5 جنرالات هزموا نابليون.. لحظات انكسار صنعت مجدا

يُعتبر نابليون بونابرت أحد أبرز القادة العسكريين في التاريخ، إذ خاض ما يقرب من 80 معركة خلال مسيرته، ولم يُهزم سوى في عشر منها فقط.
وبرغم هذا السجل العسكري الاستثنائي، كان القادة الذين تمكنوا من إلحاق الهزيمة به، ألمع القادة العسكريين في أوروبا في عصرهم، ونجاحهم ضده شكّل لحظة فارقة في التاريخ، بحسب موقع كولكتور المعني بالتاريخ.
1 - الأرشيدوق تشارلز، أول من هزم نابليون في معركة نظامية
يُعد الأرشيدوق تشارلز، شقيق الإمبراطور النمساوي فرنسيس الأول، من أبرز القادة العسكريين في النمسا خلال الحروب الثورية والنابليونية.
وفي عام 1796، ألحق الهزيمة بالجنرالين الفرنسيين جوردان ومورو، مما منحه سمعة قوية في الأوساط العسكرية.
وفي عام 1809، رغم معارضته للحرب، تولّى قيادة الجيش النمساوي ضد نابليون وتمكّن من إلحاق أول هزيمة مباشرة به في معركة آسبيرن-إسلنغ، عندما أجبر نابليون على التراجع في فيينا. كانت هذه المرة الأولى منذ عام 1799 التي يُجبر فيها نابليون على الانسحاب.
إلا أن هذا المجد لم يدم طويلاً؛ ففي معركة واغرام بعد ستة أسابيع، تعرّض للهزيمة، ما دفعه إلى الاستقالة من مناصبه العسكرية.
2 - ميخائيل كوتوزوف، الجنرال الذي أرهق نابليون في روسيا
حين اجتاح نابليون روسيا في يونيو 1812، عيّن القيصر كوتوزوف قائدًا عامًا للجيش الروسي في أغسطس/ آب من العام نفسه. وفي معركة بورودينو الشهيرة يوم 7 سبتمبر/ أيلول، اصطدم الجيشان الفرنسي والروسي في مواجهة دموية لم تُسفر عن نصر حاسم.
وبعد أن خسر الطرفان آلاف القتلى والجرحى، قرر كوتوزوف الانسحاب مجددًا، متجهًا نحو موسكو التي تخلّى عنها لاحقًا دون قتال.
ومع انعدام المواقع الدفاعية المناسبة، انسحب كوتوزوف إلى تاروتينو، فيما دخل نابليون موسكو آملًا في مفاوضات سلام لم تأتِ. وبعد ستة أسابيع من الانتظار، بدأ نابليون انسحابه نحو الجنوب لإعادة تموين قواته، لكن كوتوزوف اعترض طريقه في مالوياروسلافيتس، في معركة شرسة تناوب الطرفان على السيطرة فيها.
وعلى الرغم من انسحاب الروس في نهاية اليوم، فرض كوتوزوف على نابليون تغيير مساره نحو الغرب، في اتجاه سمولينسك.
وفي طريقه إلى سمولينسك، واجه نابليون كمائن روسية متتالية، أبرزها في كراسني، حيث تكبّدت قواته خسائر فادحة بين 15 و18 نوفمبر/ تشرين الثاني. ورغم نجاح بعض قادة نابليون، مثل المارشال ناي، في الانسحاب بصعوبة، إلا أن الحملة الفرنسية كانت في حالة انحدار حاد.
وفي معركة بيريزينا أواخر نوفمبر، تمكن نابليون من الفرار مع ما يقرب من 30 ألف رجل عبر النهر، رغم تطويق ثلاث جيوش روسية للمنطقة. وقد تعرض كوتوزوف لانتقادات حادة بسبب فشله في القضاء النهائي على الجيش الفرنسي.
استمر كوتوزوف في قيادة الجيش الروسي خلال مطلع عام 1813، لكنه توفي في 28 أبريل بمدينة بونزلاو (بوليسلاويك حاليًا، بولندا) بعد صراع مع المرض، دون أن يشهد النصر النهائي على نابليون في لايبزيغ.
ورغم ذلك، بقي يُذكر كمهندس الانتصار الروسي الأكبر على نابليون، ورمز للقيادة المتأنية التي تضع استنزاف العدو فوق المجد الفوري.
3 - كارل فون شفارتزنبرغ: مهندس الهزيمة الكبرى في لايبزيغ:
كان النمساوي كارل فيليب فون شفارتزنبرغ من كبار النبلاء العسكريين في الإمبراطورية، ولعب دورًا محوريًا في هزيمة نابليون خلال الحملة الألمانية عام 1813.
وبعد فشل مفاوضات السلام، قاد جيوش التحالف السادس في "معركة الأمم" في لايبزيغ، التي تُعد أضخم مواجهة عسكرية في أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى.
تابع شفارتزنبرغ قيادة الحملة حتى عام 1814، حيث ألحق بنابليون هزائم متتالية في بار-سور-أوب وأركي-سور-أوب، ثم قاد زحف التحالف نحو باريس.
وأدى سقوط العاصمة إلى تنازل نابليون عن العرش ونفيه إلى جزيرة إلبا، في واحدة من أبرز التحولات في التاريخ الأوروبي الحديث.
4 - غبهارد فون بلوخر: القائد الذي أنقذ معركة واترلو
كان الجنرال البروسي غبهارد ليبريشت فون بلوخر، معروفًا بشجاعته الاندفاعية. ورغم هزيمته المبكرة في أويرشتادت عام 1806، عاد ليلعب دورًا حاسمًا في حملة 1813، وشارك في النصر على نابليون في لايبزيغ.
وفي حملة فرنسا 1814، هُزم في البداية خلال "حملة الأيام الستة" الشهيرة، لكنه سرعان ما استعاد زمام المبادرة وواصل التقدم نحو باريس.
أما ذروة مجده فجاءت عام 1815 في معركة واترلو، حيث تمكن رغم إصابته في معركة لينيي قبل يومين، بالوفاء بوعده لويلينغتون وظهر في الوقت الحاسم، مما رجّح كفة التحالف وأدى إلى الهزيمة النهائية لنابليون.
5 - آرثر ويلزلي، دوق ويلينغتون، الخصم البريطاني العنيد
كان القائد البريطاني آرثر ويلزلي، المعروف لاحقًا بدوق ويلينغتون، من ألدّ خصوم نابليون وأكثرهم فاعلية. قاد سلسلة من الحملات الناجحة ضد الفرنسيين في إسبانيا والبرتغال خلال حرب شبه الجزيرة (1808-1814)، وتمكن من طردهم تدريجيًا من شبه الجزيرة الأيبيرية.
وعندما عاد نابليون من منفاه عام 1815، عُيّن ويلينغتون قائدًا لقوات التحالف في بلجيكا. وفي معركة واترلو، استخدم تكتيك "المنحدر العكسي" لإخفاء قواته من المدفعية الفرنسية، وتمكّن من الصمود أمام الهجمات المتكررة حتى وصول قوات بلوخر.
بعد صد الحرس الإمبراطوري الفرنسي، شن ويلينغتون هجومًا مضادًا أنهى المعركة. وقد وصف هذا اليوم بقوله: "كانت أقرب معركة إلى الهزيمة دون أن نخسر".
كانت واترلو آخر معركة يخوضها، لينتقل بعدها إلى الحياة السياسية ويشغل لاحقًا منصب رئيس الوزراء البريطاني.