غزة في مطلع عام جديد.. صواريخ منتصف الليل وتسريح بالجيش الإسرائيلي
مع مولد عام جديد تقف غزة في يوم الحرب الـ87 على أعتاب الشهر الرابع من المواجهة، أمام كل شيء ونقيضه.
فالحكومة الإسرائيلية التي تعهدت بحرب طويلة الأمد في القطاع المحاصر والنازف تقرر سحب 5 ألوية من القوات العاملة في غزة، ما فسره طيف واسع من المراقبين بمن فيهم الإسرائيليون بأنه إشارة على قرب التحول إلى المرحلة الثالثة في المعركة، تمهيدا لتعليق العملية البرية والبحث عن مخرج.
وبينما القصف يتواصل على خارطة شبه مدمرة في القطاع الضيق انطلقت صواريخ جديدة باتجاه إسرائيل في الدقيقة الأولى من 2024.
رسائل الـ"إم 90"
وأعلنت كتائب عزّ الدّين القسّام، الجناح المسلّح لحركة حماس، مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي في شريط فيديو نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أنها استخدمت صواريخ إم 90.
وأكد الجيش الإسرائيلي الهجوم، دون الإبلاغ في البداية عن وقوع إصابات أو أضرار.
يأتي ذلك في وقتٍ لم تهدأ الغارات الجوية الإسرائيلية، ولم تتوقف المعارك البرّية بين الجيش الإسرائيلي وعناصر حماس، فيما يسود اليأس بين سكان قطاع غزة المحاصر الذين يعانون تداعيات الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول عقب هجوم حركة حماس المباغت.
وحملت صواريخ حماس رسائل إلى الداخل الإسرائيلي، فمع اقتراب الحرب من عتبة الشهر الرابع لا تزال سماء إسرائيل عرضة لهجمات صاروخية ما يعني أن قدرة الفصائل في غزة لم تتأثر بالحرب الدائرة بهدف تقويض قدراتها.
كما لم تنجح العمليات الإسرائيلية المتواصلة في تحرير الرهائن المحتجزين في القطاع، وهو ما يدفع أهالي الرهائن للضغط على الحكومة من أجل قبول صفقة جديدة لتحريرهم.
نتنياهو في موقع الدفاع
ودافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد عن "أخلاقية" الحرب التي تخوضها القوات الإسرائيلية ضد حركة حماس في قطاع غزة رافضا اتهامات جنوب أفريقيا لبلاده أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب "إبادة ضد الشعب الفلسطيني".
وقال نتنياهو لدى بدء اجتماع لحكومته في تل أبيب "سنواصل حربنا الدفاعية التي لا مثيل لعدلها وأخلاقيتها"، مؤكدا أن الجيش الإسرائيلي يتصرف "بأكبر قدر ممكن من الأخلاقيات" في قطاع غزة.
وقال إن الجيش "يبذل كل ما بوسعه لتفادي إصابة مدنيين، فيما تفعل حماس كل ما أمكنها لإلحاق الأذى بهم وتستخدمهم دروعا بشرية".
وأسفر القصف الإسرائيلي على غزة والعمليات البرية في القطاع عن مقتل 21822 شخصا معظمهم نساء وأطفال.
قال نتنياهو إن الحرب في غزة ستستغرق "عدة شهور أخرى" قبل أن تنتهي.
ولا تشير تصريحات نتنياهو إلى أي هدوء محتمل في الحملة العسكرية التي قتلت الآلاف وسوت أغلب القطاع بالأرض بينما أثار تعهده بإعادة سيطرة إسرائيل على حدود القطاع مع مصر شكوكا جديدة بشأن حل الدولتين.
وندد قادة العالم بمن فيهم حلفاء إسرائيل بالقصف العشوائي وسقوط هذا الكم من الضحايا المدنيين في القطاع، ما دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن للتحذير من أن تل أبيب تفقد الدعم الدولي.
