4 سيناريوهات لحكم غزة بعد الحرب.. في انتظار كلمة ترامب
منذ اندلاع الحرب في غزة قبل 15 شهرا ظل السؤال الصعب يتعلق بمن يحكم القطاع بعد انقشاع غبار المعارك، وعلى ما يبدو ستكون كلمة الفصل في واشنطن.
ورأى المحلل الفلسطيني هاني المصري أن ثمة سيناريوهات عدة بشأن من يحكم غزة ما بعد الحرب وسيكون الحاسم فيها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
وقال المصري في حديث لـ"العين الإخبارية": "هناك عدة سيناريوهات يحسمها ما يقرره ترامب الذي سيتولى الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية بعد يومين".
ويوم الإثنين المقبل تجري في العاصمة الأمريكية واشنطن مراسم تنصيب ترامب ليبدأ مدته الرئاسية الثانية والأخيرة.
وأضاف "من السابق لأوانه تحديد ما يقرره ترامب لأنه لم يتحدث عن رؤيته لغزة ما بعد الحرب، واكتفى حتى الآن بالإشارة إلى أنه يريد وقف إطلاق النار (قبل تسلمه السلطة)، وهو ما تم فعلا من خلال الضغط الذي مارسه على الأطراف تحديدا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
وبموجب الاتفاق الذي يدخل حيز التنفيذ صباح غد الأحد فإن وقف إطلاق النار سيتحول من خلال 3 مراحل إلى وقف إطلاق نار مستدام.
وينص الاتفاق على انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وصولا إلى انسحاب كامل مع نهاية الاتفاق الذي سيتم بموجه إطلاق الرهائن الإسرائيليين على 3 مراحل ضمن دفعات عديدة.
وتحسم المفاوضات التي ستبدأ بعد 17 يوما حول بنود المرحلة الثانية من الاتفاق مصير الحرب برمتها، ففي حين لا تستبعد إسرائيل العودة إلى القتال حال فشل هذه المفاوضات فإن الأطراف الدولية تبدو مطمئنة بأن لا رجعة للحرب.
ولكن مع بدء الانسحاب التدريجي للجيش الإسرائيلي من غزة بدءا من يوم غد الأحد ووقف إطلاق النار وبدء دخول المساعدات الإنسانية بكميات غير مسبوقة منذ بداية الحرب إلى القطاع، فإنه عمليا لا يوجد جهة رسمية فاعلة على الأرض.
وأعلنت وزارة الداخلية والأمن الوطني التابعة لحركة حماس في غزة، السبت، أن أجهزتها "ستبدأ الانتشار في محافظات قطاع غزة كافة، والقيام بالواجب المقدس في خدمة أبناء شعبنا فور دخول اتفاق وقف حرب الإبادة حيز التنفيذ".
وأهابت في بيان بالمواطنين جميعاً "المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، والابتعاد عن أية تصرفات قد تشكل خطراً على حياتهم، وإلى التعاون مع ضباط وعناصر الأجهزة الشرطية والأمنية والخدماتية، حرصاً على أمنهم وسلامتهم".
وبالمقابل أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اتصال هاتفي، السبت، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "الموقف الفلسطيني بضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري والانسحاب الإسرائيلي الكامل منه، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها الكاملة في القطاع، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة".
وأكد عباس "جاهزية الحكومة وأجهزتها المدنية والأمنية (لإدارة القطاع) واستلام المعابر، لتولي مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة للتخفيف من معاناة شعبنا، وعودة النازحين إلى منازلهم وأماكن سكناهم، وإعادة الخدمات الأساسية من مياه، وكهرباء، وإعادة الإعمار".
وأشار الرئيس الفلسطيني إلى "أهمية الإسراع في إدخال المساعدات الإغاثية من قبل المنظمات الدولية بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية".
ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن مرارا أنه لن يقبل حماس أو عباس في غزة ما بعد الحرب.
ويشير المصري إن ثمة 4 سيناريوهات لمن سيحكم غزة ما بعد الحرب:
عودة السلطة
وقال إن السيناريو الأول هو عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة كما كان عليه الوضع ما قبل منتصف عام 2007 حينما سيطرت حماس بالقوة إلى غزة.
وأشار في هذا السياق إلى أن السلطة الفلسطينية أعلنت مرارا جاهزيتها الكاملة لتولي زمام الأمور في غزة من جميع النواحي ودون شراكة مع حركة حماس.
ولكنه لفت إلى أن هذا يتطلب دعما دوليا وعربيا، خاصة في مسألة إعادة إعمار قطاع غزة التي ستستغرق سنوات طويلة وتتطلب أموالا هائلة.
حماس
وأضاف أن السيناريو الثاني هو أن تعيد حركة حماس تنظيف صفوفها في قطاع غزة واستغلال وضع من أجل إعادة فرض حكمها.
وذكر في هذا السياق أن حماس تضررت بشكل كبير جدا في عتادها العسكري وأيضا فقدت أعدادا كبيرة من قادتها ومع ذلك فإن قوتها البشرية موجودة.
