«مواعدة» على طريقة «الجيل Z».. قبلة حياة إضافية لـ«الناتو»
على طريقة "المواعدة دون التزام" يرسم البعض طريقا عصريا لحلف شمال الأطلسي، لجذب اهتمام الجيل Z وضمان العيش لـ150 عاما.
بلغ حلف شمال الأطلسي "الناتو" 75 عاما هذا العام، ما يراه البعض دلالة على أهمية التحالف عبر الأطلسي بالنسبة لأمن الولايات المتحدة والأمن العالمي.
فأكثر من 7 عقود من التنسيق بين الحلف لحل أصعب التحديات في العالم لا يسمح بالتقليل منه، لكن بالنسبة لآخرين فإن عمر الحلف دليل أيضا على عدم أهميته المتزايدة، لأنه يشبه مواطنا مسنا يهز عصا في عالم مضطرب.
ولأي عدد من الأسباب الجيوسياسية تنبأ النقاد بشكل خاطئ بزوال حلف "الناتو" لعقود من الزمن، ومع ذلك تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن هناك شيئا أعمق من ذلك عندما يتعلق الأمر بكيفية تفكير الفئات العمرية المختلفة في الحلف.
واكتشف استطلاع صندوق مارشال الألماني لاتجاهات عبر الأطلسي لعام 2023، أن المستجيبين الأصغر سنا يرون أن حلف الناتو أقل أهمية، وأن النفوذ الصيني والروسي أكثر إيجابية، من الأجيال الأكبر سنا.
وبعبارة أخرى، فإن الجيل "Z" لا يقتنع بالضرورة بالافتراضات التي يتبناها الكثير منا نحن كبار السن، حول الأهمية الدائمة لحلف "الناتو".
"مواعدة دون التزام"
إذ بحث المرء عن "ناتو وجيل زد" على محرك غوغل، سيكتشف أن ناتو هو مصطلح مواعدة يعني بالنسبة لهذا الجيل "مواعدة غير مرتبطة بنتيجة ما"، أي مواعدة دون هدف نهائي محدد مثل الزواج، ودون التزام.
في سياق مواز يرتبط حلف "الناتو" إلى حد كبير بنتائج استراتيجية معينة: ردع روسيا، والتصدي لتغير المناخ، وتعزيز الديمقراطية، ومكافحة الاستبداد، هي بعض الأولويات الرئيسية للحلف.
ولكن إذا أخذنا خطوة إلى الوراء وفكرنا فيما يتطلبه الأمر بالنسبة للحلف حتى يعيش 75 عاما أخرى، فقد يكون من المفيد أن يفكر الحلف ودوله الأعضاء في تطبيق فلسفة مصطلح الجيل زد، ويكون عمله "غير مرتبط بنتيجة".
بناء على ربط حلف "الناتو" بدلالة مصطلح المواعدة الذي يستخدمه الجيل Z، اقترح تقرير لـ"فورين بولسي" سلسلة من الإجراءات لمنح الحلف هامش حياة جديدا، بالتزامن مع قمته الجارية في واشنطن.
إعداد خيارات جيدة
غالبًا ما تتوقف تجربة المواعدة الإيجابية على وجود موارد كبيرة ومرنة؛ فأنت لا تعرف أبدًا متى ستلتقي بشخص ما، ولا تدفع لحظات العشاء المشترك ثمنها بنفسها.
وبتطبيق ذلك على حلف الناتو، تحتاج الدول إلى التفكير في كيفية بناء قدرات قوية ومرنة تمنح صانعي القرار الحاليين والمستقبليين القدرة على اغتنام الفرص الحرجة.
وبينما يُعد الإنفاق الدفاعي عنصرًا حاسمًا في بناء الخيارات المستقبلية، فإن تطوير قدرة الناتو على الاستجابة للتحديات الأوسع نطاقًا التي ليست عسكرية بحتة، بل تشمل تعزيز البنية التحتية المدنية وبناء القدرة على الصمود.
بناء التناغم
وفيما تعد المحاضرات أحادية الجانب وسيلة رائعة لإنهاء الموعد الغرامي الأول بشكل مفاجئ، فإن التحدث إلى الجماهير والقول إن حلف الناتو يعمل على أمور مهمة للغاية أمر ضروري ولكنه غير كافٍ.
