خطة إسرائيل للسيطرة على «غزة».. إجابات الأسئلة السبعة

من أهداف العملية لمصير السكان ومن سيحكم لاحقا، تثير خطة السيطرة على مدينة غزة أسئلة تحمل في طياتها أبعادا عسكرية وإنسانية وسياسية.
وفجر الجمعة الماضي، وافق المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي (الكابينت) على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتوسيع العمليات العسكرية في القطاع، لتشمل السيطرة على مدينة غزة. في خطوة جاءت خلافا لتوصيات الجيش.
قرار فجّر تساؤلات كثيرة من قبيل:
لماذا تريد إسرائيل السيطرة على مدينة غزة؟
أين يوجد الجيش الإسرائيلي الآن؟
ماذا يعني ذلك بالنسبة للمدنيين؟
كم من الوقت سيستغرق؟
من سيحكم بعد العملية؟
ماذا ستفعل حماس؟
من اعترض على الخطة؟
أولا: لماذا تريد إسرائيل السيطرة على مدينة غزة؟
بالنسبة لهذا السؤال، قال نتنياهو إن توسيع العملية سيضمن أمن إسرائيل، ويطيح بحماس من الحكم، ويتيح استعادة الأسرى.
وبعد الاجتماع، أعلن مكتبه أن المجلس الوزاري تبنّى “خمسة مبادئ لإنهاء الحرب” تشمل: نزع سلاح حماس، إعادة الأسرى، نزع السلاح من غزة، فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع، وإنشاء إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا حماس ولا السلطة الفلسطينية.
لكن الإعلان لم يوضح صراحة أن إسرائيل ستفرض سيطرة كاملة على القطاع، رغم تصريحات سابقة لنتنياهو بهذا المعنى.
ثانيا: أين يتمركز الجيش الإسرائيلي حاليا؟
بعد نحو عامين من الحرب، يقول الجيش الإسرائيلي إنه يسيطر على 75% تقريبا من القطاع.
بينما تشير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 86% من غزة تقع ضمن المنطقة العسكرية الإسرائيلية أو تحت أوامر الإخلاء.
أما الجزء الرئيسي الخارج عن سيطرة الجيش الإسرائيلي، فهو شريط ساحلي يمتد من مدينة غزة شمالا إلى خان يونس جنوبا. وقد تكدّس أكثر من مليوني فلسطيني في غزة في خيام وملاجئ مؤقتة وشقق في تلك المنطقة.
ثالثا: ماذا يعني ذلك للمدنيين؟
بالنسبة للمدنيين في غزة، أثار احتمال تصعيد العملية مخاوف من مقتل المزيد منهم، ومن أن ظروفهم المعيشية، البائسة أصلا، قد تتفاقم.
والأزمة الإنسانية في غزة مدمرة، حيث يعاني الكثير من الناس من انعدام الطعام لأيام متواصلة، وفقا للأمم المتحدة.
وقد نزح العديد من سكان غزة أكثر من مرة منذ بدء الحرب، وقُتل أكثر من 60 ألف شخص، بحسب السلطات الصحية المحلية في القطاع.
وفي هذا الصدد، قال مخلص المصري، 34 عمًا، الذي غادر منزله في شمال غزة ويقيم الآن في خان يونس، حيث قُتل ستة من أقاربه في قصف حديث، لصحيفة "نيويورك تايمز": "إنهم يتحدثون عن احتلال مناطق مكتظة بالسكان. إذا فعلوا ذلك، فسيكون هناك قتلى لا يُحصى عددهم".
رابعا: كم من الوقت سيستغرق الأمر؟
بحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإنه على الأرجح، سيستغرق الأمر أياما أو أسابيع لاستدعاء قوات الاحتياط اللازمة للتقدم نحو مدينة غزة، ولإتاحة الوقت للإجلاء القسري لعشرات الآلاف من الفلسطينيين من مناطق القتال الجديدة.
وإذا قررت الحكومة المضي قدما، يعتقد الجيش أنه قد يسيطر على الأجزاء المتبقية من غزة خلال أشهر.
خامسا: من سيحكم بعد العملية؟
نتنياهو صرّح، يوم الخميس، أن إسرائيل لا تريد سلطة دائمة على غزة. وقال: "لا نريد الاحتفاظ بها. لا نريد حكمها. لا نريد أن نكون هناك كهيئة حاكمة. نريد تسليمها لقوات عربية".
