السيارات الألمانية تعاني.. درة تاج الصناعة الأوروبية تسرح آلاف الموظفين

أثقلت عاصفة من التحديات الاقتصادية كاهل قطاع السيارات الألماني، الذي فقد عشرات الآلاف من الوظائف على مدار عامٍ حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي.
وخلال تلك الفترة، شهد قطاع السيارات الألماني، أحد أكبر القطاعات الصناعية في الدولة الأوروبية، تسريحات في الوظائف قاربت 7% من القوى العاملة، أي ما يعادل حوالي 51,500 وظيفة، وفقًا لتحليل جديد من شركة EY استنادًا إلى بيانات من مكتب الإحصاء الألماني Destatis.
وأشارت الدراسة إلى أن إجمالي فقدان الوظائف في جميع أنحاء صناعة السيارات الألمانية بلغ حوالي 114,000 وظيفة خلال 12 شهرًا حتى 30 يونيو/حزيران من هذا العام، وتشير الأرقام إلى أن قطاع السيارات تكبد ما يقرب من نصف هذه التخفيضات.
وضع صعب
وذكر التقرير، وفقًا لشبكة CNBC، "لم يسجل أي قطاع صناعي آخر مثل هذا الانخفاض الكبير في التوظيف، وأشارت الدراسة إلى أنه تم إلغاء 112,000 وظيفة في قطاع السيارات، مقارنة بفترة 2019 التي سبقت جائحة كوفيد-19.
وصرح يان بروهيلكر، الشريك الإداري لقسم التأمين في شركة EY بألمانيا، في بيان صحفي، بأن تخفيضات الوظائف جاءت استجابة للوضع الصعب الذي تمر به صناعة السيارات الألمانية.
وقال، وفقًا لشبكة CNBC: "إن الانخفاضات الهائلة في الأرباح، والطاقة الإنتاجية الفائضة، وضعف الأسواق الخارجية تجعل من المستحيل تجنب انخفاض ملحوظ في الوظائف".
وأشار تقرير EY أيضًا إلى أن إيرادات القطاع انخفضت بنسبة 1.6% في الربع الثاني من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
ومن بين الشركات الألمانية العملاقة في صناعة السيارات، شركة فولكسفاغن، التي أعلنت عن انخفاض حاد في أرباح الربع الثاني وخفضت توقعاتها للعام بأكمله.
ويعد هذا الانخفاض في قطاع السيارات انخفاضًا طفيفًا مقارنةً بانخفاض الإيرادات بنسبة 2.1% الذي تواجهه الصناعة الألمانية ككل.
صراعات متصاعدة
ولطالما واجهت صناعة السيارات الألمانية تحديات كبيرة، مثل المنافسة الصينية الشرسة على التكاليف والابتكار، بالإضافة إلى صعوبات في تحقيق تقدم في سباق السيارات الكهربائية، وهو ما عزاه بعض مصنعي السيارات والمحللين إلى بيروقراطية الحكومة الفيدرالية واللوائح التنظيمية.
وفاقمت السياسة التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هذه المخاوف، فألمانيا، وخاصةً قطاع السيارات فيها، تعتمد بشكل كبير على التصدير، وتعتبر الولايات المتحدة من أكبر أسواقها، حيث لطالما اعتُبرت علامة "صنع في ألمانيا" دليلاً على الجودة.
وأظهرت بيانات حديثة من مكتب الإحصاء الألماني (Destatis) أن صادرات السيارات وقطع غيارها إلى الولايات المتحدة انخفضت بنسبة 8.6% في النصف الأول من عام 2025، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.
كما حذّرت شركات صناعة السيارات مرارًا وتكرارًا من التأثير المحتمل للرسوم الجمركية وما يحيط بها من حالة من عدم اليقين.
اضطرابات الرسوم الجمركية
وقد ينعم القطاع ببعض الراحة بعد ظهور تفاصيل اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا الشهر.
وستخضع السيارات لرسوم جمركية بنسبة 15%، ولكن فقط بعد أن يُجري الاتحاد الأوروبي تغييرات تشريعية لخفض الرسوم الصناعية.
كما شكل وضع الاقتصاد الألماني العام عبئًا على قطاع السيارات، حيث من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد في عامي 2023 و2024. ويبدو أن هذا العام يشهد بداية بطيئة أيضًا، فبعد أن سجل أكبر اقتصاد في أوروبا نموًا في الربع الأول، أشارت أحدث الأرقام للربع الثاني إلى انخفاض بنسبة 0.3%.
وبالنظر إلى المستقبل، يتوقع بروهيلكر من EY أن تظل صادرات السيارات الألمانية إلى كل من الولايات المتحدة والصين تحت الضغط، حيث تتأثر الأولى بالرسوم الجمركية، بينما تتأثر الثانية بضعف الطلب، وهو أيضًا قضية محلية.
وأضاف بروهيلكر أنه في ظل خضوع العديد من الشركات الصناعية الألمانية العملاقة حاليًا لبرامج إعادة هيكلة أو خفض التكاليف، "سيستمر انخفاض عدد الوظائف في هذا القطاع".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAg جزيرة ام اند امز