حسابات وسيناريوهات.. متى تنتهي حرب غزة؟
لا شيء يحتاجه سكان غزة أكثر من وقف الحرب المدمرة لكن بين ثنايا الآمال تسكن حسابات معقدة تفتح النزاع على سيناريوهات عديدة لا تقل تعقيدا.
فإذا ما كان وقف الحرب على غزة سيعني حل الحكومة الإسرائيلية الحالية والذهاب إلى انتخابات مبكرة، فيمكن الافتراض بأن الحرب ستدوم طويلا.
وبحسب خبيرين فلسطينيين استطلعت «العين الإخبارية» رأيهما، يرتبط إنهاء الحرب أيضا بالعامل الدولي وخاصة الأمريكي، وثانيا بالتحركات الداخلية الإسرائيلية، ولكن الأخيرة تستهدف إعادة الرهائن وليس إنهاء الحرب، وثالثا نجاح الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي تطور ميداني يمكن أن تعتبره تل أبيب صورة انتصار لحفظ ماء الوجه أمام الشارع الإسرائيلي.
وبمرور 6 أشهر على الحرب غير المسبوقة على قطاع غزة، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق أي من الأهداف الثلاثة التي وضعتها، وهذا سبب إضافي لعدم وجود أفق لإنهاء الحرب قريبا.
غير كافية
وفي تعليقه على القضية، يرى هاني المصري، المحلل السياسي الفلسطيني، أن "الضغوط الخارجية والداخلية لا تزال غير كافية لإقناع الحكومة الإسرائيلية بوقف الحرب
ويستدرك المصري، في حديث لـ"العين الإخبارية": "لكن المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، باتوا يتحدثون علنا عن ضغوط تمارس على الحكومة الإسرائيلية من أجل وقف الحرب".
وأضاف: "ولكن هذه الضغوط الدولية لم تصل مرحلة استخدام أدوات الضغط، وهي عديدة في حال أرادت الدول اللجوء إليها، لإجبار الحكومة الإسرائيلية على وقف الحرب".
ومن جهة ثانية، لفت الخبير إلى "وجود ضغوط محلية تتصاعد في إسرائيل للمطالبة بإبرام صفقة لتبادل الأسرى، ومن الممكن أن يكون لهذا الحراك تأثير في حال ارتفع عدد المشاركين إلى مئات الآلاف من المتظاهرين، مع ملاحظة أن هذه الفئة تريد إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة ولكنها ليست ضد الحرب".
وأشار المصري إلى أنه يمكن لصفقة تبادل أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية ووقف إطلاق النار في غزة أن يمهد الطريق لوقف الحرب.
وأوضح أن "الهوة بين الجانبين لا تزال كبيرة، فحركة حماس تريد لهذا الاتفاق أن يقود لإنهاء الحرب، أما نتنياهو فهو لا يريد ذلك ويلوح بعملية عسكرية في رفح".
مخاوف
وبالنسبة للخبير الفلسطيني، فإن "نتنياهو يخشى إنهاء الحرب لأن هذا يعني فعليا الذهاب إلى انتخابات وإجراء تحقيقات في الإخفاقات الأمنية والسياسية والعسكرية الإسرائيلية والتي حتما ستؤدي إلى تغييبه عن المشهد السياسي وربما حتى سجنه إذا ما أضيف لها ملفات الفساد".
وذكر أن إسرائيل حتى الآن لم تحقق أيا من الأهداف التي وضعتها للحرب وهي القضاء على حركة "حماس" وعلى قدراتها العسكرية وإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، وهو ما يضع الحكومة الإسرائيلية في معضلة كبيرة بعد مرور 6 أشهر على الحرب.
كما استبعد المصري أن تنهي إسرائيل الحرب دون أن تتفاهم داخليا على اليوم التالي للحرب.
وقال: "هناك تباينات كبيرة بين المسؤولين الإسرائيليين حول اليوم التالي للحرب، فهناك وزراء مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ممن يطالبون بإعادة احتلال قطاع غزة وبناء مستوطنات فيها".
و"هناك من يتحدثون عن سيطرة عسكرية إسرائيلية وسيطرة مدنية لعشائر فلسطينية، وأيضا يوجد من يتحدث عن سيطرة أمنية إسرائيلية وسيطرة مدنية فلسطينية، وبالتالي لا توجد حتى الآن رؤية محددة"، وفق المصري.
واستدرك: "لكن الملاحظ أن الجميع يتحدثون عن سيطرة أمنية إسرائيلية على غزة لفترة طويلة، غير أنه كيف ستجد شريكا فلسطينيا يقبل بهذا الأمر؟".
مقاربة أمنية
من جهته، يعتبر المحلل السياسي الفلسطيني فراس ياغي، أن "إمكانية وقف إطلاق النار بعد 6 أشهر من الحرب غير واردة لأسباب عدة أهمها أن نتنياهو لا يريد ذلك حتى أنه لا يبحث عن صفقة لهدنة مؤقتة".
ويقول ياغي، لـ"العين الإخبارية"، إن نتنياهو يعتبر أن كلا الأمرين يعني انتهاء مستقبله السياسي والشخصي وانتهاء حكومته والذهاب إلى انتخابات مبكرة وهو ما لا يخدم مصالحه ولا الأحزاب في حكومته".
وأضاف: "من ناحية ثانية، فإن هناك مقاربة أمنية لدى الجيش الإسرائيلي في التعامل مع قطاع غزة ومع المنطقة ككل، وبالتالي فكما أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي سابقا بأن عام 2024 هو عام قتال".
وبالتالي، يقول، فإن "العام الحالي سيبقى عام حرب سواء في غزة أو لبنان لأن إسرائيل تريد أن تفرض سياسة صفر تهديد أمني في الضفة الغربية والقطاع ولبنان ولذلك فإن إمكانية توقف المعركة غير واردة في المستقبل المنظور".
واستدرك: "لكن المعادلة ستتغير إذا حدثت تطورات لم نشهدها منذ بداية الحرب وفي مقدمتها تغير دراماتيكي في الموقف الأمريكي من الحرب، أو في حال اندلاع حرب إقليمية تغير موازين القوى فيها وشكلها ما قد يفرض على المجتمع الدولي أن يتدخل من أجل أن يفرض وقفا كليا لإطلاق النار".
ولفت إلى أنه "إذا ما انتفض الجمهور الإسرائيلي مطالبا بوقف إطلاق النار من أجل الإفراج عن الأسرى، فإن هذا قد يحدث تغييرا في المعادلة"، مشيرا إلى أنه "بدون تغير دراماتيكي بالموقف الأمريكي وحدوث انتفاضة إسرائيلية داخلية، فإن نتنياهو وحكومته لا يريدان وقف الحرب".
aXA6IDMuMTUuMTQ5LjI0IA== جزيرة ام اند امز