«حرب غزة» تدخل مرحلة جديدة.. سيناريوهات ومعضلات
مع تحول إسرائيل من النهج الجوي فقط إلى «الاجتياح» البري، دخلت الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس «مرحلة جديدة»، متخمة بالتحديات والمعضلات.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال، يوم السبت، إن إسرائيل دخلت «مرحلة جديدة في الحرب» ضد حركة حماس في غزة، وقد أرسل الجيش الإسرائيلي الدبابات وقوات برية أخرى إلى غزة وأبقاها هناك في حين واصل هجماته المدفعية المكثفة والقصف الجوي، لكنه أوقف حتى الآن غزواً برياً شاملاً.
وليس من الواضح ما إذا كان سيكون هناك يوم «إنزال» رسمي لمثل هذه العملية، لكن إسرائيل تعمل بشكل مطرد على زيادة عملياتها البرية داخل غزة، وتشن غارات على القطاع وتقطع الاتصالات هناك.
فما سيناريوهات المرحلة الجديدة؟
تقول صحيفة «فورين بوليسي» الأمريكية، في تقرير لها، إن إسرائيل باتت تواجه العديد من التحديات والمزيد من المعضلات، التي ينطوي بعضها على مخاطر على القوات الإسرائيلية بينما يتعلق البعض الآخر بأهداف استراتيجية أوسع، مشيرة إلى أن هذه التحديات قد تكون سبباً في تأخير غزو واسع النطاق لغزة، وقد تدفع القادة الإسرائيليين إلى الحد من نطاق وحجم العمليات العسكرية بطرق أخرى أيضاً.
التحدي الأول -حسب الصحيفة الأمريكية- هو طبيعة القتال ذاتها، مشيرة إلى قطاع غزة المكتظ بالسكان، حيث يبلغ عدد سكانه لكل ميل مربع ما يماثل سكان لندن، ففي شوارعه (غزة) الضيقة والمباني المكتظة يفقد الجيش الإسرائيلي العديد من المزايا التي يتمتع بها في السرعة والاتصالات والمراقبة وقوة النيران بعيدة المدى.
وأمام هذا الوضع «سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى تفكيك قواته، التي ستصبح بعد ذلك عرضة لمقاتلي حركة مسلحي حماس»، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن الأنقاض التي خلفها القصف الإسرائيلي توفر فرصا لمجموعات صغيرة من مقاتلي حماس لإيجاد غطاء ضد القوات الإسرائيلية، وإقامة مواقع للقناصة، وزرع الأفخاخ المتفجرة.
سيناريو العراق
وأشارت إلى أنه بينما وجد الجيش الأمريكي أن العمليات في الفلوجة بالعراق صعبة ومدمرة للغاية، فمن المرجح أن تكون غزة أصعب، فخلافاً للمتمردين العراقيين الذين كانت الولايات المتحدة تقاتلهم في الفلوجة عام 2004، والذين سيطروا مؤخراً على المدينة، فقد سيطرت حماس على غزة منذ عام 2007 وقاتلت إسرائيل هناك عدة مرات منذ ذلك الحين، ما يعني أنها استعدت منذ فترة طويلة لأي اجتياح إسرائيلي.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن حركة حماس بنت شبكة أنفاق واسعة، يُعتقد أنها أكبر من مترو أنفاق لندن، ويمكنها استخدامها لإخفاء الإمدادات والقادة، وكذلك لضمان التواصل أثناء الصراع، محذرة من القتال في الأنفاق أشبه بـ«الكابوس».
وكان الرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية الجنرال جوزيف فوتيل حذر إسرائيل، قائلاً: «قد يستخدم مقاتلو حماس الأنفاق للظهور خلف القوات الإسرائيلية، أو نصب كمين لهم أو حتى أسر المزيد من الرهائن. وقد حاولت إسرائيل قصف هذه الأنفاق، لكن من الصعب العثور عليها وتدميرها من الجو».
