتل رهائن وجنود أثناء العملية، فيما العلامة الثالثة تتمثل في أن «نجاح الغزو يتطلب خطة سياسية غير موجودة لليوم التالي».
ويجتمع المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي (الكابينت) اليوم برئاسة بنيامين نتنياهو من أجل اتخاذ القرار بشأن موعد بدء الغزو، لكنّ الرئيس الأسبق لأركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت دعا أعضاء "الكابينت" إلى التراجع عن "حماقة" الغزو.
وعبر منصة "إكس"، وجّه الرئيس آيزنكوت "النداء الأخير" إلى أعضاء الكابنيت، دعاهم فيه إلى وقف خطة احتلال مدينة غزة، واصفًا إياها بأنها "حماقة ستكلف ثمنًا باهظًا من الدماء".
لا خطط لليوم التالي
وأضاف أن "قادة الكابنيت الذين يتحملون مسؤولية "إخفاق السابع من أكتوبر" يعتزمون اتخاذ القرار بدافع "عمى سياسي واستراتيجي وانفصال تام عن الواقع"، من دون أي خطة مكمّلة لليوم التالي".
وتابع أن هذه الخطوة "ستفشل مرة أخرى في إعادة المختطفين، وتعرّض الجنود للخطر في عملية لا تقوم على المصالح الوطنية والأمنية، بل على المصالح السياسية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يتصرف بعكس توصيات قادة الأجهزة الأمنية ومجلس الأمن القومي".
وأردف محذرًا: "إنه قرار يساوي التضحية بخيرة أبنائنا والتخلي عن المختطفين إلى الأبد، وتركهم لمصير الموت"، مشددًا على أن أعضاء الكابنيت يتحملون "مسؤولية شخصية". ودعا إلى "عدم الاختباء خلف نتنياهو وتجنب حماقة جديدة، وأن يضعوا نصب أعينهم بقاء إسرائيل لا حروبًا أبدية".
من جهتها، نقلت القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تقديراتها بأن 250 ألفا من أصل مليون شخص في مدينة غزة قد غادروها بالفعل.
وكان الجيش الإسرائيلي وجه في الأيام الأخيرة العديد من التحذيرات للسكان لمغادرة المدينة بعد أن وصفها بأنها "منطقة قتال خطيرة". لكن القوات ستجد "صعوبة بالغة" في غزو مدينة مكتظة بالسكان بالدبابات.
حشد عسكري
من جهته، قال المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يؤاف زيتون: "تتجمع مئات الدبابات وناقلات الجنود المدرعة التابعة للجيش الإسرائيلي بالقرب من غزة استعدادًا لعربات جدعون 2".
وأضاف: "ومن هناك، ستعبر الأرتال المدرعة الأولى من الفرقتين 98 و162 المنطقة العازلة الجديدة التي أنشأها الجيش الإسرائيلي على الجانب الغزي من الحدود، وتهاجم معاقل حماس، من المفترض أن تستغرق هذه الهجمة وقتًا قصيرًا".
واستدرك: "لكن عشية عملية عربات جدعون 2، يشعر رئيس الأركان، الفريق إيال زامير، بالقلق من أمر آخر. فإلى جانب الخطر على الرهائن في مدينة غزة، شدد في أوامره لقادة الفرق على ضرورة توخي الحذر الشديد، آملًا أن تصل التعليمات حتى إلى أدنى الضباط رتبة".
وقال: "لا يقتصر قلق زامير على عدد الضحايا الإسرائيليين في الأشهر المقبلة. ففي المناقشات الأخيرة، شدد مرارًا وتكرارًا على مبدأ السلامة قبل السرعة، حتى لا يقع في فخاخ حماس في الأزقة والأنفاق".
ما الذي يحبط زامير؟
زيتون أشار إلى أن "أكثر ما يُحبط زامير هو تردد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو - وتردد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، صاحب الصوت الحاسم في الكابينت - في اتخاذ قرار طويل الأمد من المفترض أن يبدأ بالتبلور مع نهاية العملية" لليوم التالي للحرب.
وقال: "بدون قرار كهذا، يُتوقع أن تنتهي هذه المناورة كسابقتها، مع تلاشي مكاسب الجنود يومًا بعد الآخر مع إعادة تنظيم حماس. سيُنفذ الجيش الإسرائيلي أي قرار سياسي، مهما كان مثيرًا للجدل: حكم عسكري إسرائيلي على مليوني فلسطيني في غزة، أو إدارة بقيادة عربية برعاية أمريكية، أو نقل تدريجي للمناطق إلى السلطة الفلسطينية بعد أن يقضي الجيش الإسرائيلي على حماس، وخاصةً تحت الأرض".
وأضاف: "جميع هذه القرارات تنطوي على مخاطر سياسية، وتتطلب إقناعًا داخليًا وخارجيًا، وشجاعة قيادية لا يمكن تعويضها بعربات جدعون أخرى. لقد فشلت بالفعل مقترحات أخرى، مثل تسليح عشائر غزة أو تشجيع الهجرة".
زامير يتوسل للقيادة السياسية
وتابع زيتون: "كاد رئيس الأركان أن يتوسل إلى القيادة السياسية: قرروا ما يجب فعله بغزة. إن إرسال الجنود مرارًا وتكرارًا إلى الأحياء نفسها للقتال الدائري، ثم إلقاء اللوم لاحقًا على الجيش الإسرائيلي وقادته لفشلهم في هزيمة حماس، لن يحقق النصر ولن يعيد الرهائن".
وأشار إلى أنه "حتى في أكثر سيناريوهات الجيش الإسرائيلي تفاؤلًا، من المتوقع أن تنتهي عملية عربات جدعون الثانية في يناير/كانون الثاني 2026، مع هزيمة لواء مدينة غزة التابع لحماس، والاستيلاء على معظم قواعده تحت الأرض، وتدمير آلاف المباني لمنع إعادة بناء الأنفاق".
لكنه استدرك: "ينبغي توخي الحذر عند وضع أي جدول زمني، حتى لو صدر عن الجيش. فمنذ بداية الحرب، وعد الجيش الإسرائيلي بهزيمة كتيبة الزيتون التابعة لحماس في غضون ثلاثة أسابيع أو لواء خان يونس التابع له في غضون أربعة أشهر. وقد تم بالفعل تفكيك هذين اللواءين لكن حماس تحولت منذ ذلك الحين إلى حرب العصابات، راسخةً قواتها بين السكان".