هدنة غزة.. حسابات المكسب والخسارة سياسيا وعسكريا
بعد 47 يوما من حرب دامية، تتنسم غزة هدنة إنسانية، ورغم أهميتها فإنها لم تخل من مكاسب وخسائر سواء على طرفي الصراع أو الأطراف القريبة من الأزمة.
ووفق المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري لـ"العين الإخبارية"، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يأتي ضمن قائمة الخاسرين من إتمام الهدنة بعدما تراجع عن موقفه برفض وقف إطلاق نار وإصراره على عودة المحتجزين عبر العمليات العسكرية، رغم تأكيده أن وقف إطلاق النار لا يعني وقف الحرب.
وأكد أن ثمة حسابات أخرى في إسرائيل، فهناك مخاوف من كون امتداد وقف إطلاق النار لفترات طويلة سيفقد إسرائيل الدعم الغربي لمواصلة الحرب.
كما يأتي على رأس الخاسرين أيضا السلطة الفلسطينية التي لم تحصل على شيء فلم تلعب دورا في إتمام الصفقة، وسيسجل الإفراج عن الأسيرات والأطفال لصالح حركة "حماس" والفصائل الأخرى في غزة، وفق المصدر ذاته.
أما الرئيس الأمريكي جو بايدن فإن الهدنة تمثل بالنسبة له حائط صد أمام الانتقادات الداخلية الواسعة، حيث سيبدو أمام الشارع الأمريكي بأنه سعى لهدنة إنسانية في غزة وحصل عليها كما أعاد إسرائيليين يحملون الجنسية الأمريكية، وهو ما قد يخفف من وطأة ضغوط الشباب في الحزب الديمقراطي ضد موقفه المساند بالمطلق لإسرائيل في الحرب.
كما تعزز الصفقة مكانة مصر كلاعب رئيسي في المنطقة، ضغط من أجل وقف إطلاق نار في غزة ونجح في ذلك، ويضاف إلى رصيدها السابق خلال جولات الصراع السابقة التي ساهمت في إنهاء غالبيتها، ووقف إطلاق النار.
ووفق المحلل السياسي الفلسطيني فإن "إسرائيل قالت إنها ستخرج أسراها من غزة بالقوة والضغط العسكري ورفضت حتى مبدأ المفاوضات، والآن وافقت إسرائيل على وقف إطلاق نار لمدة 4 أيام، مع أنها كانت تصر على ألا يزيد على يوم واحد ووافقت على الإفراج عن أسرى من سجونها حتى وافقت على وقف تحليق الطائرات خلال وقف إطلاق نار".
وأضاف: "وبصراحة هذا كله يصب في صالح الفصائل الفلسطينية في غزة، وقد كان الإسرائيليون يقولون إنهم يريدون القضاء على حماس، ولكنهم الآن يتفاوضون معها وإن كان من خلال وسطاء ويبدون الاستعداد للتوصل إلى اتفاقيات إضافية معها لتبادل الأسرى".
واعتبر أن "نقطة الضعف الكبيرة في الاتفاق هو عدم السماح للفلسطينيين في جنوبي قطاع غزة بالعودة إلى منزلهم في شمالي قطاع غزة".
واستدرك: "الاتفاق يعطي للفصائل الفلسطينية فرصة لترتيب صفوفها والتقاط الأنفاس وقوة دفع لهدن جديدة باتجاه وقف الحرب".
وأشار إلى أن "نتنياهو يبدو خاسرا، لأنه تراجع عن موقفه برفض وقف إطلاق نار وعدم الإفراج عن أسرى من السجون الإسرائيلية وإصراره على أن عودة الرهائن الإسرائيليين تكون من خلال الضغط العسكري".
لكن المصري أشار إلى أن "عودة جزء من الأسرى الإسرائيليين من غزة وليس جميعهم سيعني تصعيد ضغط العائلات الإسرائيلية على نتنياهو لإبرام المزيد من اتفاقيات التبادل وسريعا قبل أن يمس الضرر الإسرائيليين في غزة".
ومن جهة ثانية، فقد أشار المحلل الفلسطيني إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يحقق بعض المكاسب، ولكنها لا تكفيه في الدعاية الانتخابية لولاية رئاسية ثانية.
وأضاف: "تصوير نفسه بأنه من ضغط باتجاه وقف إطلاق النار وأنه أعاد إسرائيليين يحملون الجنسية الأمريكية يساعده نوعا ما، ولكن الموضوع أكبر من هذا، فما يجري من احتجاجات في الولايات المتحدة هو إزاء السياسة الأمريكية بشأن الحرب".
وأضاف: "الموضوع أصبح أكبر من موضوع الأمريكيين المختطفين، ولكن الآن ما يجري من جرائم في غزة، فأعتقد أن إعادة أمريكيين لن تكفي بايدن لكسب الشارع الأمريكي، فهو بحاجة إلى ما لا يقل عن وقف الحرب بشكل كامل حتى يستعيد شعبيته".
ومن جهة أخرى، فقد اعتبر أن "السلطة الفلسطينية إنما فقط تخسر".
وأضاف: "السلطة الفلسطينية هي في وضع انتظار للعودة إلى غزة، ولكن هذا أفقدها شعبية في الشارع الفلسطيني، لأنها في نظره لا تقوم بأي خطوات تتناسب مع حجم الحدث بما في ذلك أنها لم تسحب حتى اعترافها بإسرائيل".
وعسكريا فإنها فرصة للجانبين لإعادة الانتشار وترتيب الأوراق لحرب قالت إسرائيل إنها قد تستمر طويلا بعدما حددت هدفا واضحا وهو "القضاء" على حماس.
aXA6IDMuMTQ3LjcxLjE3NSA= جزيرة ام اند امز