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الدول العربية قد توافق على المشاركة في قوة دولية، ربما تتولى الأمن والإدارة، ربما مع قوات حفظ سلام أجنبية أو متعاقدين. لكنها على الأرجح سترغب في موافقة السلطة الفلسطينية، التي تدير حاليا جزءا من الضفة الغربية وحكمت أجزاء من غزة قبل سيطرة حماس على القطاع منتصف عام 2007.
لكن إصرار مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على استبعاد السلطة الفلسطينية من أي حكومة مدنية، كما هو موضح في إعلانه، قد يزيد من صعوبة ضمان المشاركة الدولية لخطته المثيرة للجدل. وفق الصحيفة.
سادسا: ماذا ستفعل حماس؟
يوم الجمعة، اعتبرت حماس أن "احتلال "مدينة غزة وإجلاء سكانها سيشكل "جريمة حرب جديدة".
وفي بيان لها، حذرت الحركة، إسرائيل "من أن هذه المغامرة ستكلفها ثمنا باهظا". دون أن توضح تفاصيل ردها.
ورغم الخسائر الكبيرة التي لحقت بها، تواصل حماس التجنيد ورفض الاستسلام.
سابعا: من يعارض الخطة؟
كان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، من بين المعارضين لخطة نتنياهو، وفقا لمسؤولين أمنيين إسرائيليين.
وأعرب زامير عن قلقه من أن توسيع نطاق العمليات سيُعرّض حياة الرهائن للخطر، والذين يُعتقد أن حوالي 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة في غزة، وأن ذلك سيزيد من الضغط على الموارد والقوات المستنزفة أصلا، وسيُحمّل الجيش مسؤولية حكم مليوني فلسطيني، وفقا للمسؤولين.
وفي اجتماع لمجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء، قال ميروسلاف جينكا، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لأوروبا وآسيا الوسطى والأمريكيتين، إن توسيع نطاق العمليات العسكرية "سيعرّض حياة ملايين الفلسطينيين للخطر، وقد يعرّض حياة الرهائن المتبقين للخطر".
إقليميا ودوليا، أثارت الخطة الإسرائيلية ردود فعل منددة ومحذرة ومعارضة.
ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الى الوقف الفوري لخطة الحكومة الإسرائيلية "الهادفة إلى السيطرة العسكرية التامة على قطاع غزة المحتل".
كما دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إسرائيل إلى إعادة النظر في الخطة.
أما ألمانيا، فأعلن المستشار فريدريش ميرتس تعليق صادرات الأسلحة التي قد تستخدمها إسرائيل في غزة.
ووصفت بريطانيا على لسان رئيس الوزراء كير ستارمر، خطة إسرائيل "للسيطرة" على مدينة غزة بـ"الخطأ" ودعا حكومة بنيامين نتنياهو إلى "إعادة النظر فورا" بها.
وفي إسبانيا، أدان وزير الخارجية مانويل ألباريس، بشدة، القرار الإسرائيلي، معتبرا أن هذه الخطة "لن تؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والمعاناة".
من جهتها، استدعت بروكسل السفيرة الإسرائيلية على خلفية خطة السيطرة على مدينة غزة. وقال وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو "الهدف واضح وهو التعبير عن رفضنا التام لهذا القرار".
وحضّت تركيا المجتمع الدولي على وقف الخطة الإسرائيلية التي حذرت من أنها ستشكل "ضربة قاسية" للسلام والأمن.
وردود فعل عربية منددة
عربيا، أعربت دولة الإمارات عن إدانتها بأشد العبارات واستنكارها الشديد لقرار الحكومة الإسرائيلية احتلال قطاع غزة، وحذرت من تداعيات هذا القرار الكارثية ووقوع المزيد من الضحايا الأبرياء في القطاع واستفحال المأساة الإنسانية.
وكذلك، نددت السعودية بخطة إسرائيل لـ"احتلال" غزة و"تجويع" سكانها.
وبـ"أشد العبارات" دانت أيضا مصر الخطة الإسرائيلية التي اعتبرت بأن هدفها "ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، ومواصلة حرب الإبادة في غزة، والقضاء على كافة مقومات حياة الشعب الفلسطيني، وتقويض حقه في تقرير مصيره وتجسيد دولته المستقلة وتصفية القضية الفلسطينية".
وجاء في بيان صادر عن الديوان الملكي في الأردن بأن الملك عبدﷲ الثاني شدد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس "على رفض الأردن القاطع وإدانته لهذه الخطوة التي تقوض حل الدولتين وحقوق الشعب الفلسطيني وتهدد الجهود الدولية للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة الإنسانية في غزة".
وأثارت الخطة الإسرائيلية ردود فعل أخرى في دول عربية وغربية.