أحياء ورفات.. الجنود الرهائن «معضلة» إسرائيل
مسألة شائكة وحساسة يشكلها الجنود الإسرائيليون الرهائن لدى حركة حماس، في دولة لكل عائلة فيها تقريبا فردا يخدم بالجيش.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، احتجز مقاتلو حماس 240 رهينة بينهم جنود اقتادوهم إلى قطاع غزة، خلال هجومهم المباغت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص.
وتم حتى الآن إطلاق سراح عشرات الرهائن المدنيين مقابل الإفراج عن ثلاثة أضعاف هذا العدد من المعتقلين الفلسطينيين، بموجب اتفاق الهدنة السارية منذ الجمعة، غير أن الجنود يطرحون صعوبة خاصة في المفاوضات الجارية بشأن عمليات التبادل.
وأكد ديفيد خلفة، المدير المشارك لمرصد شمال أفريقيا والشرق الأوسط التابع لمؤسسة جان جوريس في باريس، أنه في الدولة العبرية "كل عائلة لديها أخ وأخت وابن عم في الخدمة العسكرية".
وقال خلفة لوكالة فرنس برس، إن "إسرائيل قامت وسط صخب الحرب ولعب الجيش دورا حاسما في إنشاء الدولة وحماية أراضيها"، مشيرا إلى وجود "رابط يكاد يتعذّر قطعه بين المجتمع المدني الإسرائيلي والدولة والجيش، مع تقارب أخلاقي وعاطفي كبير للغاية".
وبحسب أرقام "فرانس برس" في غياب بيانات رسمية دقيقة، فإن من بين المخطوفين ما لا يقل عن 11 جنديا بينهم أربع نساء، فضلا عن حوالي 40 رجلا في سن الانتساب إلى قوات الاحتياط.
ورقة مساومة
تبادل الجنود الأسرى أمر ليس بجديد؛ ففي 2004، قامت إسرائيل بإطلاق سراح نحو 450 أسيرا مقابل رجل أعمال إسرائيلي وجثث ثلاثة جنود.
وفي عام 2011، تم إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط بعد احتجازه لخمس سنوات في قطاع غزة مقابل 1027 أسيرًا فلسطينيًا.
ومن بين المفرج عنهم في صفقة شاليط، زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار الذي تعتبره إسرائيل مهندس هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكان شاليط أول جندي إسرائيلي تمت إعادته على قيد الحياة منذ ثلاثة عقود تقريبا، لكن قضيته أثارت جدلا ما زال قائما حتى اليوم حول التنازلات المقبولة لإطلاق سراح الجنود.
لكن مع هجوم حركة حماس الذي أظهر بحسب مراقبين، «فشلا» من جانب سلطات إسرائيل وجيشها واستخباراتها، تبدلت المعادلة في البلد الذي يستمد شرعيته بنظر شعبه من قدرته على ضمان أمنهم.
وبالنسبة لحماس وحركة الجهاد الإسلامي التي تحتجز رهائن أيضا، فإن احتجاز الجنود ورهائن من الذكور يمثل ورقة مساومة قوية للغاية، لا سيما أن الحركتين تعتبران أن كل رجل إسرائيلي بالغ من جنود الاحتياط وبالتالي جندي.
جميع الأسرى
أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الرهائن لديها مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية الذين يقارب عددهم 7 آلاف، وبينهم من تعتبر إسرائيل أن "أيديهم ملطخة بالدماء".
وقال آفي ميلاميد، ضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق، إن هذا تنازلا "لا يمكن لأي حكومة إسرائيلية أن تقبل به على الإطلاق".
وأضاف متحدثا لوكالة فرانس برس، أن إسرائيل "تمتلك هذه المرة ورقة رئيسية في لعبتها، هي جنودها ودباباتها" المنتشرة في غزة.
وأشار ديفيد خلفة إلى أن "الاستخبارات تقوم باستجواب (..) المقاتلين (الفلسطينيين المعتقلين)، وأحياناً في الميدان، لمحاولة تحديد مكان الرهائن"، مضيفا "قد يشنون هجمات بواسطة قوات خاصة".
ضغط الرأي العام
تبقى أيضا قضية الجنود الذين تم أسرهم وقتلوا بعدها، ويتصاعد الضغط أيضا لاستعادة رفاتهم ودفنها بمراسم خاصة.
ورأى ميلاميد أن "الاحتفاظ (..) بجثث الجنود أمر سادي"، لكن سيواجه المعسكران صعوبة في الاتفاق على قيمتها.
وبحسب ميلاميد، فإن إسرائيل "لن تدخر جهدا في سعيها لإعادة الرهائن، سواء الأحياء أو جثث الموتى، إلى إسرائيل".
وتتعهد إسرائيل دائما القيام بكل ما بوسعها لاستعادة رفات جنودها الذين يقتلون في الخدمة.
وتدرك حركة حماس التي تسيطر على غزة أهمية هذه المسألة، وأقامت في القطاع تمثالا تظهر فيه لوحة تعريف الجندي أورون شاؤول الذي قُتل عام 2014، وما زالت الحركة تحتفظ برفاته وبرفات جندي آخر.
وأعلن الجيش الإسرائيلي رسميا في الأيام الأخيرة وفاة ثلاثة من جنوده، نقلت حركة حماس رفاتهم إلى قطاع غزة.
ورأت الخبيرة المستقلة إيفا كولوريوتيس أن ضغط الشارع الإسرائيلي سيتصاعد أيضا لإعادة الجثث من غزة، مشيرة إلى "أهمية دفن الجثث بشكل لائق وفقا للطقوس".
ولفتت إلى أن "الحكومة ترى أيضا أن لديها واجبا تجاه المواطن الإسرائيلي، سواء كان حيا أو ميتا".
aXA6IDMuMTQ0LjkwLjIzNiA= جزيرة ام اند امز