و«تسعى إسرائيل إلى تدمير حركة حماس، ما يعني عملياً قتل قادتها، إلا أنه مع ذلك فقد ثبت أنه من الصعب العثور عليهم، تقول الصحيفة الأمريكية»، مشيرة إلى أن مقاتلي الحركة يمكنهم الاختباء في الأنفاق والاندماج مع السكان المدنيين، وسوف يختار البعض القتال.
عملية بطيئة؟
ورغم أن «إسرائيل نجحت في الماضي في استهداف حماس وزعماء آخرين، لكن هذه كانت عملية بطيئة»، تقول «فورين بوليسي»، مشيرة إلى أنه «حتى إذا تمكنت إسرائيل من السيطرة على شمال غزة فإن ذلك يعني أنها لن تسيطر على أجزاء كبيرة من القطاع، مما يسمح لقادة حماس بالاختباء هناك، علاوة على ذلك فإن العديد من كبار القادة السياسيين في حماس لا يعيشون في غزة على الإطلاق، بل يقضون أيامهم في أماكن أكثر أمانا».
إلا أن ما يجعل الأمر «أكثر صعوبة هو احتجاز أكثر من 200 رهينة لدى حماس، مما سيؤدي إلى تعقيد القتال: فالمبنى الذي يختبئ فيه قادة حماس قد يكون فيه رهائن، وكذلك النفق الذي يتم فيه الاحتفاظ بإمدادات حماس»، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن إرسال قوات لمهاجمة هذه المواقع، ناهيك عن تفجيرها، قد يؤدي إلى مقتل الرهائن.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه يتعين على إسرائيل أيضاً أن تأخذ في الاعتبار التكلفة المدنية في غزة؛ فعملياتها هناك أدت إلى مقتل أكثر من 7 آلاف فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية، محذرة من أن «العمليات البرية قد تكون أكثر دموية بكثير».
غضب دولي
وفي الماضي، أدى الغضب الدولي إزاء الخسائر في صفوف المدنيين إلى دفع إسرائيل في نهاية المطاف إلى وقف عملياتها، تقول فورين بوليسي، مشيرة إلى أنه من شأن هذا القلق أن يعقد القتال بينما تحاول إسرائيل الموازنة بين الخسائر في صفوف المدنيين والمخاطر التي تتعرض لها قواتها، فضلاً عن احتمال قيام حماس بخلط المقاتلين والأصول العسكرية بين السكان المدنيين.
وعلى الرغم من أن «مصالح إسرائيل الاستراتيجية ورغبة قادتها في تهدئة الرأي العام المصدوم والغاضب ستشكل العوامل الأساسية التي تحدد العمليات العسكرية، إلا أنه يتعين على القادة الإسرائيليين أيضاً أن يهتموا بالرأي الدولي، خاصة الرأي العام الأمريكي»، حسب الصحيفة الأمريكية.
توسع الحرب
تحد جديد يواجه إسرائيل، يتمثل في المخاوف من توسع الحرب ليشارك فيها حزب الله وغيره من الجماعات المدعومة من إيران، مما يشكل تهديدا خطيرا لإسرائيل، ويزيد من خطر الإرهاب الدولي، حسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن الدولة العبرية ستواجه تحديات أكثر جوهرية عندما تسعى إلى إنهاء عملياتها العسكرية.
وأشارت إلى أن خطر وقوع المزيد من الضحايا الإسرائيليين والمخاوف الأخرى ربما يدفع البعض في الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك رئيس الوزراء نفسه، إلى التصرف بحذر، مؤكدة أن النتيجة النهائية قد تتضمن بعض العمليات البرية، لكن من المرجح أن تكون نهجًا أكثر حذرًا بشكل عام من الغزو الشامل والاحتلال طويل الأمد، الذي بدا مرجحًا في أعقاب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول مباشرة.
aXA6IDE4LjIyMi41Ni4yNTEg جزيرة ام اند امز