تسريح في الجيش
وتأتي التطورات في ظل إصرار نتنياهو أن الحرب ستمتد لأمد طويل، لكن ثمة مؤشرات تفند هذا الأمر، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي عزمه تسريح 5 ألوية قتالية تعمل في غزة، ما يشير على ما يبدو إلى قرب الانتقال إلى المرحلة الثالثة في الحرب على القطاع المستمرة منذ نحو 3 شهور.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه وفقًا لتقييم الوضع وتطور القتال في غزة: قرر جيش الدفاع الإسرائيلي تسريح 5 ألوية قتالية من المناورة البرية في قطاع غزة - بما في ذلك اللواءان 551 و14 احتياط وثلاثة ألوية تدريب.
ويعتقد على نطاق واسع أن القرار محاولة للتخفيف من العبء الاقتصادي للحرب حيث استدعت إسرائيل جنود الاحتياط على نطاق واسع بلغ أكثر من 350 ألف مقاتل، ما ألقى بظلاله على الوضع الاقتصادي.
كما يؤشر القرار على قرب الدخول في المرحلة الثالثة من الحرب التي تركز على العمليات النوعية والقصف الجوي.
وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن الخطوة تعني "قيام الجيش بتخفيض قواته في غزة".
أما موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإخباري الإسرائيلي فقال: "ستعود الألوية المكلفة بتدريب الجنود إلى ممارسة نشاطها المعتاد، بينما سيتم إطلاق سراح جنود الاحتياط للمساعدة في إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي".
المساعدات الإنسانية
وتدرك تل أبيب على ما يبدو أن تعنتها في إدخال المساعدات إلى قطاع غزة يفاقم الضغط الدولي عليها لإنهاء الحرب، وقالت إسرائيل الأحد إنها مستعدة للسماح بإيصال سفن من بعض الدول الغربية للمساعدات بشكل مباشر لسواحل القطاع بعد عمليات تفتيش أمنية في قبرص.
وقالت جيما كونيل، المسؤولة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين نزحوا إلى رفح بلا ممتلكات أو مكان للنوم فيه.
وأضافت "أنا خائفة جدا من أن عدد الوفيات الذي نشهده سيزداد بشكل كبير بسبب هذا الهجوم المتواصل وأيضا بسبب هذه الظروف التي لا تصدق حرفيا".
حثت الولايات المتحدة حليفتها إسرائيل على تخفيف حدة الحرب وعبرت دول أوروبية عن قلقها إزاء نطاق معاناة المدنيين الفلسطينيين.
لكن التصريحات التي أدلى بها نتنياهو تشير إلى أن الحرب لن تشهد أي تخفيف في أي وقت قريب. وقال في حديثه إنه لن يستقيل رغم إظهار استطلاعات للرأي تراجع التأييد لحكومته ودافع عن سجله الأمني رغم هجوم حماس.
وقال "الحرب في أوجها" وإن إسرائيل سيتعين عليها السيطرة بشكل كامل على حدود قطاع غزة مع مصر، وهي منطقة مكتظة الآن بالمدنيين الفارين من القصف العنيف في أنحاء القطاع.
ومثل هذه الخطوة ستمثل بحكم الأمر الواقع تراجعا عن انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، مما يثير تساؤلات جديدة بشأن مستقبل القطاع وآفاق إقامة دولة فلسطينية.
وقالت واشنطن إنه يتعين على إسرائيل السماح لحكومة فلسطينية بالسيطرة على غزة عندما ينتهي الصراع.
وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في مقابلة مع (إيه.بي.سي) "نتبنى وجهة نظر مختلفة تماما هنا فيما يتعلق بالشكل الذي يجب أن تكون عليه غزة بعد الصراع".
وأجج وزير المالية الإسرائيلي المنتمي لليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش المخاوف حيال أهداف إسرائيل من الهجوم بدعوته الأحد الفلسطينيين إلى مغادرة غزة وإفساح المجال أمام الإسرائيليين الذين يمكنهم "تحويل الصحراء إلى أودية مزدهرة".
وتعارض ذلك مع الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية بأن سكان غزة سيكون بإمكانهم العودة إلى منازلهم. واستُبعد سموتريتش وغيره من الوزراء المتشددين في الائتلاف الحاكم من حكومة الحرب، لكنهم يبذلون قصارى جهدهم للمشاركة في القرارات المتعلقة بالصراع.
aXA6IDMuMjMuMTAzLjIxNiA= جزيرة ام اند امز