أولمرت يحذر من «تطهير عرقي» تحت ستار «المدينة الإنسانية» بغزة

بين أنقاض غزة وخطط إسرائيل المستقبلية، تبرز فكرة "المدينة الإنسانية" كمشروع يثير الشكوك أكثر مما يبعث الأمل.
إذ حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت من أن "المدينة الإنسانية" المُخطط لها داخل قطاع غزة، والمخصصة لاستيعاب مئات الآلاف من الفلسطينيين، ستكون بمثابة "معسكر اعتقال"، معتبرا أن إجبار سكان القطاع على دخولها يُعد "تطهيرا عرقيا".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، قد صرح الأسبوع الماضي بأنه وجّه الجيش للمضي قدما في خطط المنطقة، لإيواء 600 ألف شخص في البداية، ثم استيعاب جميع السكان الفلسطينيين في نهاية المطاف.
وستُبنى المنطقة على أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وبمجرد دخول الفلسطينيين إليها، لن يُسمح لهم بمغادرتها. كما تعهد كاتس بتنفيذ خطة لهجرة الفلسطينيين من غزة.
وردا على سؤال حول الخطط التي وضعها كاتس الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، في مقابلة مع صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن "المدينة الإنسانية" ستكون "معسكر اعتقال"
أضاف أولمرت "إنه معسكر اعتقال. أنا آسف. إذا تم ترحيلهم (الفلسطينيين) إلى "المدينة الإنسانية" الجديدة، فيمكن القول إن هذا جزء من تطهير عرقي". مشيرا إلى أن هذا سيكون "التفسير الحتمي" لأي محاولة لإنشاء مخيم لمئات الآلاف من الناس.
وتابع: "عندما يبنون مخيما يخططون فيه لتطهير أكثر من نصف غزة، فإن الفهم الحتمي لاستراتيجية هذه الخطة هو أنها ليست لإنقاذ الفلسطينيين، بل لترحيلهم ودفعهم ورميهم بعيدا. على الأقل ليس لديّ أي فهم آخر".
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق في المقابلة التي طالعتها "العين الإخبارية" في "الغارديان" أن بلاده ترتكب بالفعل "جرائم حرب في غزة والضفة الغربية، وأن بناء هذه المدينة سيمثل تصعيدا".
مكتب نتنياهو يرد على أولمرت
وردا على تعليقات أولمرت، وصفه مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه "مجرم مُدان يسيء إلى سمعة إسرائيل". بحسب ما أوردته "سي إن إن" الأمريكية.
وفي بيان، أوضح مكتب نتنياهو "نُخلي المدنيين. حماس تمنعهم. هل يوصف ذلك بجريمة حرب؟".
وأولمرت، الذي شغل منصب رئيس وزراء إسرائيل من عام ٢٠٠٦ إلى عام ٢٠٠٩، أُطلق سراحه من السجن عام ٢٠١٧ بعد أن قضى ١٦ شهرا بتهم فساد.
وسبق أن انتقد أولمرت سلوك الجيش الإسرائيلي في غزة والقيادة السياسية للبلاد. وفي مايو/أيار الماضي، قال إنه لم يعد قادرا على الدفاع عن إسرائيل ضد اتهامات جرائم الحرب.
وتساءل في مقابلة مع شبكة سي إن إن "ما هي إلا جريمة حرب؟". واعتبر أن نتنياهو وأعضاء اليمين المتطرف في حكومته "يرتكبون أفعالا لا يمكن تفسيرها بأي طريقة أخرى".
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، قُتل أكثر من ٥٨ ألف شخص في القطاع، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية هناك.
أصوات إسرائيلية ضد الخطة
ويحظى مشروع "المدينة الإنسانية" بدعم نتنياهو، ويُعد رفض إسرائيل الانسحاب من المنطقة التي ينوي كاتس إنشاءها نقطة خلاف في المفاوضات المتعثرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وفقا لما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية.
ووصف محامو حقوق الإنسان والباحثون الإسرائيليون الخطة بأنها "نموذج لجرائم ضد الإنسانية"، وحذر بعضهم من أنها إذا نُفذت، "ففي ظل ظروف معينة، قد ترقى إلى جريمة إبادة جماعية".
من جهته، هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد الخطة، واصفا إياها بأنها وسيلة يستخدمها نتنياهو للسماح لحلفائه من اليمين المتطرف بفرض أجنداتهم "الخيالية والمتطرفة" حفاظا على ائتلافه الحكومي.
ودعا في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى "إنهاء الحرب وإعادة الأسرى".
وفي السياق ذاته، صرح المحامي الإسرائيلي والناشط الحقوقي، مايكل سفارد، لشبكة "سي إن إن" بأن الخطة تمثل "نقلا قسريا لسكان بهدف الترحيل"، معتبرا أن كلا الأمرين يشكلان جرائم حرب.
وأضاف: "إذا تم ذلك على نطاق واسع وشمل مجتمعات بأكملها، فقد يُصنّف كجريمة ضد الإنسانية"، رافضا اعتبار أي مغادرة من غزة طوعية في ظل هذه الظروف.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjgg جزيرة ام اند امز