الفرصة الأخيرة.. ما الذي يجب على بايدن فعله لمساعدة غزة؟
وسط انتقادات لانحياز واشنطن إلى جانب إسرائيل في الحرب على غزة إلا أنه لا يزال أمام الرئيس الأمريكي جو بايدن فرصة أخيرة للقيام بالشيء الصحيح فيما يتعلق بدعم القطاع قبل مغادرته للبيت الأبيض.
في 13 أكتوبر/تشرين الأول، أرسل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن رسالة غير عادية إلى نظيريهما في إسرائيل كشفت عن عرقلة تل أبيب للمساعدات الإنسانية في غزة وطالبت الحكومة باتخاذ خطوات ملموسة لتخفيف الأزمة في غضون 30 يومًا أو المخاطرة بفقدان المساعدات العسكرية الأمريكية.
ومع انتهاء المهلة كان الكثير قد تغير منذ إرسال الرسالة ففي الولايات المتحدة فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية وأقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير دفاعه يوآف غالانت وأقر البرلمان الإسرائيلي قانونين لوقف العمل الأساسي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة والضفة الغربية.
ومع ذلك فهناك أمور لم تتغير مثل استمرار الحكومة الإسرائيلية بـ"شكل تعسفي في عرقلة وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى الفلسطينيين المحتاجين بشدة" إضافة إلى استمرارها في "استخدام الأسلحة الأمريكية للتسبب في الموت والدمار العشوائي في جميع أنحاء غزة"، وفقا لما ذكرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
لكن الأسابيع الأخيرة من ولاية بايدن أتاحت له فرصة فريدة لتصحيح ذلك وبدلاً من الاستمرار في الدفاع عن تنفيذ إسرائيل للحرب، ينبغي لإدارته أن تعترف بالحقائق ببساطة حيث إن "إسرائيل تواصل منع المساعدات الإنسانية، وبالتالي، لا يمكنها وفقاً للقانون الأمريكي، تلقي الأسلحة الأمريكية".
وعلى الرغم من ادعائها المتكرر بأنها لا تخالف القانون الأمريكي فإن السلطات الإسرائيلية أعاقت كل جانب من جوانب المهمة الإنسانية المعقدة في غزة منذ بدء الحرب قبل أكثر من عام.
ووثق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية علامات واضحة على هذه العرقلة مثل الشاحنات العالقة على الحدود ونقاط العبور والموانئ المحدودة وأوقات التشغيل المقيدة والتأخير في الحصول على التصاريح لسائقي الشاحنات والموظفين الطبيين وعمال الإغاثة.
بالإضافة إلى مجموعة مربكة من العوائق البيروقراطية، مثل القائمة التي تتغير باستمرار وتضم العناصر التي تعتبرها إسرائيل أسلحة محتملة وتتراوح من المصابيح الكهربائية إلى المقصات الجراحية.
وفي الوقت نفسه، تم تهجير سكان غزة بالكامل تقريباً وانخفض كل مؤشر قابل للقياس للصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والمأوى والحماية والوصول إلى المساعدات إلى ما دون ما نراه عادة في الصراعات.
وأصبحت المنظمات الإنسانية الآن "تحت رحمة النظام الإسرائيلي العشوائي الذي يفرض عليها إخطار الجيش الإسرائيلي بمواقعها لتجنب استهدافها في عملية عسكرية ومع ذلك قُتل أكثر من 300 عامل إغاثة وهو أعلى رقم مسجل على الإطلاق في أزمة واحدة".
وأمس الأول، أصدرت 8 منظمات إنسانية تعمل في غزة تقييما لمدى امتثال إسرائيل للتغييرات المطلوبة في الرسالة الأمريكية الصادرة في 13 أكتوبر/تشرين الأول.
وخلص التقييم إلى أن إسرائيل لم تفشل فقط في تلبية كل المتطلبات الواردة في الرسالة تقريباً، بل اتخذت أيضاً إجراءات إضافية أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني بشكل كبير، خاصة في شمال غزة.
فمثلا فيما يتعلق بعدد الشاحنات المسموح لها بدخول غزة فقد اشترطت الرسالة الأمريكية أن تسمح إسرائيل بدخول 350 شاحنة كحد أدنى إلى غزة يومياً لكن التقييم وجد أنه خلال الثلاثين يوماً لم يدخل سوى 42 شاحنة في المتوسط كل يوم وفي بعض الأيام انخفض العدد إلى 6 شاحنات فقط.
ونتيجة لهذا، فقد أصبحت الظروف في غزة اليوم أسوأ مما كانت عليه عندما أرسل بلينكن وأوستن رسالتيهما ففي الأيام الثلاثين الماضية، قُتل حوالي 1400 شخص هناك، ليرتفع عدد القتلى في القطاع إلى أكثر من 43600.
والأسبوع الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي أن المدنيين النازحين في شمال غزة الذي يتم تدميره وإخلاء سكانه في ظل ظروف وصفها كبار مسؤولي الأمم المتحدة مؤخرًا بأنها "مروعة"، لن يُسمح لهم بالعودة إلى منازلهم، في تجاهل صارخ للقانون الإنساني الدولي.
كما أصدرت مجموعة دولية من خبراء الأمن الغذائي في 8 نوفمبر/تشرين الثاني تحذيرا مفاده أن قطاع غزة بأكمله يواجه انعداما حادا في الأمن الغذائي وأن هناك "احتمالا قويا بأن المجاعة وشيكة" بالنسبة لما يقدر بنحو 75 ألفا إلى 90 ألف شخص عالقين في شمال غزة.
منذ بداية الصراع، حصلت وزارة الخارجية الأمريكية على جميع المعلومات التي تحتاجها لتحديد ما إذا كانت إسرائيل تعرقل المساعدات الإنسانية ومع ذلك اختارت إعطاء الأولوية للدعم غير المشروط لإسرائيل على القانون الأمريكي.
وفي مايو/أيار الماضي، قدمت وزارتا الخارجية والدفاع تقريرا إلى الكونغرس خلص إلى أن إسرائيل لم تكن تمنع المساعدات الإنسانية وذلك على الرغم من التقارير المختلفة الصادرة على مدار أشهر من منظمات الإغاثة والخبراء في مكتب اللاجئين التابع لوزارة الخارجية ووكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية.
والآن وفي الأسابيع الأخيرة قبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب فإن إدارة بايدن تتمتع بالفرصة الأخيرة للقيام بالشيء الصحيح حيث إن المهمة واضحة وهي النظر في الحقائق واتخاذ قرار صادق حول "ما إذا كانت تصرفات الحكومة الإسرائيلية قد ساعدت أو أضرت بسكان غزة"، وفق المجلة.
وأكدت أن "وقف تسليم الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل الآن قد يكون مثار سخرية حيث يُنظَر إليه باعتباره خطوة غير ذات أهمية يمكن للإدارة المقبلة أن تتراجع عنها ومع ذلك فإن هذا القرار سيمثل عودة شجاعة إلى القانون الأمريكي والمبادئ الإنسانية، مهما كانت قصيرة الأمد".
aXA6IDMuMTQ3LjIwNS4xNjAg جزيرة ام اند امز