«ننتظر لحظة الإعدام».. شبح الاجتياح يرعب نازحي رفح
وكأنها «لحظة الإعدام» تلك التي تتراءى بأفق مخاوف نازحي رفح في حال نفذت إسرائيل تهديداتها باجتياح مدينة تعد آخر ملاذ لهم جنوب قطاع غزة.
ويخشى مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين نزحوا إلى رفح وقوع "مجازر" في حال اجتياح المدينة، مع انعدام الخيارات المتبقية أمامهم.
وقبل يومين، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه أمر الجيش بـ"التحضير" لهجوم على رفح القريبة من الحدود مع مصر.
والمدينة باتت تستضيف أكثر من مليون شخص في ظل الدمار الواسع والمعارك في شمال القطاع ووسطه منذ اندلاع الحرب، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بين إسرائيل وحركة حماس.
وقال عادل الحج، الذي نزح إلى رفح من مخيم الشاطئ في شمال القطاع: "منذ أن هدد نتنياهو ونحن قلقون من أي اجتياح.. ستكون هناك مجازر".
وأضاف الرجل الأربعيني لوكالة فرانس برس: "هناك أعداد كبيرة من النازحين والوضع صعب لا يوجد طعام ولا مياه الآن"، متسائلا: "ماذا لو حدث اجتياح لرفح، أين سنذهب؟ لا يوجد أصلا مكان في رفح للنازحين.. أنا أعيش في خيمة".
وتكتظ المناطق الغربية لرفح بالنازحين الذين نصبوا الخيم وهياكل من أنابيب معدنية أو عصي وأغصان، ونُصبت بعض الخيم على أعمدة صغيرة من الخشب تمت تغطيتها بالنايلون أو القماش.
وآثر العديد من النازحين البقاء في غرب المدينة القريب من البحر، خشية تعرضها لاجتياح من الجهة الشرقية القريبة من الحدود مع إسرائيل.
ويوضح موظف في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) طلب عدم كشف اسمه: "لاحظنا في الأيام الأخيرة أن النازحين يفضلون النزوح من المناطق الشرقية الجنوبية في رفح باتجاه المناطق الغربية... يعتقدون أن أي اجتياح سيبدأ من شرق رفح".
ومن هؤلاء أم أحمد البرعي (59 عاما)، وهي نازحة من مخيم الشاطئ بمدينة غزة تقيم مع بناتها الأربع وثلاثة من أحفادها في هيكل من النايلون قرب مستشفى قطر الذي لم يكتمل بناؤه في غرب رفح.
وتقول "كنت مع بناتي في بلدة الزوايدة (وسط القطاع) ثم نزحنا إلى خان يونس (جنوب) ثم جئنا لمنطقة خربة العدس (في شمال شرق) رفح، وأمس جئنا إلى المستشفى القطري عند أختي وعائلتها لأن نتنياهو هدد بعملية في رفح".
وتضيف: "لا يوجد مكان آمن في كل قطاع غزة، وإذا هجموا على رفح سوف تُرتكب مجازر كبيرة وإبادة.. لا أعرف إذا كنا سنستطيع الهروب إلى مصر أم ستصل إلينا المجازر".
"ننتظر لحظة الإعدام"
تدرجت العمليات العسكرية الإسرائيلية بداية من شمال القطاع ومدينة غزة، وصولا إلى المناطق الوسطى خصوصا مخيمات اللاجئين، وبعدها خان يونس كبرى مدن الجنوب والتي تشهد منذ أسابيع قصفا مكثفا ومعارك ضارية.
وتزداد المخاوف منذ أيام من هجوم إسرائيلي على مدينة رفح التي تغصّ حاليا بأكثر من 1,3 مليون نازح، وفق أرقام الأمم المتحدة، يشكّلون أكثر من نصف سكان القطاع البالغ 2,4 مليون يعانون أوضاعا إنسانية كارثية.
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من "تداعيات إقليمية لا تحصى" للهجوم على رفح، ورأى أن "عملا مماثلا سيزيد في شكل هائل ما هو أصلا كابوس إنساني".
ويسأل جابر أبو علوان (52 عاما) الذي نزح من خان يونس "إذا اقتحم الجيش الإسرائيلي رفح أين نذهب؟ كل بيوتنا مهدمة"، مضيفا "نحن ننتظر الموت، ننتظر لحظة الإعدام".
وأكد أن حدة القصف على رفح ارتفعت بعد التصريحات الأخيرة لنتنياهو.
والأربعاء، أعلن نتنياهو أنه أمر الجيش "بتحضير عملية في رفح، وكذلك في مخيمين (للنازحين)، آخر المعاقل المتبقية لحماس"، معتبرا أن "الرضوخ" لمطالب الحركة سيؤدي إلى "مجزرة أخرى وكارثة بالنسبة إلى دولة اسرائيل لن يقبل بها أي من مواطنيها".
خوف "من المجهول"
يأتي التلويح الإسرائيلي بشنّ عملية في رفح في وقت تكثّف فيه الولايات المتحدة وقطر ومصر جهودها لدفع طرفي الحرب إلى هدنة جديدة طويلة تتيح الإفراج عن مزيد من الرهائن الإسرائيليين وإطلاق معتقلين فلسطينيين، وإيصال مزيد من المساعدات الإنسانية لسكان القطاع.
وبدأت في القاهرة الخميس جولة جديدة من المفاوضات برعاية مصرية-قطرية من أجل "تهدئة" الأوضاع في قطاع غزة، حسب ما قال مسؤول مصري لفرانس برس.
فيما أكد مسؤول مقرب من حماس أن الحركة ما زالت ترغب في مناقشة وقف إطلاق النار بعد رفض إسرائيل مقترحاتها الأولية.
وبين المسارين الدبلوماسي والعسكري، يبقى الترقب سيد الموقف في رفح، ويقول محمد الجراح الذي نزح مع عائلته من خان يونس إلى رفح، إن ما أدلى به نتنياهو "أحبطنا أنا والعائلة".
ويوضح: "ثمة خوف ورهبة من المجهول. بعد رفح لا أعرف أين نذهب، يبدو أن العملية على رفح اقتربت لأن القصف ازداد كثيرا وهذا يخيف الناس".
aXA6IDEzLjU5LjEyNy42MyA= جزيرة ام اند امز