غزة.. جيب فلسطيني دمّرته الحرب
شريط ساحلي يريد دونالد ترامب وضعه تحت «سيطرة» أمريكا، بات مدمرا بالكامل بعد حرب استمرت 15 شهرا بين إسرائيل وحركة حماس.
هذه هي غزة، القطاع الذي تبلغ مساحته 362 كم مربعا، وتحده مصر جنوبا والبحر المتوسط غربا، وإسرائيل شمالا وشرقا.
وهذا الشريط الساحلي الضيّق الممتدّ بطول 41 كلم وعرض يتراوح بين 6 و12 كلم، بعتبر من أكثر مناطق العالم اكتظاظا إذ يقطنه نحو 2,4 مليون فلسطيني، بما نسبته أكثر من 6500 نسمة في كلّ كلم مربّع.
وبعد الحرب العربية-الإسرائيلية عامي 1948 و1949 التي اندلعت بعد إعلان قيام دولة إسرائيل، أصبح قطاع غزة خاضعا لسيطرة مصر، إلى أن احتلّته الدولة العبرية في حرب يونيو/حزيران 1967.
وبموجب اتفاقية أوسلو التي انبثقت منها السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا، أصبح قطاع غزة بنسبة 67% منه تحت سيادة السلطة، بينما أقامت إسرائيل مستوطنات يهودية في المساحة المتبقية.
وفي 12 سبتمبر/أيلول 2005، قامت إسرائيل بانسحاب أحادي لجنودها ومستوطنيها من قطاع غزة.
وفي يونيو/حزيران 2006، فرضت الدولة العبرية حصارا بريا وبحريا وجويا على القطاع عقب أسر جندي اسرائيلي أفرج عنه لاحقا في 2011.
وفي 2007، شدّدت إسرائيل حصارها على القطاع إثر سيطرة حركة حماس بالقوة عليه وطردها عناصر حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إثر مواجهات دامية.
فقر وبطالة
يشكل الشباب غالبية سكان قطاع غزة. فأكثر من 47% منهم دون الـ18 من العمر، في حين أنّ 4,8% فقط تزيد أعمارهم عن 60 عاما، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ويزداد سكان غزة بنسبة 2,7% كل عام، ويصل معدل الخصوبة في القطاع إلى 3,4 أطفال للمرأة.
وكان 75% السكان قبل اندلاع الحرب من سكان المدن.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن نحو 90% من سكان قطاع غزة شرّدوا مرّة على الأقل منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويواجه القطاع أزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها "كارثية"، ولا سيما بعد سنوات من الحصار الإسرائيلي، وكان أكثر من 80% من السكان يعانون من الفقر قبل اندلاع الحرب الأخيرة.
ولا تملك هذه المنطقة الساحلية أي صناعات تقريبا وتعاني من نقص مزمن في المياه والكهرباء والوقود.
حروب متعاقبة
الحرب الأخيرة هي الخامسة التي يشهدها القطاع منذ 2008.
ففي 27 ديسمبر/كانون الأول 2008، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية جوية واسعة، ثم برية، تحت اسم "الرصاص المصبوب"، أسفرت عن مقتل 1440 فلسطينياً معظمهم من المدنيين و13 إسرائيليا.
وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، بدأ تصعيد عسكري عندما قتلت اسرائيل قائد العمليات العسكرية في الجناح المسلح لحركة حماس أحمد الجعبري.
ونفذت إسرائيل عملية أطلقت عليها اسم "عمود السحاب" استمرت 8 أيام وأدت إلى مقتل 174 فلسطينيا وستة إسرائيليين قبل تطبيق هدنة رعتها مصر.
وفي 8 يوليو/تموز 2014، شنت إسرائيل عملية "الجرف الصامد" على غزة بهدف وضع حد لإطلاق الصواريخ وتدمير الأنفاق.
وأسفرت العملية عن مقتل 2251 شخصا في الجانب الفلسطيني معظمهم مدنيون، و74 في الجانب الإسرائيلي، جميعهم تقريباً جنود.
وفي مايو/أيار 2021، ردّت إسرائيل على رشقات من الصواريخ أطلقتها حماس بحملة عسكرية استمرّت 11 يوما تخلّلتها ضربات جوية وقصف مدفعي، ما أوقع 248 قتيلا في غزة، بينهم 66 طفلا، و13 قتيلا من الجانب الإسرائيلي بينهم جندي واحد.
وبعد سنتين، وتحديدا في مايو/أيار 2023، أسفرت 5 أيام من القتال بين إسرائيل والجناح المسلح في حركة «الجهاد» عن 33 قتيلا في قطاع غزة بينهم ستة أطفال وقتيلين في إسرائيل، أحدهما عامل فلسطيني.
وأسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل ستة من قياديي «الجهاد»، ولاحقا توقفت الاشتباكات بهدنة تم التوصل إليها بوساطة مصرية.
وارتفعت حصيلة الحرب الأخيرة إلى 47522 قتيلا على الأقل في القطاع، معظمهم من المدنيين، بحسب بيانات وزارة الصحة التابعة لحماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
واحتُجز 251 شخصا رهائن في هجوم حماس الذي تسبّب بمقتل 1210 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.