وفي نهاية المطاف، فإن بضع كلمات في بيان القمة ليس لها معنى عملي يذكر بالنسبة للغالبية العظمى من الجمهور عبر الأطلسي. وبدلاً من ذلك، يجب على حلف الناتو، وفي مقدمته الدول الأعضاء، إشراك مختلف أصحاب المصلحة في سياساتهم بشكل أفضل وأكثر فاعلية لفهم كيفية رؤيتهم للعالم وكيف يمكن أن يكون حلف الناتو ذا صلة بمواجهة التحديات.
كما يجب البحث عن التحديات التي تلقى صدى في مجتمعاتنا، ثم تحديد الدور الذي يمكن أن يلعبه "الناتو" في مواجهتها.
كن منفتحا على الارتباط، ولكن كن مستعدا للابتعاد
عدم التعلق بنتيجة ما يعني أن تكون مستعداً لمتابعة العلاقة طالما بقيت قائمة، ولكن ليس أكثر من ذلك.
وبينما يتطلع حلف "الناتو" إلى المستقبل، ينبغي عليه أن يتابع شراكاته المؤسسية طالما ظلت المشاعر جيدة داخله.
على سبيل المثال، يقوم الناتو في الوقت الحالي ببناء علاقات مع أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية لأنها ديمقراطيات متشابهة في التفكير ولديها رؤى وقدرات مفيدة لمساعدة الحلف في مواجهة التحديات العالمية الصعبة. ومع ذلك، يجب على الحلف أيضًا أن يتحرك بسرعة أكبر عندما تتغير الظروف.
ويمكن القول إن الناتو كان بطيئًا في إدراك التهديد الناشئ من موسكو، وتجد العديد من الدول الأعضاء فيه صعوبة في تحصين نفسها ضد خطر الإكراه الاقتصادي والسياسي الصيني.
لذلك، فإن تعزيز قدرات الإنذار المبكر وتبادل المعلومات الاستخباراتية يمكن أن يساعد الحلف بشكل مفيد على فهم متى يحين وقت الابتعاد، ومتابعة خيارات أخرى.
ركز على الفوائد وليس على الأعباء
هناك طريقة أخرى جيدة للخداع: تركيز المحادثات على عيوب المرء بدلاً من التركيز على نقاط قوته.
ولعقود من الزمن، وتحت شعار تقاسم الأعباء بشكل أفضل، دأبت الولايات المتحدة على انتقاد الحلفاء الأوروبيين بشأن الإنفاق الدفاعي وعدم قدرة القارة مجتمعة على تحقيق آثار عسكرية.
لذلك لا ينبغي أن يكون من المستغرب أن يكون العديد من صانعي السياسات -لا سيما في واشنطن- مقتنعين بأن حلفاء الناتو يقوم فقط على السخاء العسكري الأمريكي.
ومع ذلك، وجدت دراسة حديثة لصالح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن ما لا يقل عن 25 من حلفاء "الناتو" ينفقون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على برامج ذات فائدة لبرامج الأمن القومي. وبعبارة أخرى، يتحمل الحلفاء مسؤولية الأمن الجماعي.
هذا التحليل يعد قصة إخبارية جيدة ويسلط الضوء على أن حلف الناتو لديه الكثير ليقدمه في عالم اليوم، وهو ما يجب التركيز عليه بدلا من التركيز على العيوب فقط.
"كن صادقا"
إن العديد من المحادثات حول "الناتو" هي محادثات تقنية بطبيعتها: ما هو العمل الذي يقوم به الحلفاء في قضية معينة أو من أنفق ماذا على القدرات العسكرية أو التقنيات المتقدمة؟
ولكن في نهاية المطاف، فإن التحالفات في نهاية المطاف هي تحالفات مصنوعة من الناس، فهي عبارة عن مواثيق متعددة الأوجه بين المواطنين والحكومات وفيما بينهم لبناء عالم أفضل.
وفي نهاية المطاف أيضا، يجب أن يكون التحالف حول الشعوب التي يخدمها والأشخاص الذين يعملون من أجل التحالف ويخدمونه ويركزون عليه، ولا يركز على التقنيات فقط.
ووفق فورين بولسي، فإن مدة بقاء الناتو واستمرار أهميته ليس أمراً مفروغاً منه، وربما لم يكن كذلك أبدا، لذلك إذا أراد "الناتو" أن يكمل 150 عاما من عمره، يجب أن تبني الأجيال الجديدة فهمها الخاص لسبب كون الحلف شراكة مفيدة للأمن القومي.
aXA6IDE4LjE4OC4xNTQuMjM4IA== جزيرة ام اند امز