ولكنه لفت إلى أنه من المؤكد فإن العالم لن يقبل التعاون مع حركة حماس، وهو ما تدركه الحركة جيدا.
ومع ذلك أشار إلى أن إسرائيل قد تفضل حماس ضعيفة في غزة على سلطة فلسطينية قوية فيها، تعمل على توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة باعتبارها دولة فلسطينية.
شركاء دوليون
وتابع المصري أن السيناريو الثالث هو ما تطرحه إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، الذي قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنه سيطرحه على إدارة ترامب.
وكان بلينكن قال في كلمة في "المجلس الأطلسي" قبل أيام "نحن نعتقد أنه على السلطة الفلسطينية دعوة شركاء دوليين للمساعدة في إنشاء وتسيير إدارة مؤقتة تتولى القطاعات المدنية الرئيسية في غزة مثل الخدمات المصرفية والمياه والطاقة والصحة والتنسيق المدني مع إسرائيل، ويوفر المجتمع الدولي التمويل والدعم الفني والإشراف".
وأضاف "وتضم الإدارة المؤقتة فلسطينيين من غزة وممثلين عن السلطة الفلسطينية يتم اختيارهم بعد مشاورات هادفة مع المجتمعات المحلية في غزة، كما أنها ستقوم بتسليم المسؤولية كاملة إلى السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها بالكامل ومتى يصبح ذلك ممكنا".
وتابع "ويعمل أعضاء الإدارة المؤقتة بتعاون وثيق مع مسؤول رفيع في الأمم المتحدة يتولى الإشراف على الجهود الدولية لإرساء الاستقرار والتعافي".
وأشار بلينكن إلى أنه "يتم تشكيل بعثة أمنية مؤقتة تضم قوات أمن تابعة لدول شريكة وموظفين فلسطينيين بعد التدقيق في خلفياتهم، وتشمل مسؤولياتها خلق بيئة آمنة للجهود الإنسانية وجهود إعادة الإعمار وضمان أمن الحدود، وهي بيئة فائقة الأهمية لمنع التهريب الذي قد يتيح لحماس إعادة بناء قدراتها العسكرية. وسنطرح مبادرة جديدة لتدريب قوة أمنية بقيادة السلطة الفلسطينية في غزة وتجهيزها والتدقيق في خلفيتها، بغرض التركيز على القانون والنظام وتولي المهمة الأمنية المؤقتة تدريجيا، وسيتم تضمين هذه الترتيبات في قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي".
المقترح المصري
وبحسب المصري فإن السيناريو الرابع هو تنفيذ الاقتراح المصري بتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة مؤقتا.
وينص الاقتراح، الذي قبلته حركة حماس وتتحفظ عليه السلطة الفلسطينية، على تشكيل "لجنة تقوم على إدارة شؤون قطاع غزة وتكون مرجعيتها الحكومة الفلسطينية ومسؤولة عن كافة المجالات صحية، واقتصادية، وتعليمية، وزراعية، ومرافق خدمية وحيوية، بما يشمل أعمال الإغاثة ومعالجة آثار الحرب والإعمار، وتتشكل بالتوافق الوطني".
كما ينص على أنه "يصدر رئيس دولة فلسطين مرسوماً بتعيين هذه اللجنة، وتمارس مهامها وفق الأنظمة والقوانين المعمول بها في أراضي الدولة الفلسطينية".
وبموجبه فإنه "يراعى في تشكيل اللجنة اختيار عناصر وطنية فلسطينية مهنية من المستقلين الكفاءات لتنفيذ مهامه".
و"تتشكل اللجنة من 10-15 عضواً من الشخصيات الوطنية ذات الكفاءات والمشهود لها بالنزاهة والخبرة والشفافية".
ولفت المصري إلى أن الأمور ستعتمد إلى حد كبير على ما يوافق عليه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
وقال "قد يعتمد ترامب الاقتراح الذي أعدته إدارة بايدن وقد يرفضه أيضا أو يطوره أو يقدم اقتراحه الخاص".
وأضاف "أيضا قد يدعو ترامب إلى عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة في إطار حل سياسي واسع النطاق قد يطرحه للسلام في المنطقة".
وتابع "إذا ما كان ترامب يفكر بخطة سلام واسعة النطاق في المنطقة فإن الأوفر حظا ليكون طرفا فيها هي السلطة الفلسطينية".
واستدرك "لا نستطيع أن نحسم ما يريده ترامب لأنه لم يتحدث عن هذا الأمر وإن كان قد فاجأنا بنجاحه في تحقيق وقف إطلاق النار من خلال الضغط على الأطراف خاصة إسرائيل".
ورأى المصري أنه يتعين متابعة نتائج المفاوضات التي ستبدأ في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى من الاتفاق حول تفاصيل المرحلة الثانية.
وقال "ما زالت هناك مخاوف من أن يعيد نتنياهو تفجير الأمور ويعود للحرب بداعي عدم نجاح المفاوضات، وقد لوح بهذا الاحتمال أكثر من مرة بما في ذلك أمس عندما كانت حكومته تبحث إقرار الاتفاق".